"التعاون الإسلامي" تشارك في اجتماع التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين في بروكسيل    مغادرة الطائرة ال26 إلى لبنان ضمن الجسر الجوي الإغاثي السعودي    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على 5 مناطق بالمملكة    تنفيذ حُكم القتل في مواطنين خانا وطنهما وانضما لكيان إرهابي    "وفد سعودي" لتعزيز التعاون الاقتصادي في طاجيكستان    "بلاغات الأدوية" تتجاوز 32 ألفًا في شهر واحد    «فيفا» يعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 على أعلى تقييم في التاريخ    أستراليا تحظر «السوشال ميديا» على الأطفال    سكري القصيم «عقدة» رائد التحدي    استهداف 34 ألف لاعب تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 9 سنوات    نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي: المملكة ناصرة للدين الإسلامي    بحضور وزير الرياضة.. انطلاق منافسات سباق "سال جدة جي تي 2024"    «الإيدز» يبعد 100 مقيم ووافد من الكويت    معرض "أنا عربية" يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور في منطقة "فيا رياض"    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    مطارات الدمام تدشن مطارنا أخضر مع مسافريها بإستخدام الذكاء الاصطناعي    انطلاق فعاليات معرض وزارة الداخلية التوعوي لتعزيز السلامة المرورية    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين تصل 702,165,745 ريالًا    البنك المركزي الروسي: لا حاجة لإجراءات طارئة لدعم قيمة الروبل    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    الجبلين يتعادل مع الحزم إيجابياً في دوري يلو    "أخضر السيدات" يخسر وديته أمام نظيره الفلسطيني    حرمان قاصر وجه إهانات عنصرية إلى فينيسيوس من دخول الملاعب لمدة عام    الأهلي يتغلب على الوحدة بهدف محرز في دوري روشن للمحترفين    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صباح الأحمد ل "الوسط" : المقاطعة المباشرة لاسرائيل لم تسقط أؤيد بقاء ولي العهد رئيساً للوزارة
نشر في الحياة يوم 12 - 07 - 1993

الكويت التي اقامت الدنيا ولم تقعدها... الا بعدما انجز التحرير واخرجت القوات العراقية من اراضيها، عادت سريعاً لتشغل بسياساتها الداخلية ومواقفها الخارجية وسائل الاعلام المحلية والعربية... والدولية كلما عاد العراق واحداثه لتصدر الساحة الاعلامية.
الكويت عادت سريعاً الى ماضيها الذي قطعه الاحتلال لنصف سنة ونيف. عادت الى حياة برلمانية نشطة والى سياسة عربية مؤثرة راعت وتراعي موقف الدولة وموقعها في مجلس التعاون الخليجي وفي مجموعة "اعلان دمشق" والجامعة العربية.
وعادت مع هذه الانبعاثة صورة الشيخ صباح الاحمد الصباح التي بقيت لفترة قصيرة في الظل... ولم تكن في الظل. وعاد "شيخ الديبلوماسيين" وأعتقهم الى احتلال مقعده... وهكذا عادت الى الكويت مواقفها من المقاطعة العربية لاسرائيل، كلما طرح الموضوع في اطار مسيرة السلام. ومواقفها من ايران الجارة التي بدأت تقلق العالم بسياستها التسليحية ومواقفها من المصالحة العربية او ما تسميه هي "دول الضد"، اي تلك التي وقفت مع العراق بطريقة او بأخرى. ومواقفها من النظام الامني العربي ومن السياسة النفطية لاوبيك.
كما عاد للكويت مع عودة ديوانياتها برلمانها، الديوانية الكبرى التي يُطرح فيها كل ما يخطر في البال، من فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزارة الى قضايا الديون و"السرقات" والاستثمارات. كأنما الديوانيات وسائل الاعلام في الدول الغربية حيث لا حرج في اثارة اي موضوع.
وكان ل "الوسط" حوار مع الشيخ صباح الاحمد الذي اكد ان الكويت لم تسقط او ترفع المقاطعة المباشرة لاسرائيل. بل ان ما فعلته في هذا الاطار هو ما نص عليه قانون المقاطعة العربية، اي ان المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. ونفى ان تكون الكويت تعرضت لضغوط اميركية، اذ كل ما فعلته هو التعامل مع شركات اجنبية تفرض مصلحة اعادة بناء البلاد التعامل معها.
وأكد ان ليس هناك امن جماعي عربي في ظل هذه الفرقة وهذا التشتت. وتمنى ان يكون التسلح الايراني وتسلح دول المنطقة من اجل المحافظة على استقلال دول المنطقة. وأوضح ان قادة دول مجلس التعاون اوصوا باقامة علاقات حسنة مع طهران تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، راجياً ان تنتهي بسلام مشكلة الجزر الاماراتية الثلاث. وشدد على ان "اعلان دمشق" لم يمت.
وتطرق الى موضوع المصالحة مع "دول الضد"، فأكد عدم وجوب الربط بين ما خلفه الاجتياح العراقي من انطباعات سيئة في نفوس الكويتيين، والسياسة الخارجية للدولة. وأعرب عن امله بألا تؤثر المقالات الصحافية التي واجهت وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى اثناء زيارته الكويت.
وجدد ثقته بولي العهد الشيخ سعد العبدالله، وشدد على انه يؤيد بقاءه في رئاسة الوزارة "ما دام سمو الامير منحه الثقة".
كثر الحديث اخيراً عن موقفكم من مسألة المقاطعة العربية لاسرائيل، فهل لكم توضيح تفاصيل الموقف الكويتي؟ وهل كان ذلك استجابة لضغوط اميركية عليكم لانهاء هذه المقاطعة؟
- في الواقع وللأسف، فسرت المقاطعة تفسيرات بعيدة عن الحقيقة. فالمقاطعة تتألف من 3 مراحل، الاولى وهي المقاطعة المباشرة مع اسرائيل، والثانية تشمل الشركات التي لها وجود في اسرائيل، والثالثة تشمل الشركات التي تتعامل مع اسرائيل. وبعد تحرير الكويت لم تكن هناك اية ضغوط اميركية، كما يُقال، بقدر ما كنا مقتنعين بمصلحتنا التي تحتاج الى هذه الشركات لبناء البلد. وحتى قانون المقاطعة يقول ان المصلحة هي فوق كل اعتبار. ووجدنا مصلحتنا في التعامل مع بعض هذه الشركات، وليست الاميركية منها فقط، بل حتى الاوروبية. ولذلك فسرها الناس كأننا اسقطنا المقاطعة العربية لاسرائيل واقمنا التعامل المباشر معها.
المقاطعة المباشرة لم ترفع
اذن تعنون ان تعاملكم يقتصر على تلك الشركات التي تتعامل مع اسرائيل؟
- ارجو الا تخلطوا الامور. لنأخذ مثلاً، طائرات شركة "بان اميركان": انها تهبط في اسرائيل فاذا كان من مصلحتي ان تهبط هذه الطائرات في بلدي فليس هناك من يحظر عليَّ ان اقاطعها. مثل آخر، سيارة الجيب "ويليس" كان مشمولاً بالمقاطعة، ولكن من شروط المقاطعة ان من حق اي بلد شراء هذه السيارة اذا كانت مصلحته تقتضي ذلك. وكل العالم العربي اشترى هذا "الجيب" رغم انه مقاطع. مثل ثالث، شركة "كوكاكولا" تجدها في كل ارجاء العالم العربي. سيارة ال "فورد" كانت مقاطعة، كيف رفعت المقاطعة؟ لا نريد ان نسأل او ان نتعمق في هذا الموضوع، لذلك ارجو ألا يقال ان المقاطعة المباشرة لاسرائيل قد رفعت.
وما مدى صحة ان الولايات المتحدة طلبت من دول مجلس التعاون الخليجي السماح للطائرات التي تهبط في اسرائيل بالعبور في الاجواء الخليجية والسماح ايضاً برسو السفن التجارية الآتية من اسرائيل او المتوجهة اليها بالرسو في الموانئ العربية، وكذلك السماح بانتقال البريد بين اسرائيل ودول مجلس التعاون؟
- هذه معلومات جديدة عليّ، ولم اسمع بها من قبل.
يرى بعضهم ان هناك اقتناعاً كويتياً تاماً بأنه لا يمكن الاعتماد على الامن العربي الجماعي، وان الاتفاقات الامنية العربية لا تزيد عن كونها اطارات شكلية لا توفر حماية فعلية، ولذا لجأت الكويت الى عقد اتفاقاتها الامنية مع الولايات المتحدة ودول اوروبية وروسيا؟
- اولاً اقول انه لا يوجد من هو اكثر ايماناً من الشعب الكويتي واهل الكويت بالامن العربي الجماعي. لكن ما يؤسفنا ان ما حدث في الثاني من آب اغسطس 1990 ترك لدى شعب الكويت والمسؤولين فيها اقتناعاً بأن كل هذه الامور بما فيها اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ليست سوى حبر على ورق، فلذلك اضطرت الكويت الى ان تستنجد بأخوانها الاقربين، دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وان تستجير بالاصدقاء من خارج نطاق العالم العربي، اما اخواني في مصر وسورية فلن ينسى لهم شعب الكويت وقوفهم مع الكويت وتحرير بلدهم. وحتى الآن ما زلنا نؤمن بأنه عندما يتبدل الوضع نحو الافضل والاحسن ربما عادت الثقة بالامن العربي الجماعي، اما الآن فان الامن العربي الجماعي لن يعطيني او يوفر لي الحماية.
هل تقصد ان الامن العربي الجماعي ما زال هشاً؟
- كيف تقول امناً عربياً جماعياً، والعالم العربي بهذه الفرقة والتشتت؟ وما دامت هذه الفرقة فليس هناك امن جماعي عربي، ولا قدرة على ان يكون عملياً او مساعداً لأي بلد يتعرض لاعتداء. لكنني اتمنى من الله ان تعود الامور الى نصابها حتى يكون هناك نظام جديد يبنى عليه. وعندما تقوم الثقة وتذهب عوامل الفرقة بين العالم العربي، فانني اعتقد بأن ذلك هو اساس النظام الجديد.
الحاجز الجغرافي على حدودكم مع العراق، او السور الرابع - كما تسمونه - هل ترونه كافياً لتأمين حماية البلاد من اي غزو عراقي محتمل؟ ومتى يستكمل؟
- يؤسفني اننا عندما نقول السور الرابع، تعتقد الناس بأن ثمة سوراً يُبنى. ولذا اود ان اوضح ان ما نقوم به حالياً هو حفر خندق مع ساتر ترابي لمنع استمرار عمليات التسلل من العراق. وليس الامر موضوع عداء او غير عداء بقدر ما هو رغبة المتسللين في تخطي حدود العراق ليعيشوا خارجه. ولذلك فان الهدف هو منع التسلل من العراق وبعض عمليات التهريب. ثم ان فكرة هذا السور الذي تبرع الشعب الكويتي لبنائه ليست جديدة، فهو موجود على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وبآلات كهربائية وكاميرات لمراقبة اي عبور للمتسللين والمهربين، ولا يقصد منه الدفاع امام اي اجتياح، لان الاجتياح توقفه قواتك العسكرية وقوات حلفائك واصدقائك واخوانك الآخرين.
ماذا فعلتم على صعيد تطوير قواتكم المسلحة؟ هل هناك خطة لزيادة فاعلية هذه القوات والتنسيق مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير قوات "درع الجزيرة"؟
- هذا الموضوع بحثت فيه دول مجلس التعاون الخليجي. وفي ما يتعلق بالكويت، هناك تطوير للجيش الكويتي وتحسين لادائه. وهناك في الوقت نفسه توصية من وزراء الدفاع في دول المجلس بزيادة حجم قوات درع الجزيرة التي قد يأتي يوم لا تكون مهمتها الدفاع عن الكويت فقط، وانما عن كل دول مجلس التعاون.
العلاقات مع ايران
اعلنتم اخيراً انكم لا تخشون القدرة العسكرية الايرانية، في حين لا تزال ايران تلوح بين وقت وآخر ببأس هذه القوة، وترفض الاعتراف بسيادة الامارات على جزرها الثلاث.
- أود اولاً ان اوضح انني عندما اقول انني لا اخشى التسلح الايراني فانني اعتقد بأننا لم نصل نحن وايران الى مرحلة امتلاك التكنولوجيا العالية والسلاح المتطور، وانا سعيد بأن ارى اخواننا في ايران وهم يدفعون هذه المبالغ الطائلة على التسلح واتساءل: لماذا كل هذه الاسلحة؟ وارجو ان شاء الله، ان يكون تسليحنا وتسليحهم للمحافظة على الاستقلال، والا يكون السلاح اداة ليهدد احدنا الآخر. ونحن سعداء باللقاء الذي عقد في الامارات بين وزير الخارجية الايراني ووزير الدولة للشؤون الخارجية الاخ الشيخ حمدان بن زايد. وسعدنا ايضاً لانه سيكون هناك اجتماع آخر بين الجانبين في طهران للبحث في موضوع الجزر وحلها بالطرق السلمية. وكل ما نتمناه ألا يأتي يوم وقد وجدنا انفسنا اعداء مع ايران، وهناك توصية لنا من رؤسائنا تدعو الى ان تكون العلاقات بين دول مجلس التعاون وايران حسنة وقائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا هو الاساس الذي نبني سياستنا عليه، وأرجو ان تنتهي مشكلة الجزر بحل سياسي يرضي كل الاطراف.
"اعلان دمشق"
لوحظ ان البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية دول "اعلان دمشق" في ابو ظبي اخيراً لم يشر الى القضية الاساسية التي من اجلها وضع الاعلان، وهي الحفاظ على امن الخليج، فهل يعني ذلك ان الاعلان اصبح في خانة الوفيات، ام ان هناك صيغة اخرى توصلتم اليها لتطبيق مبادئه؟
- البيان الختامي اتى على كل ما في الاذهان، ولم نغفل اي شيء، بما في ذلك تأييد سيادة دولة الامارات العربية المتحدة على جزرها. اما قولك ان ذلك نهاية للاعلان فانني اقول انها بداية ستستكمل في الاجتماع المقبل لدول اعلان دمشق في دمشق.
لم تتخذوا قراراً بانضمام لبنان الى دول "اعلان دمشق"، ولذلك قال بعضهم ان الدور المطلوب من لبنان على صعيد المفاوضات المتعددة الاطراف لم يحن موعده لقبول طلبه الانضمام، بينما يقول رأي آخر ان دول المجلس الخليجي غير متحمسة لأن ذلك قد يرتب اعباءً مالية على دول التعاون، فأين الحقيقة؟
- كنت اود ان يوجه هذا السؤال الى رئيسنا الاخ راشد بن عبدالله وزير خارجية الامارات ولكن - كما تعلم - رحبنا بانضمام لبنان الى اعلان دمشق، وسنبحث في هذا الموضوع اثناء اجتماع دمشق المقبل.
هل يعني ذلك ان ليس هناك اي اعتراض خليجي على انضمام لبنان؟
- لم اسمع عن اي اعتراض، بقدر ما سمعت عن ترحيب بلبنان، ولعلك سمعت مثلي تصريحات ترحب بذلك.
الاحكام والتهديدات
يبدو ان الكويت لم تتعلم الدرس جيداً في شأن الحزم حيال تنفيذ الاحكام في قضايا الارهاب، ويقال ان تجربة المتهمين الپ17 الذين دينوا في قضية السفارات عام 1983 تكاد تتكرر الآن، بدليل ان محكمة امن الدولة دانت اخيراً 16 متهماً في قضايا التعاون مع الاحتلال العراقي، واصدرت احكاماً بالاعدام لم ينفذ منها شيء حتى الآن، وعلل التأخير دائماً بأن القرار في يد الامير، فهل هو دافع اميري لتأخير الحكم، ام انه دافع حكومي للتسويف؟
- انا لا اتحدث عن امور حدثت قبل الاحتلال، لان الظروف حالياً تختلف عنها في السابق، لكنني اود القول ان الامير سيوقع احكام الاعدام عندما ترفع وتقدم اليه. ويجب ان تعلم ان الاحكام ليست على درجة واحدة، فهي ستذهب الى الاستئناف، ولم يصدر حكم نهائي بعد، كما لم يقدم الى سمو الامير اي حكم انتهت اجراءاته ولم يوقعه. والقضاء عندنا قضاء عادل، ونعطي المتهم حق الدفاع عن نفسه. ولذلك لم يحكم على احد الا عندما يتأكد ان حكمه حكم عادل.
ولكن الا تعتقد بأنه ترتب على تأخير تنفيذ هذه الاحكام صدور تهديدات من بعض الجهات الفلسطينية بضرب المصالح الكويتية اذا نفذت الاحكام؟ ثم ما هو موقفكم من هذه التهديدات، وهل تأخذونها مأخذ الجد؟
- منذ خلقت الدنيا وهناك تهديدات. اما في ما يخص الاحكام فنحن نؤمن بالقضاء في هذا البلد، ونؤمن بعدالته. ولذلك لا يضيرنا اي تهديد بقدر ما تهمنا ضمائرنا اذا كنا مقتنعين بأحكام القضاء عندنا، والحمد لله القضاء عندنا مشهود له حتى خارج الكويت.
عدم الالتفات الى تهديدات كهذه وعدم اخذها مأخذ الجد يذكرنا بالموقف الكويتي قبل الغزو الكويتي؟
- سؤالك غريب، حين تقول لم تأخذوا هذه التهديدات مأخذ الجد. انا لم يهددني شخص بالتلفون. ماذا آخذ مأخذ الجد؟ السفارات تتوافر لها الحماية، وطائراتنا ايضاً. فماذا تريد ان اعمل اكثر من هذا؟ اما قدرة الله وقضاؤه فلا رد لهما. ولكن على الانسان ان يعمل كل ما في جهده واستطاعته وان يأخذ التهديد مأخذ الجد.
لمحت بعض المصادر البرلمانية الكويتية الى ان وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة الداخلية تعد ملفاً لحلول مقترحة لأوضاع الفلسطينيين من قطاع غزة من حملة الوثيقة المصرية الذين ترفض اقطار اخرى استقبالهم. وربط بعضهم التفكير الكويتي في هذا الاتجاه بما تحدث عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين اخيراً عن منح قطاع غزة نوعاً من الحكم الذاتي. فهل هذا صحيح؟!
- انت تسأل اسئلة لم تمر في ذهني ابداً. لكنني اقول انه لم يكن هناك اي موضوع من هذه المواضيع التي تحدثت عنها في سؤالك.
اليمن… وتونس
قلتم في فيينا ان الانباء التي نشرت عن احتمال عقد اجتماع بينكم وبين وزير الخارجية اليمني محمد باسندوه لم تكن صحيحة، بينما قال الوزير اليمني ان ما حدث كان تأجيلاً لموعد الاجتماع وليس الغاءً له، فما هي القصة؟ وهل انتم على استعداد لمصالحة اليمن في ضوء البنود - الشروط التي اعلنتموها في مجلس الامة؟
- ان العلاقة التي تربطني بباسندوه علاقة شخصية، وهو الذي لم يتصدر في اي حكومة بعد الانقلاب. وعندما قال كلماته الطيبة في حق الكويت، رأيت من واجبي ان اشكر له كل كلمة قالها، وفي الوقت نفسه اتصل بي هاتفياً وشكر لي ما صرحت به عنه، وقال لي "انا سأكون في فيينا، وان شاء الله، اشوفك هناك". ويعني هذا ان ليس هناك وعداً وان موعداً حدد لكي نلتقي. ولكن لو التقيته في اي محفل كما ألتقي في الجامعة العربية ممثلي كل الدول، وبينها دول بيننا وبينها من العداوة ما يكفي، نجلس الى طاولة واحدة، ويسلم علي واسلم عليه، وليس معنى ذلك بأن نجعل من هذه قصة، وان هناك موعداً وارجئ. ليست هذه القصة. القصة حصلت كما رويتها لك.
هل يكفي اعتراف ما تسمونها "دول الضد" بخطأ موقفها من الشعب الكويتي واستجابتها لشروطكم التي اعلنتموها في مجلس الامة لاعادة العلاقات معها؟
- حددت مفهوم اعادة… لا ليس اعادة العلاقات، يجب ان تعرف ان لنا سفارات في هذه الدول، بما فيها الاردن، سفارتنا هناك لم تغلق، وليس معنى ذلك قطع علاقات، ولكن في الوقت نفسه نتمنى ان تكون هناك بداية علاقات وان يكون ما وضعته في بياني هو الاساس الذي نبدأ منه بتكوين الثقة في هذا الموضوع.
اذن ما تفسيركم للحملة الاعلامية العنيفة التي رافقت زيارة وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى للكويت؟
- ادليت اخيراً بتصريح عبرت فيه عن ألمي لما حصل لأخي وصديقي السيد بن يحيى، وكان هو في الوقت نفسه مقدراً للظروف التي تسود شعب الكويت في ما يتعلق بموضوع الموقف التونسي، وهو لا يمثل رأي الحكومة، وكما قلت ان سمو الامير، وهو رأس الدولة، استقبل الوزير بن يحيى بكل ترحاب، واستقبله سمو ولي العهد، واستقبلته انا واستقبله بعض اعضاء مجلس الامة، وارجو الا تؤثر حفنة المقالات التي كُتبت في نفسه، وانا واثق بأنها لن تؤثر.
هل تتفقون مع القول بأن هناك خوفاً من ان تصبح السياسة الخارجية الكويتية عملية مسيسة لمصلحة الخلاف والاجتهاد الداخلي من دون النظر الى اهمية الحديث بصوت واحد امام الآخرين؟
- على كل حال، نحن خرجنا من احتلال بغيض دام 7 اشهر وارتكبت فيه فظائع تركت انطباعات سيئة كبيرة لدينا، ولكن يجب علينا الا نربط الامر بسياستنا الخارجية. سياستنا مربوطة بمصلحتنا، ومصلحة الكويت هي ان يكون لها وقعها في كل النفوس. صحيح ان هناك احساساً بأن كل كلمة تقال في دول الضد لا تجوز، لكنني اقول اننا على مستوى المسؤولية ان من ناحية مصلحة بلدنا، او من ناحية مصلحة شعبنا، ونتمنى ان يزول هذا النظام العراقي وتزول اسباب هذه الفرقة.
العراق والاسرى
وهل تتوقعون نهاية قريبة للنظام العراقي؟
- هذه قضية تخص شعب العراق.
أشار بعض الانباء الى ان النظام في بغداد يرى ان ورقة الاسرى الكويتيين لديه يجب ان يحتفظ بها للمساومة على موقف معين من الكويت، كاعادة العلاقات مثلا، فهل تقبلون بذلك؟
- والله لا خير في من يساوم على بشر لتحقيق مطامع اخرى، هذا لا يعد انساناً.
زيارتكم الاخيرة للرباط كانت ذات صلة بالمساعي المغربية للافراج عن الاسرى والمرتهنين الكويتيين لدى بغداد، فهل لمستم تقدماً على هذا الصعيد خصوصاً انكم كلفتم على الاثر سفيركم لدى باريس زيارة الرباط؟
- ذهابي الى المغرب كان لتسليم رسالة من سمو الامير الى أخيه جلالة الملك الحسن الثاني رداً على الرسالة التي كان بعث بها جلالة الملك الى سمو الامير وحملها مبعوثه السيد عبدالهادي بوطالب. ونحن نقدر ونثمن اهتمام جلالة الملك الحسن بالأسرى الكويتيين، وقد كلف مندوبه بوطالب السفر الى بغداد للسعي الى الافراج عن هؤلاء الاسرى والمرتهنين، ولكن ويا للاسف لم تسفر هذه الزيارة عن نتيجة. ونتمنى، ان شاء الله، ان نجد في يوم من الايام نتيجة، واقول في الوقت نفسه ان هذه القضية مسؤولية دولية اولاً وعربية ثانياً.
ولاية العهد ورئاسة الحكومة
يتردد في بعض ديوانيات الكويت ان الشيخ صباح الاحمد يساند ويغذي فكرة فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء، على رغم موقفكم الداعم للشيخ سعد العبدالله والذي سمعناه في مجلس الامة، فما هو ردكم؟
- اولاً يسعدني ان تسأل هذا السؤال، ويؤسفني ان نكون في هذا البلد منطلق اشاعات وموطن اشاعات. انا لا تهمني الاشاعات بقدر ما يرضيني ما اؤمن به. وما اؤمن به هو ما قلته في مجلس الامة، وثقتنا كبيرة بولي العهد، وثقتنا كبيرة برئيس وزرائنا الذي شرّفه سمو الامير بحمل هذه الصفة، وهذا من حقه دستورياً، ومن حق سمو الامير دستورياً ان يختار من يرأس الوزراء. لذلك ارجو من اي واحد يتكلم في اي ديوانية ان يفهم انني من المؤيدين لأخي سمو ولي العهد في رئاسة الوزارة ما دام سمو الامير منحه الثقة.
كان التعاون بين الحكومة ومجلس الامة قضية اساسية في الكويت في الفترة الاخيرة، كيف ترون تطور هذا التعاون في ضوء قضيتين: علاقة وزير الدفاع مع لجنة تقصي حقائق الغزو، والموافقة على رغبة النواب في كشف اسماء المستفيدين من قانون شراء الديون؟
يسعدني ان يكون هناك تعاون بين السلطة الاشتراعية والسلطة التنفيذية. وهذا مبدأ من مبادئ نؤمن بها كل الايمان، اما في ما يتعلق بموضوع وزير الدفاع، فللوزير الحق الدستوري - وهذه هي الاصول البرلمانية - في ان يرد، ولا نأخذ هذا الموضوع على مأخذ ان هناك نوعاً من عدم الانسجام بين احد الوزراء ومجلس الامة، نحن نتعاون معاً، واذا كان هناك شيء خارج نطاق الدستور فلن يؤخذ به. ولكن لا نضع الموضوع في خانة ان هناك خلافاً جذرياً بين وزير الدفاع ومجلس الامة.
اما بالنسبة الى المدانين، فأعتقد بأنه دستورياً لا يجوز، وهذا الموضوع حكمت فيه المحكمة الدستورية، ولا اريد ان ادخل في تفاصيل اكثر، لان هذا الموضوع مدون وسأتركه للنقاش في المستقبل ان شاء الله.
رفع معدلات انتاجكم النفطي كانت دوافعه سياسية، فهل هذا صحيح؟
- يؤسفني ان يؤخذ هذا الموضوع على اساس انه موضوع سياسي، يجب ان تعرف انه في الاجتماع الاخير لأوبيك خفضت حصة الكويت الى مليون وستمائة الف برميل يومياً واتُفق على ان ترتفع حصة الكويت في الاجتماع المقبل الى مستوى حصة دولة عربية خليجية الامارات، ولكن ويا للاسف لم ينفذ هذا الاتفاق، مما خلف انطباعاً من الضيق لنا خصوصاً اننا في اشد الحاجة الى رفع انتاجنا، لأن ظروفنا الاقتصادية تحتم علينا ذلك. وكنا خفضنا انتاجنا حتى تفي اوبيك بوعدها وتعطينا الحصة التي نريدها، ولكن عندما لم نحصل على اي شيء، ابدينا تحفظنا، لكننا اكدنا اننا لا نستهدف اغراق السوق النفطية. وحتى رفع انتاجنا لن يكون ذلك الرفع الذي يضر بالآخرين، وهذا متروك للأسواق، لكن المسألة بعيدة عن اي موضوع سياسي.
وهل لا تزال ثقتكم بأوبيك قائمة؟
- نحن من المؤسسين لأوبيك، وعندما نكون من المؤسسين فإن ثقتنا بها كاملة.
منطلقات المصالحة وفصل الولاية عن الوزارة
القى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح بياناً في جلسة لمجلس الامة 29 حزيران/يونيو الماضي حدد فيه سياسة الكويت حيال عودة العلاقات بين بلاده والدول التي ساندت النظام العراقي اثناء غزوه الكويت، باستثناء الاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ومما قال في بيانه: "ان اي تجاوب من جانبنا لاية مؤشرات ايجابية من تلك الانظمة لن يكون عفوياً ومن دون حساب، بل لا بد ان تحكمه اسس ومنطلقات تؤمن بأن لا بديل منها لعلاقات عربية تقوم على اساس الاحترام والالتزام المطلق لاحكام المواثيق العربية والدولية، وتأتي في مقدمة تلك الأسس والمنطلقات ما يتمثل بالآتي:
- ادانة العدوان العراقي على دولة الكويت ومعارضته ورفضه.
- دعوة النظام العراقي الى التزام قرارات مجلس الامن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت وبخاصة ما يتصل منها بالافراج عن الاسرى الكويتيين وغيرهم.
- دعوة النظام العراقي الى التزام نتائج لجنة ترسيم الحدود واحترامه هذه النتائج والترحيب بالقرار 833 باعتباره اسهاماً ايجابياً في تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة.
- دعوة النظام العراقي الى الكف عن ادعاءاته الباطلة في شأن الكويت واحترام سيادتها.
- التأكيد على احترام الشرعية الدولية وسيادة كل دولة وحقها في ثرواتها الطبيعية وفي تأمين وسائل الدفاع عن النفس.
- اعتبار النظام العراقي مسؤولاً عن معاناة شعب العراق ودعوته الى الافادة من القنوات التي وفرتها الامم المتحدة، والترحيب بالمساعي لبناء نظام عربي موحد يكون منسجماً مع توجهات النظام العالمي الجديد.
وفي الجلسة نفسها طرح النائب احمد الشريعان في مجلس الامة مسألة فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء حتى يتسنى للمجلس حق مساءلة رئيس الوزراء، فاعترض الشيخ صباح الاحمد ورد بقوله: "كنت متفائلاً في بداية الجلسة، لقد قيل كلام كثير في الجلسة الماضية مس بعائلتنا ولا اقصد من سرق، لكنني وجدت الامور قد سارت في هذه الجلسة ولا اريد ان اعكر صفوها، ولكن هناك بعض الكلمات خرجت حتى عن نطاق اللوائح الداخلية، لذلك اود القول ان الرئاسة رئاسة المجلس يجب ان تجعل هناك نوعاً من المسلك في عدم التجاوز على اللوائح وليس من حق الشريعان ولا غيره فصل ولاية العهد، وهذا الامر يتعلق بسمو الامير.
اما دعوته الوزراء الى الاستقالة فامر يؤسفني، واذا كان له اي حق لدى اي وزير فان له حق المساءلة، وأرجو الا ينصحنا هو بتقديم الاستقالة، لأنها حق من حقوقنا، ونحن لدينا ثقة برئيس الوزراء، ولا اعني نفسي بل كل الوزراء ونرجو ان تستمر الجلسة في هدوء".
اضافة خارج النشر
الشيخ صباح الأحمد - سيرة ذاتية
من مواليد 1929. الابن الرابع للمغفور له امير الكويت الراحل الشيخ احمد الجابر الصباح. تلقى دراسته الابتدائية في المدرسة المباركية.
زار الكثير من دول العالم قبل ان يبدأ حياته السياسية عام 1945 عندما عين عضواً في اللجنة التنفيذية العليا التي عهدت اليها مهمة تنظيم مصالح دوائر الدولة الرئيسية. ورأس عام 1955 دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل ودائرة المطبوعات والنشر. وفي 1961 اصبح وزيراً للارشاد والانباء. وفي 1963 تولى منصب وزير الخارجية وأصبح رئيساً للجنة الخليج العربي. وشغل منصب وزير المال والنفط بالوكالة اضافة الى منصبه وزيراً للخارجية مطلع 1967 حين تولى وزارة الخارجية فقط، ثم منصب وزير الخارجية والاعلام.
شغل منصب وزير الخارجية لمدة 28 عاماً، ويعتبراحد صانعي الديبلوماسية الكويتية وأطلقت عليه القاب "عميد الديبلوماسية الكويتية" و"شيخ الديبلوماسيين في العالم".
استأنف عمله السياسي بعد التحرير موفداً خاصاً للأمير الشيخ جابر الاحمد الصباح وحمل رسائل الى كثيرين من القادة العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.