* احتواء التطرف بكشف مخططه واحتواء طموحات الجارين العراق وايران * مشاكل الحدود عقبة أمام الوحدة والحساسيات لا تلغي الشعور بالمصير المشترك سألت وزير اعلام خليجياً عن شعار قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عشية بدء أعمالها في المنامة الاثنين، التاسع عشر من الجاري. فأجاب: انها القمة الخامسة عشرة. قلت: اعرف ذلك. لقد درجتم في السنوات الأخيرة على ربط كل قمة بشعار. وأذيع ويذاع ان قادة الدول الست سيبحثون في جدول أعمال يكاد يكون هو نفسه من عام الى عام، وثمة مواضيع فيه تتكرر من سنوات، مثل الاقتصاد والاتفاقية الاقتصادية والأمن والاتفاقية الأمنية ومسألة العلاقات مع ايران، وأخيراً قضية العراق والتسوية في الشرق الأوسط، أو بالأصح "التطبيع مع اسرائيل"، انطلاقاً من المفاوضات المتعددة وما بدأ يتجاوز اجتماعاتها المعلنة. أجاب: هذا سؤال يجب أن يوجه الى الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور فاهم القاسمي... لكنني واثق من أنه لن يعلّق. انه لا يحب التصريحات، ويفضل الابتعاد عن الصحافة بخلاف سلفه السيد عبدالله بشارة الذي كان مولعاً باطلاق الشعارات، ربما انطلاقاً من ايمان بمسيرة التعاون وحماسة لها تعكس حماسة ابناء المنطقة لوحدتهم، وان كان في بعض ولعه وجه من حب الأضواء. لذلك ترى الخليجيين كأنهم أصيبوا بخيبة أمل. فالشعارات كبيرة بحجم الآمال... لكن ما تحقق حتى الآن كان دون ذلك. وأضاف الوزير الخليجي: اذا كان لا بد من شعار للقمة فليكن "الحفاظ على القائم" حتى تنجلي الصورة وتستقر الظروف والمتغيرات ويهدأ الضجيج، العسكري في الخليج، والديبلوماسي في الشرق الأوسط. وأكد ان المطلوب من مجلس التعاون أن يكون أكثر واقعية. وكنت سألت ديبلوماسياً خليجياً رافق مسيرة المجلس منذ انطلاقها، ماذا يتوقع من القمة الخامسة عشرة، فأجاب: "باختصار كل شيء معلق على حل المسائل الحدودية". وأشار الى النزاع الدائم بين البحرين وقطر على الحدود، والى اعتراض كل من سلطنة عمان وقطر وتحفظهما عن الاتفاقية الحدودية بين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وايداعها بعد نحو عشرين عاماً على ابرامها وثيقة من وثائق الأممالمتحدة. وأشار، بنظرة تشاؤمية الى تخلف وزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني عن اجتماع وزراء الداخلية الخليجيين الذي أوصى برفع الاتفاقية الأمنية الى قادة القمة، والى امتناع الكويت عن الموافقة على مشروع الاتفاقية مفضلة التريث. لأن المادة 28 منها التي تنص على وجوب تبادل تسليم المواطنين المطلوبين تتعارض مع نص المادة 28 من الدستور الكويتي التي لا تجيز ابعاد الكويتي عن بلده أو منعه من العودة اليها. صباح الأحمد : ليس جديداً وعندما سألت "الوسط" النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الصباح عن هذا الموقف، اجاب: "ان تحفظ الكويت عن المادة 28 ليس جديداً. نحن أكثر الناس حرصاً على الأمن الجماعي. لكن النصوص الدستورية والاشتراعية تجعل الحكومة غير قادرة على التوقيع قبل ان يقر مجلس الأمة تعديلاً دستورياً" يسقط الموانع والحواجز القانونية. وأضاف: "يجب ألا نؤخر الاتفاقية. التحفظ لا يؤخر اقرارها. ان تحفظ أي دولة على مادة لا يمنع سير الاتفاقية الى أن يأتي يوم يكون فيه كل بلد قادراً على التزامها بعد أن يهيئ له الدستور ذلك". وبدا شيخ الديبلوماسيين العرب وأعتق وزراء الخارجية في العالم متفائلاً بمسيرة مجلس التعاون. قال: "هل نكون غير الآخرين؟ ليس هناك تجمع اقليمي من دون خلافات وسوء فهم وتفاهم. هاكم التجمع الأوروبي وما يعتريه من خلافات. اننا في مجلس التعاون أفضل من الآخرين، والحمد لله. اننا متفقون على الهدف. وستبقى هذه الدول الست متعاونة حفاظاً على مصلحتها ومصلحة شعوبها. وليس من الحكمة تحميل أي دولة مسؤولية ما يجري احياناً من تأخير أو خلافات عارضة، فبعض التحفظات من حق أي بلد". لماذا التحفظ؟ لكن وزير الاعلام الخليجي ابتسم عندما سألته عن الاتفاقية الأمنية. وقال هناك اتفاقات أمنية ثنائية بين دول المجلس، والمفترض ان الاتفاقية المشتركة ستحل محلها، فأين المشكلة؟ ولاحظ ان موقف الكويت من المادة 28 ليس جديداً. لكنه تساءل: لماذا التأخير في ما يجب تعديله في الدستور الكويتي، ما دامت القضية قديمة؟ وزاد مستغرباً: ان في الكويت وجوداً لقوات اجنبية، فلماذا هذه القيود في وجه أمن خليجي عربي؟ ويعتقد مصدر خليجي ان بعض التحفظات على الاتفاقية سببها ان المدى التي تسمح به دولة بتغلغل قوات دولة أخرى في أراضيها ليس متكافئاً اذا وضع في الاعتبار صغر مساحة بلد في مقابل كبر مساحة بلد آخر! وسألت "الوسط" المصدر ألا يعتقد بأن وجود خلافات في أي تجمع أمر صحي، فعلق: "صحيح لكن المشكلة عندنا ان الخلافات "الرسمية" تنتقل الى المواطنين في ما يشبه العدوى. ألم تسمع كيف يتحدث الناس في هذه الدولة عن ناس تلك الدولة، كأن في الأمر تعبئة"! لكن مسؤولاً آخر رأى في هذا الوصف مبالغة، معتبراً "ان هذا الوضع طبيعي أيضاً. انظر أوروبا وما كان بين شعوبها من حروب ودماء، وما لا يزال من حروب بأوجه أخرى. ومع ذلك لم تنفجر وحدتها، بل تتقدم". العجز في الموازنات المواطنون بالطبع لا يتوقفون عند مثل هذه المقارنة والتشبيه. ولا يعيرون أهمية ل "الحزازات" و"المشاعر" المتوارثة كالتقاليد. فهم يتمنون مثلاً لو يجيبهم وزير اقتصاد وتجارة خليجي أو رجل أعمال من ابناء المنطقة عن الاتفاقية الاقتصادية و"ثمارها" وخططها... ويلاحظ بعضهم ان ثمة دولاً يبحث ابناؤها من ذوي الشهادات أو المهارات العالية عن العمل، وتقفل أسواق ومؤسسات في وجههم في دول أخرى، تنتمي الى المجلس. وتضع عوائق في وجه تنقلهم. وتفضّل عليهم مهارات من خارج المنطقة، بل من خارج العالم العربي حتى ان الأمر يتجاوز الاستعانة باليد العاملة الوافدة من آسيا، من الهند وباكستان وبنغلادش وسري لانكا والفيليبين. والحديث عن الأزمة الاقتصادية لا يغيب عن أي مجلس أو ديوانية في دول الخليج. وتتفاوت حرارته بتفاوت حدة الأزمة بين بلد وآخر. فالموازنات في معظم هذه الدول تعاني عجزاً مالياً، لذلك لجأت الحكومات الى عصر النفقات وسياسات الترشيد. وأسباب العجز كثيرة بينها طبعاً نفقات حرب الخليج الثانية، بعد الأولى، وتدني أسعار النفط... وبينها أساساً ما يتعامى عنه بعض المراقبين والمحللين عمداً أو جهلاً وهو انفاق دول المنطقة مبالغ طائلة على مشاريع عملاقة ضخمة كانت ضرورية لإقامة البنى التحتية لمدن تضاهي اليوم بتنظيمها وخدماتها أرقى عواصم الدول المتقدمة، فضلاً عن المنشآت والمرافق من مطارات ومرافىء ومستشفيات وجامعات ومدارس وشبكة مواصلات بآلاف الكيلومترات، وهذا ليس بالأمر السهل في بلد كالسعودية مثلاً التي تكاد مساحتها توازي مساحة اوروبا الغربية. ناهيك عن المبالغ السخية التي منحتها الدول الخليجية لعدد وافر من الدول العربية والاسلامية حيث ساهمت في انشاء مشاريع خدمات ومشاريع انمائية، وفي دعم قضايا هذه الدول وحقوقها. وبين الأسباب أيضاً الانفاق على التسلح لتعزيز الأمن الوطني وحماية الثروة الوطنية. وهو أمر تبرره الحربان المدمرتان اللتان عصفتا بالمنطقة في خلال عقد واحد من الزمن، ولا تزال تفرضه التهديدات والتحديات والأطماع. اجراءات جماعية وحلول وإذا كان بعض الأوساط الخليجية السياسية يسجل مآخذ على توجه كل دولة الى بناء قدراتها الذاتية بدل تعزيز قوات درع الجزيرة ورفع عديدها وعتادها لتصبح قوة رادعة قادرة على مواجهة التحديات والمفاجآت، فإن مصادر عسكرية عليا لا ترى في بناء هذه القوى سوى تعزيز لقدرات المنطقة مجتمعة، وإن كانت المشكلة في تلكؤ دول خليجية في تخصيص "درع الجزيرة" بوحدات ترفع عديدها وعتادها على طريق بناء الجيش الخليجي المشترك. ويرى اقتصاديون ان ما تتخذه كل دولة خليجية منفردة للخروج من العجز لن يكون مستقبلاً بديلاً من اجراءات جماعية مشتركة تفرضها أولاً النتائج السلبية لهذا العجز على مستوى المواطنين ومحاولات قوى سياسية وايديولوجية استغلال هذا الأمر على مستوى منطقة الخليج كلها. وتفرضها ثانياً التحولات التي يشهدها الشرق الأوسط على مستوى التسوية، والآليات الجماعية التي مهّد المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال افريقيا لاطلاقها يوم انعقاده أواخر تشرين الأول اكتوبر في الدار البيضاء. وتعتقد هذه الأوساط بأنه لا بد من اتفاقية اقتصادية خليجية مشتركة على مستوى المتغيرات. ولا بد من مواجهة العجز باجراءات سريعة قبل استفحاله وتراكم الدين الخارجي، وان كانت مصادر الثروة في المنطقة لا تنذر بأزمات خانقة كما يروج بعض الاعلام الغربي لأسباب... سياسية أكثر منها اقتصادية. ويجزم فريق واسع من الاقتصاديين في المنطقة التقت "الوسط" عدداً منهم، بأن السلطات المعنية في دول الخليج ستجد نفسها ملزمة اعتماد حلول لا مفر منها، مثل خفض تمويل الحكومات قطاع الخدمات ووقف دعم عدد من السلع الغذائية وغير الغذائية، على طريق دفع المواطنين الى المساهمة في الخروج من العجز، وتعوّد دفع الرسوم في مقابل الخدمات كما هي الحال في كل مجتمعات العالم. ودفعهم أيضاً الى التخلي عن بعض عادات البذخ غير المبررة. وتدرك أوساط سياسية معنية ان مثل هذه الاجراءات ليس مؤلماً الى الحد الذي يحذر منه بعضهم، وان كان سيترك تململاً قد تلجأ قوى التشدد والتطرف الى استغلاله سياسياً. لذلك تعتقد بأن الخطوات لتفعيل دور مجالس الشورى نحو مزيد من المشاركة كفيل بقطع الطريق على هذه القوى. وتعتقد أيضاً بأن المزيد من الانفتاح على مستوى الاعلام كفيل برد التحدي. وتستشهد بتجربة الصحافة في الكويت حيث يخوض بعض الجرائد والاقلام مواجهة ضايقت وتضايق المتشددين والمتطرفين وتدفع إلى تقليص نفوذهم ومساحة نشاطاتهم. وتمثل ذلك في اضعاف مواقعهم داخل الوزارة ومجلس الأمة والجمعيات الأهلية والاتحادات. العنف مستبعد ولكن على رغم ان "الصراع" مكشوف وعلني، والحوار كذلك بين الليبيراليين والمتشددين، ولم يرق الى مستوى المواجهة العنفية، فإن ثمة قلقاً في بعض الأوساط الكويتية والخليجية من احتمال الانجرار الى شيء من العنف، اذا استمر انحسار تيار التطرف على المستوى الشعبي. ويشير القلقون مثلاً الى تعرض محل الفنان عبدالله الرويشد قبل أسابيع لوابل من الرصاص بعدما صوّر لقطات من احد أعماله أمام مركز الطب الاسلامي. وكتب عبداللطيف الدعيج، أحد المعلقين في "القبس" يوم الثلثاء 29 من الشهر الفائت، مقالة بعنوان "ليس إلا وابلاً من الرصاص" علق فيها على الحادث. وعدّد 15 حادثة مماثلة وقعت خلال 11 شهراً. وختم المقالة: "هذه كانت حصيلة أحد عشر شهراً فقط، أي أقل من عام. وهي كما قلت مما توافر لدي شخصياً وما استطعت بشكل فردي احصاءه. وبعد مراجعتها وبعد التوكل على الله أعلن ان الكويت خالية من الارهاب، وان التطرف الذي ندعمه ونموله مالياً هو حوالينا وليس عندنا وان الحمد لله على كل حال". وفي العدد نفسه من "القبس" كتب حسن العيسى مقالة هاجم فيها من سماهم "الاشاوس الدعاة" وقال: "سمعنا وقرأنا رأي الاشاوس الدعاة لما استشاطوا غضباً حين غنى عبدالله الرويشد بالخطأ أمام مركز الطب الاسلامي، وأمطرنا كل واحد منهم بتخريج أسس "الكارثة الكبرى" في الغناء والطرب". وأضاف: "... هذا حقهم في التعبير وان لم يكن لهم حق الافتاء بكل أمور الشرع، وهم وشأنهم في ما قالوا. لكن قبل ذلك وقبل ان تنطلق غيرتهم وحماستهم ومزايداتهم من عقالها لتأجيج المشاعر الدينية لخلق الله، نريد ان نسمع بكل وضوح وبصوت قاطع، ونريد ان نقرأ لهم بعبارات جلية وبالخط العريض عن رأيهم في اطلاق الرصاص على محل عبدالله الرويشد للفيديو. هل يعتقدون ان عملاً كهذا يجيزه الشرع؟ ... قرأنا قبل فترة رأياً معقولاً هادئاً للنائب اسماعيل الشطي يطالب فيه دعاة الدولة الدينية باظهار ادانتهم لمثل تلك الافعال. والمطلوب ان نقرأ لهم ونسمع منهم الترجمة الفعلية لما نادى به النائب اسماعيل الشطي". مثل هذه الحدة في المواجهة مع المتشددين يبدو قصراً على وسائل الاعلام وليس له الأثر الكبير في الحياة اليومية للناس وإن نشط الاسلاميون في الاحياء بفتاواهم ومنشوراتهم، وربما لهذا السبب ليس ما يبعث على القلق على المستوى الكويتي. علماً ان بعض الأوساط في دول المنطقة تخشى أن تنطلق مشكلة المتطرفين من الكويت لتزعج المنطقة. ويرد الكويتيون مستبعدين هذا الاحتمال ما دامت المشكلة مفتوحة عندهم على المستوى الإعلامي والشعبي، وهي جزء من الحوار والمشادات اليومية في المجالس الرسمية والديوانيات. ويعتقدون ان هذا "الطرح المفتوح" هو الحل الوحيد لتطويق هذه الظاهرة. لكن مصادر أمنية تشير الى فرق ومجموعات من المتطرفين على ارتباط وثيق بشبكات خارجية لذلك لا يمكن التساهل مع مخططاتها وتصرفاتها. ولا بد من اعتماد الشدة معها، كما حصل في سلطنة عمان من اعتقال مجموعة ومحاكمتها، وكما حصل في السعودية من اعتقال نحو 157 شخصا لتجاوزهم توجيهات هيئة كبار العلماء. وكان موقف الملك فهد بن عبد العزيز واضحا عندما اعلن "اذا اراد احد ان يخرج عن نطاق المنطق والمعقول ويخرج عن العقيدة الاسلامية فلن نتردد بأي حال من الأحوال في ان نوقفه عند حده وندله الى طريق الصواب". وكذلك جاء انشاء المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من أجل تنظيم كل ما يتعلق بأمور الدعوة والتأكد من صرف المعونات بما يخدم الدين الاسلامي ويظهر تسامحه. وقد اعلن الأمير سلطان بوضوح ان المملكة "تقف ضد الإرهاب وكل من يمارس الارهاب تحت غطاء ان هذا ليس من الإسلام وهو ليس منه". حياة عادية في أي حال تواصل الكويت ومعظم مدن الخليج حياتها العادية بكل صورها المعهودة والمألوفة. وتتفاوت بين عاصمة واخرى ومدينة وأخرى الانماط والأساليب في العيش والتصرف، من المحافظة الى الانفتاح باعتدال بما يراعي الموروث من التقاليد. وتظل مدينة دبي الكوسموبوليتية أكثر المدن انفتاحاً لكثرة ما تعج بكثرة غالبة من الأجانب. ومثل هذا المجتمع تجاوز احتمال تعرضه لضغوط المتشددين نظراً إلى الخلل في التركيبة السكانية التي تطغى عليها كثرة الوافدين من جنوب شرق آسيا واوروبا... وأخيراً روسيا، على اختلاف معتقداتهم وتقاليدهم وانماط عيشهم. حتى ان مجتمعات خليجية بدأت تضيق ذرعاً بهذا النوع الجديد من الحياة خوفاً من الإنجرار وراء "تطرف" بعيد عن ثقافة أهل المنطقة ومحافظتهم. دعوة قابوس ثلاثة من وزراء الخارجية الخليجيين قالوا لپ"الوسط" ان موضوع التطرف الديني ليس بنداً في جدول أعمال القمة الخامسة عشرة. ولكن لا شيء يحول دون مناقشته على مستوى قادة الدول الست في الجلسات العامة او في اللقاءات الجانبية، في ضوء ما ورد في خطاب السلطان قابوس بن سعيد يوم الاحتفال بالعيد الوطني العماني الرابع والعشرين في 18 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، من دعوة الى مواجهة التطرف. ومما جاء في خطاب السلطان: "نرى مع الأسف ان وحشية الانسان تجاه نفسه بدأت تبرز للعيان على مستوى أقل متمثلة في ظاهرة جديدة للصراع هي ظاهرة القسوة التي تتبناها شريحة ضد بقية الشرائح في المجتمع الواحد. ولقد اصبح واضحاً الآن ان على الدول ان تتعاون في ما بينها على وضع حد لهذا العنف الداخلي الذي يهدد بتدمير نسيج المجتمع في أماكن كثيرة من العالم، والذي يخشى ان تمتد آثاره السلبية الى مختلف أرجاء المعمورة اذا لم تتضافر الجهود الدولية من اجل مساعدة الشعوب التي تعاني من ويلاته على معالجة اسبابه معالجة صحيحة". لم يسبق ان طرحت قضية التطرف على هذا المستوى في منطقة الخليج، ولم يسبق ان طرحت دعوة صريحة من هذا الموقع الى التعاون لمواجهة هذه القضية. وزير خليجي بارز قال ل "الوسط" ان مجموعات التطرف في المنطقة تتمركز في اكثر من مكان أو مدينة محددة، وهي تحت المراقبة والسيطرة ولا يمكن السماح لها بتجاوز الخطوط الحمر، أي بتهديد الأمن الداخلي لأي دولة خليجية. الا انه رأى، في ضوء اعتقال بعض المجموعات في الأشهر لاخيرة في عدد من الدول، ان المتطرفين ليسوا بالقوة التي تروج لها وسائل اعلام بعينها. الا انهم قد يخطئون في قراءة عدد من الاشارات السياسية من هنا وهناك. مخطط سري وكشف في هذا الاطار ان هؤلاء يتحركون في السر منذ زمن، إلا انهم خطوا خطوة نوعية منذ أوائل السنة، عندما شكلوا مجالس شورى على مستوى المنطقة وعينوا قادتهم وزعاماتهم ومسؤوليهم كأنهم يتأهبون للسلطة. لكن أجهزة الأمن ضبطت "المخطط". وعزا خطوتهم هذه الى خطأ في قراءة الموقف الاميركي وغيره من المواقف، كما حدث للرئيس صدام حسين عشية غزوه الكويت، او الى خطأ في فهم دعوات اميركية وأوروبية الى محاورة القوى الاسلامية المعتدلة، فظنوا انها ضوء أخضر! التطبيع مع اسرائيل كل هذا ليس في جدول الأعمال المعلن للقمة... ما دام وزراء الاعلام الخليجيون لم يجتمعوا كعادتهم عشية كل قمة، مثلهم مثل وزراء الدفاع والداخلية والمال... وقال وزير الاعلام الخليجي: "اتفقنا على التنسيق الثنائي". وزاد في إشارة إلى جدول أعمال القمة: "سيكون أمام القمة موضوع بارز هو مسألة التطبيع مع اسرائيل"، بعدما بدا أن ليس هناك توجه واحد، في الظاهر على الأقل. هناك تفاوت في النظرة الى موضوع التطبيع مع اسرائيل، بين دولة خليجية وأخرى، وإن كان هناك في المقابل ما يشبه الاجماع بين الدول الست على أن رفع المقاطعة نهائياً وتبادل التمثيل الديبلوماسي مع الدولة العبرية مرتبطان بالتسوية النهائية للصراع العربي - الاسرائيلي، أي بعد إنجاز اتفاق سلام مع كل من سورية ولبنان. وهذا ما يرد في البيانات الخاصة باجتماعات دول مجلس التعاون. وهذا ما أكده أكثر من وزير أو مسؤول خليجي التقته "الوسط"، مشيراً إلى ان القرار الأخير في موضوع مصير المقاطعة من الدرجة الأولى قرار عربي يتخذ على مستوى جامعة الدول العربية. القناة الأميركية ديبلوماسي خليجي طرح في لقاء مع "الوسط" رؤية مختلفة. وتحدث عما سماه "القناة الأميركية" بالنسبة الى المنطقة، ربما تحاشياً لاستخدام ما درج بعض وسائل الإعلام على تسميته "الضغوط الأميركية" التي تمارسها ادارة الرئيس بيل كلينتون على حكومات المنطقة لاستعجال التطبيع مع اسرائيل، سواء باستضافة اجتماعات لجان منبثقة من المفاوضات المتعددة او بإقامة نوع من الإتصالات والزيارات المتبادلة بين مسؤولين خليجيين ومسؤولين اسرائيليين. وتوقع هذا الديبلوماسي ان لا يكون موضوع رفع المقاطعة نهائياً في يد الجامعة العربية السنة المقبلة اذا تأخر أو تعرقل الإتفاق في المسارين السوري واللبناني. ولم يستبعد الغاء المقاطعة نهائياً. وأسهب في شرح مسألة "التطبيع" رابطاً إياها بموضوع الأمن في المنطقة والذي توفره الولاياتالمتحدة في المقام الأول. وقال إن "الردع الأميركي موجود لمواجهة إيرانوالعراق. وهدفه الأول الحفاظ على المصالح الأميركية لكنه يحافظ في الوقت نفسه على مصالح دول المنطقة. وهذا يعني ان ثمة مصلحة مشتركة في هذا الأمن". ورأى ان حاجة دول المنطقة في المرحلة الحالية الى هذا "الردع" ليست بلا ثمن وإن كان الجميع يعرف ويعترف بان الوجود الأمني الأميركي يحافظ على مصالح الغرب ويضمن استمرار تدفق النفط إلى كل العالم. وأشار الى الكلمة التي القاها أخيراً وزير الدفاع الأميركي وليم بيري في مجلس سياسة الشرق الأوسط، في الذكرى الثالثة والخمسين للهجوم على بيرل هاربور. وبين فيها "لماذا نعتقد بأن منطقة الشرق الأوسط والخليج هي منطقة تحتفظ فيها الولاياتالمتحدة بمصالح حيوية تكتنفها المخاطر وجديرة باستخدام القوة اذا اقتضت الضرورة لحمايتها". وقال الوزير الأميركي:"... ليس هناك مكان في العالم أكثر من الخليج يتضح فيه واقع ان للولايات المتحدة مصالح حيوية معرضة للخطر". وسمى ايران والعراق معتبراً انهما "الدولتان الراديكاليتان المتنافستان على كل شيء تقريباً لكنهما متفقتان على نقطة واحدة فقط وهي اتباعهما سياسات وخططاً مناهضة لمصالحنا. كما يمثل العراق وايران تهديدات خطيرة جداً لاسرائيل ولشركائنا العرب الرئيسيين ... ومن الجلي ان السيطرة على حقول نفط الخليج من قبل دولة معادية سيتيح لها ابتزاز العالم الصناعي وتهديد عافية الاقتصاد العالمي". وخلص الديبلوماسي الخليجي الى القول ان الوجود الامني الأميركي في المنطقة مرتبط اذن بمواجهة العراق وايران، أو ما يطلق عليه الأميركيون "سياسة الاحتواء المزدوج"، وبالسلام في الشرق الأوسط ما دام المسؤولون الأميركيون يعلنون ان من نتائج حرب الخليج الثانية اطلاق مسيرة التسوية في مدريد. ربط وضغوط وأكد انطلاقاً، من هذا الربط، ان الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطاً سياسية على المنطقة من أجل التطبيع مع اسرائيل، فضلاً عما يتحمله أهل الخليج وموازناتهم نتيجة ما تفرضه التحديات من وجوب الإنفاق على التسلح... وحتى على تحمل بعض نتائج الوجود الأمني الغربي. ورأى ان الإعتماد على هذا الوجود قد يستمر ثماني سنوات وأكثر. وأشار إلى ان الأميركيين طلبوا من الحكومة الكويتية ان تستقبل اجتماع إحدى اللجان المتعددة إلا انها امتنعت، خصوصاً ان أصواتاً في مجلس الأمة نادت برفض... حتى مبدأ التسوية مع اسرائيل. وقال:"بالطبع لا يريد الأميركيون الوصول بالضغط الى حد تجاوز النواب، حفاظاً على ما يرونه توازناً بين الحكومة ومجلس الأمة يسمح بقدر وافر من الديموقراطية، خصوصاً انهم ينادون بها في المنطقة وخارجها". وكشف ان الأميركيين أبلغوا الكويتيين، على أثر الحشد العسكري الذي وفروه في المنطقة بعد تحريك العراق قواته نحو الحدود الجنوبية في السادس من تشرين الأول اكتوبر الماضي، انهم لن يكونوا في كل مرة مستعدين للتحرك كما فعلوا. واستنتج ان هذا "نوع من أنواع الضغوط". وتساءل أيضاً: "ألم تساهم دول خليجية سياسياً وماديا في دعم مسيرة التسوية؟ ألا يطلب منها مساعدات سياسية ومادية للفلسطينيين وغيرهم... وهنا وهناك؟ انه نوع من تبادل المصالح". وتوقع مزيداً من المطالب في المستقبل بعد نجاح الجمهوريين في السيطرة على الكونغرس بمجلسيه. وتوقع "ان يمارس الكونغرس ضغوطاً على الإدارة فتضطر هذه إلى نقل الضغوط إلى المنطقة. لذلك لنا مصلحة في أن نراعي الكونغرس وان يكون لنا تحرك فعال على جبهته ما دام يمثل الرأي العام الأميركي، وما دامت لنا مصلحة في ان يقف معنا الأميركيون، فلا يبالغوا في الإلحاح لئلا نواجه مشاكل مع أشقائنا العرب وشعوبهم. وهذا ما يفرض علينا تحركاً عربياً عاماً لشرح مواقفنا وسياساتنا ودوافها ومصالحنا". حمدان بن زايد عندما سألت "الوسط" الشيخ حمدان بن زايد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية عن رأيه في هذا التحليل، قال: "إن دولة الإمارات العربية المتحدة تبني قواتها الذاتية وتعززها بأحدث الأسلحة من مصادر مختلفة لتكون قادرة على الدفاع عن مصالحنا والمساهمة في أمن المنطقة واستقرارها". ووافق على أن "للغرب مصالحه في المنطقة". لكنه رفض مقولة "أن يفرض أحد علينا السياسة التي لا نريد". وقدر لفرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الوقوف مع الإمارات في توجهها إلى محكمة العدل الدولية لحل الصراع على الجزر الثلاث التي تحتلها إيران في الخليج، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. وكرر أن بلاده ملتزمة المقاطعة من الدرجة الأولى مع اسرائيل حتى تحقيق اتفاق بينها وبين كل من سورية ولبنان. عتب على سورية ويسمع المراقب مثل هذا الموقف من كثير من المسؤولين في المنطقة. ويصر بعضهم ان لهم مصلحة ودوراً في أن يساهموا في انجاح المفاوضات على جبهتي سورية ولبنان. إلا أن وزيراً خليجياً سألته "الوسط" عن الاضرار التي تلحق بهذ المفاوضات اذا استمر بعض الإتصالات مع اسرائيل، فأجاب: "لنكن واضحين. نحن لا قدرة لنا على منع ما يجري على مستوى المنطقة. قطار التسوية لن يتوقف، وإذا كان أصحاب القضية قد وقعوا اتفاقهم مع اسرائيل فلماذا نرفض نحن. إن مفهوم المقاطعة قد سقط عملياً. مصر أبرمت اتفاقاً ومثلها منظمة التحرير والأردن، وإذا كانت المقاطعة سارية علينا أن نقاطع هذه الأطراف الثلاثة التي تتعامل مع الدولة العبرية. المقاطعة سقطت، وعلينا أن نعترف بذلك". وأضاف: "إن السوريين يتضايقون من بعض المواقف الخليجية ويبدون عتباً، ويطالبون بالتنسيق! أين التنسيق؟ لكن علينا نحن أن نبدي أيضاً عتباً عليهم: إنهم يفاوضون لكننا لا نعرف مثلاً أين أصبحت المفاوضات وما هي العقبات التي تعترضها، ربما كنا قادرين على المساهمة في حلها. كيف ننسق إذا كان علينا أن ننتظر الأميركي والإسرائيلي أخيراً ليبلغنا أين أصبحت التسوية على المسار! لماذا لا يبلغنا السوريون مثلاً انهم يريدون كذا وكذا فنقايض نحن به مع اسرائيل في مقابل أي اتصال ومع واشنطن في أي موقف تريد؟ إن التنسيق مسألة مشتركة ومتبادلة. ألا يعرف السوريون ان الأميركيين لهم مطالبهم في مقابل مصالحنا المتبادلة معهم وان علينا أن نستجيب غالباً شروط هذه المصالح؟ عليهم أن يستفيدوا منها هم أيضاً". في أي حال تبقى الإتصالات "الرسمية" مع اسرائيل في الإطار المعلن والمعروف في وسائل الإعلام، وإن كان بعضهم يعتقد بوجود اتصالات بعيدة عن الأضواء. بل ذهبت أوساط الى الحديث عن استعدادات اقتصاديين ورجال أعمال وتجار لمرحلة التسوية الشاملة. وأوضحت أن عدداً من رجال الأعمال وأصحاب الشركات الاسرائيلية زار مدناً خليجية وعقدوا اجتماعات مع رجال أعمال عرب، وبحثوا في مشاريع مستقبلية كتأسيس شركات وعقد اتفاقات وتوكيلات. إلا ان مصادر مسؤولة في المنطقة أكدت ان لا علم لها بهذه اللقاءات، ولم تستبعد زيارات اسرائيليين... ولكن بجوازات سفر أجنبية غير اسرائيلية حتماً. اتفاق وتفاوت! تبدو جبهة الشرق الأوسط بعيدة، بالمعنى الجغرافي، عن اهتمام الديبلوماسية الخليجية التي لا يغيب عن جدول أعمالها موضوع إيرانوالعراق. وهنا يتفق الجميع في المنطقة على ان التطبيع مع بغداد رهن برحيل نظام الرئيس صدام حسين، وأن الحفاظ على عراق موحد مسألة حيوية من أجل الحفاظ على التوازن في المنطقة. ويتفقون أيضاً على ان تعزيز العلاقات مع طهران رهن بحل الصراع بين الجمهورية الاسلامية والامارات العربية المتحدة على الجزر الاماراتية المحتلة. في التفاصيل هناك تفاوت في النظرة الى هذين البلدين وإلى العلاقات معهما، وان كان الجميع يدركون ان إسقاط سياسة "الاحتواء المزدوج" للبلدين قرار في يد الأميركيين أولاً. والمعروف ان سلطنة عمان مثلاً وقطر تقيمان علاقات طبيعية مع ايران، وشبه طبيعية مع العراق، بخلاف بقية دول مجلس التعاون. وقال مسؤول عماني ل "الوسط" ان السياسة العُمانية قديمة ومعروفة حيال إيران منذ الحرب الخليجية الاولى، وكذلك الأمر بالنسبة الى العراق الذي ظل سفيره في مسقط أيام غزو الكويت. وأعرب عن مخاوفه من أن تؤدي العقوبات المفروضة على العراق بموجب القرارات الدولية إلى مزيد من الضيق الشعبي في هذا البلد "وربما أدت إلى قيام حركات تطرف أقسى من تلك التي يعاني منها المجتمع العربي". لكنه رأى أن عودة العراق الى ممارسة دوره في المنطقة رهن بقرار دولي وأميركي بالتحديد". مقياس التعاون مع ايران وربط أكثر من مراقب خليجي قضية العراق بالتسوية في الشرق الأوسط. واعتبر أحدهم ان بقاء النظام الحالي في بغداد تفيد منه اسرائيل أكثر من أي بلد آخر. ورأى ان مشكلة دول الخليج هي مع النظام في بغداد، وتذهب بذهابه. "أما المشكلة مع ايران فمختلفة. وربما كان من حسنات الجغرافيا ان بيننا وبينها خليجاً... وإلا كانت المشاكل لا تحصى". ووصف تحرك بعض المسؤولين الإيرانيين في اتجاه بعض دول المنطقة بأن "هدفه ليس العلاقات الودية القائمة على الاحترام المتبادل بقدر ما هو محاولة للنيل من وحدة مجلس التعاون وازعاج هذه الدولة وتلك من دوله". وأكد ان المقياس للتعاون ولقيام علاقات طبيعية بين الخليجيين والجمهورية الإسلامية هو الحل السليم الذي يعيد الحق إلى أصحابه في قضية الجزر الإماراتية المحتلة". وكشف ان ايران حاولت دفع دول خليجية الى التوسط بينها وبين أبو ظبي الا ان هذه رفضت "اذ لا يمكن ان تكون دول الخليج محايدة في الصراع على الجزر، وعلى طهران ان تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها". ورأى ان ادارة الرئيس هاشمي رفسنجاني معتدلة وتحاول ان تغلب الواقعية والانفتاح على سياساتها في المنطقة والعالم، "وكذلك ان المسؤولين في وزارة الخارجية الإيرانية يحاولون تسويق هذا النهج، إلا أن المشكلة هي في مراكز القوى الكثيرة التي لا تزال تصر على تغليب الايديولوجية الثورية وتحكيمها بالعمل الديبلوماسي". وعندما سألت "الوسط" الشيخ صباح الأحمد الصباح هل تلتزم الدول الخليجية سياسة الاحتواء حيال إيران، أجاب بالنفي. وأضاف: "ايران جارتنا ونتمنى ألا يحصل أي صدام بينها وبين أي دولة خليجية. ونحاول في قضية الجزر الاماراتية ان نجد حلاً سلمياً، ولا علاقة لنا بسياسة الاحتواء". وشرح مسؤول قطري موقف الدوحة من ايران فأكد ان لبلاده مصلحة في علاقات طبيعية مع الجمهورية الاسلامية، مشيرا الى ان أمير البلاد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني وقع مع حكومة طهران أيام الشاه اتفاقاً على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين... "وتصور لو ان هناك خلافاً بيننا وبين هذا البلد ماذا سيحصل لمشروع انتاج الغاز من حقل الشمال البحري وهو على حدودنا مع إيران". لا ينكر الخليجيون في المحصلة النهائية ان كل الخلافات بينهم والحساسيات لا يمكن، مهما بلغت، ان تقوى على الشعور العام والإيمان بوحدة المصير المشترك، لذلك لا يمكن ان يفرطوا بالعقد الذي يجمع بينهم مهما تضاءلت وتأخرت الثمار والإنجازات التي تتوقعها شعوبهم. ويقر الخليجيون بأن لا بد من علاقات حسن جوار مع كل من ايران والعراق، اذ لا يمكن الغاء هذين البلدين من خريطة المنطقة، ولا يمكن تجاهل دورهما ووزنهما في الحفاظ على الأمن في الخليج... ولكن لا بد من تغييرات داخلية في هذين البلدين تطمئن الى قيام سياسة في بغدادوطهران لا تشكل تهديداً لمصالح كل الأطراف الإقليميين والدوليين، ولا تهدد أولا ً وأخيراً الشريان الحيوي الذي يمد الدول الصناعية بالطاقة.