"فاعلات الخير" نساء عاديات قضين حياة لا تتميز عن حياة الاخرين وزاولن مهناً شتى تختلف اختلافاً شاسعاً. وفيما تقاعدت اكثرهن تقدماً بالسن قبل عشر سنوات ونيف، فان الشابة بينهن بالكاد بلغت الثلاثين. وانهماكهن بالاعمال الخيرية له اسباب متباينة هو الآخر. ففيما حفز بعضهن حدث مفاجئ ما لتكريس حياتهن لخدمة المحتاج، اتخذت اخريات من عمل الخير مهنة يمارسنها قصد الحصول على لقمة الخبز. لكن على رغم هذه الفروق، تجمعهن قواسم مشتركة عدة لعل اهمها حب عمل الخير المتأصل فيهن والرغبة الملحة باستغلال طاقاتهن لخدمة الانسان. طبيعي اذن ان يكون نكران الذات من الخصال التي يتحلين بها جميعاً، ما جعلهن شبه مجهولات لا يدري بنشاطهن الحثيث سوى قلة قليلة على رغم تمرسهن في المجالات التي يعملن بها وتأسيس بعضهن مؤسسات خيرية محترمة. والاعلام الذي لم يجد من قبل متسعاً لتسليط الضوء على الدور الثمين الذي تؤديه هؤلاء النساء، ربما بحكم ظروف عملهن، طرق بابهن اخيراً. اذ اختارتهن مجلة "مدام فيغارو" الفرنسية المعروفة للمساهمة في "الجائزة الكبرى للأعمال الانسانية" اعترافاً بجهودهن الرامية الى خدمة الانسان وتخليصه من متاعب يواجهها. الغالبية الساحقة من "فاعلات الخير" هؤلاء هن فرنسيات! لكن اذا اختارت مجلة "مدام فيغارو" ان تكافئ فاعلات الخير الفرنسيات وحدهن، تقريباً، فهذا لا يعني ان فرنسا تمتاز عن غيرها من دول العالم المتناثرة هنا وهناك في مجال الاعمال الانسانية او عدد الذين كرسوا انفسهم لها في اصقاع الارض من نساء ورجال. وقد لا يكون من قبيل المبالغة القول ان فعل الخير ومساعدة الانسان أخيه الانسان يكاد يكون امراً مألوفاً لا يميز صاحبه في بلدان العالم الثالث، بخلاف الدول الغنية حيث فرضت متطلبات الحياة الحديثة على الغربي ان يهتم بنفسه اولاً واخيراً ما يجعل فعل الخير ينطوي على تضحية تشد الانتباه الى المتطوع وتعود اليه بالمديح. واللافت في اللائحة التي انتخبتها المجلة الفرنسية هي خلوها من اسم أي امرأة متفرغة لمساعدة ابناء جلدتها الفرنسيين، فهل يعيش هؤلاء جميعاً في نعيم؟ لكن، مهما يكن من امر تستحق هؤلاء النسوة التقدير على ما بذلنه من اجل الانسان اي انسان. واذا بخسهن المرء هذا الحق لكان جديراً بقسط اكبر من اللوم الذي يليق بمجلة "مدام فيغارو" على رؤيتها العالم بعيون فرنسية فقط. لبنان والاجنبية الاولى في فريق "فاعلات الخير" هي السيدة اللبنانية ايفون الشامي التي عملت في الماضي قابلة وممرضة ونشطت في حقل الاعمال الاجتماعية. وهي حاولت قصارى جهدها في 1976 لاقامة مركز الاطفال المعاقين في بلادها، التي كانت تعيش آنئذ واحدة من احلك فترات الحرب الاهلية. الا ان ابواب منظمة الصليب الاحمر الدولية اوصدت دونها على رغم افتقار لبنان الى مركز من هذا النوع هو في امس الحاجة اليه. واعتذرت المنظمة العالمية من عدم الاستجابة الى طلب السيدة شامي بحجة ان لديها اعباء اخرى اكثر الحاحاً. غير ان ذلك لم يثبط من عزيمة الممرضة الصبورة بل زادها اصراراً على انصاف ذوي العاهات الدائمة من ظلم المجتمع الذي لا يعبأ بحاجاتهم. وبفضل هذا الاصرار على "رفض ما هو غير مقبول" رأت النور منظمة "الخدمة الاجتماعية ورعاية الطفل اللبناني". والمؤسسة، التي تبدو فريدة من نوعها، هي في ضواحي بيروت بيت للاطفال المعاقين ينهلون منه جرعات الحب والحنان ويجدون فيه المكان الآمن الذي يفيض بالعطف. وهو، قبل كل شيء، مركز للمعالجة يستقبل يومياً حوالي 700 طفل تتراوح اعمارهم بين اشهر قليلة و15 سنة. وهؤلاء المرضى يعيشون مع عائلاتهم لأن "العاهة ليست عذراً مقنعاً يبرر انفصال المعاق عن اهله"، كما تقول السيدة شامي. فهي تعمل على تشجيع مرضاها للانخراط في الحياة الاجتماعية العامة وعدم العيش في معزل عن الاصحاء، وعدم التعامل مع عاهتهم وكأنها سجن يقيد حريتهم ويفوت عليهم فرص الخلاص. والسبيل الاساسي الى هذا هو مقارعة المرض بصبر والتصميم على الحاق الهزيمة به. هكذا تعلم السيدة شامي مرضاها "حب الحياة الذي يحتاجون اليه اكثر من حاجتهم الى الكرسي المتحرك". والنجاح الذي كان من نصيب مؤسستها هذه المعنية بصغار السن من المعاقين، حدا بالسيدة الى توجيه بعض عنايتها الى المرضى الذين تجاوزوا مرحلة اليفاعة. فهي تسعى حالياً الى اقامة مؤسسة اطلقت عليها اسم "أنت أخي" الغاية منها رعاية المقعدين الذين اصيبوا بعاهات عدة ابقتهم رهن اسرّة مصحات "ما ينال من كرامتهم". وتصميمها الذي لا يعرف التخاذل مقترن بقدرة متميزة على الاقناع وشخصية محببة سرعان ما تدخل قلوب الآخرين. هذه هي اسلحة السيدة شامي في معركتها ضد الظلم الواقع على بعض افراد المجتمع. وفيما تستمر هذه المعركة التي حققت انجازات عدة بفضل جهود "جماعية بذلها اشخاص اعتبروا مشكلة المعاقين مشكلتهم" لا يزال النصر النهائي وانصاف ذوي العاهات حلماً لا يتحقق الا في "مدينة فاضلة" من نوع جديد. باماكو ومن لبنان الى باماكو عاصمة مالي، حيث اتت آنك كومبير العام 1992 لرعاية اطفال المدينة المشردين بعدما قضت ما يزيد على عشر سنوات في ممارسة العمل ذاته مع زوجها في نواكشوط. وبفضل التقاليد العربية والاسلامية التي كفلت حماية معظم اطفال المدينة الموريتانية من آفة التشرد، كانت مهمة كومبير اقل عناءاً. الا ان الوضع تغير تماماً في باماكو، التي يعاني صغارها الفقراء من الامراض الاجتماعية ذاتها التي تتهدد حياة وسلامة ما يزيد على 80 مليون طفل موزعين على شتى انحاء العالم و90 في المئة من اطفال باماكو مدمنين على المخدرات. وبسب الذي لاقوه من الكبار بين افراد العائلة وغيرهم فضّل هؤلاء الصغار حياة التشرد وشظف العيش على البقاء في منازلهم والتعرض لمزيد من الاساءة. وباعتبارهم يتوجسون من الكبار نتيجة لتجاربهم القاسية، فإن كسب ثقتهم يتطلب من المرء ان يكون على مستوى رفيع من الحذر والصدق. ولما كانت آنك وزوجها جان جاك يتقنان التعامل مع الاطفال على نحو يبعث في نفوسهم الطمانينة، ازدهر "مركز الاصغاء" الذي انشآه لمساعد المشردين الصغار وزاد عدد رواده يوماً اثر يوم. ويخرج جان جاك مساء كل خميس بحثاً عن الاطفال المشردين في انحاء المدينة. وغالباً ما يعود وسيارته مزدحمة بالصغار الذين وافقوا على زيارة المركز، حيث يتناولون بعض الطعام ويقضون ليلتهم في فراش دافئ. وبوسعهم مغادرة المركز والعودة اليه بحرية تامة من دون ان يخضعوا الى استجوابات تتعلق بماضيهم او حاضرهم. لكن اذا شعروا بالحاجة الى الحديث عن المشاكل التي تقلقهم سيجدون الآذان الصاغية. وعدا النصح والمشورة، تحاول آنك وزوجها تحقيق رغبة الاطفال الذين يريدون العيش من جديد في كنف عائلاتهم. فإن لم تكن هناك عائلة يعود اليها المشرد، او ان حبل الود بينه وبين اهله انقطع نهائياً، بادر الزوجان الى وضعه في احد البيوت التي افتتحاها لايواء الاطفال. وفي هذه البيوت يجد الطفل ما يعوضه عن بعض الحنان الذي يفتقده، ففي البيت الواحد يعيش 12 طفلاً مع شخص يُعد لهم الطعام وآخر يشرف على البيت ويسهر على سلامة نزلائه. غير ان هذا كله لا يكفي لضمان مستقبل الاطفال، لذا تشرف آنك شخصياً على تعليمهم القراءة والكتابة، وتدريبهم على ممارسة مهنة ما تساعدهم على الاعتناء بأنفسهم لاحقاً حين تزج بهم في المجتمع. وآنك التي انجبت اطفالاً ثلاثة، تتبع اسلوباً تربوياً يجمع بين الحزم، الذي تلجأ اليه اذا لزم الامر، وبين العطف على الصغير والتغاضي عن اخطائه. وهذا اللين يشجع اولئك، الذين يدفعهم الحنين الى حياة التشرد للهروب من البيت، الى العودة ثانية من دون خوف من العقاب. ونجاح آنك هو ثمرة اخلاصها لقضية الاطفال المشردين التي كرست نفسها لها منذ كانت تعيش في بلدها الاصلي باريس. فهي وزوجها تطوعا لرعاية اطفال العاصمة الفرنسية المحرومين اول الامر، وتخليا عن مهنتيهما لهذه الغاية. وبعدما هجرت آنك الموسيقى التي احترفتها سابقاً وتقاعد جان جاك من عمله مصوراً صحافياً اهتما بأطفال مدينتهما لسنوات قليلة قبل ان يرحلا الى دول افريقية تابعا فيها مهمتهم الانسانية. جيبوتي والاعمال الخيرية لا تستقطب اولئك الذين لا يزالون في سن الشباب كآنك وزوجها فحسب. إذ تعيش في جيبوتي الفرنسية هيلين أزكيو 75 عاماً، التي تركت اولادها الستة واحفادها من البنين والبنات وجاءت الى هذه البلاد الغريبة. والحافز على هجرتها هو العمل الخيري الذي اختارته لنفسها: إعانة أبناء اقلية عفار. ولأنها عاجزة عن "تحمل الظلم" تقضي أزكيو الشطر الاكبر من وقتها في السهول الجرداء المتاخمة لحدود جيبوتي مع اثيوبيا. وهناك تجوب المنطقة على قدميها اللتين لم يدب بهما الوهن على رغم السنوات الطويلة التي حملتا خلالها الجدة النشطة التي لا تكف عن الذهاب من قرية الى اخرى حاملة الدواء للفقراء المحرومين من نعمة الصحة. الحر الخانق والظروف الطبيعية القاسية التي تجعل السفر شبه مستحيل لم يمنعاها من مواصلة الترحال. وبحكم ترددها الدائم على تلك القرى النائية، صارت أزكيو شخصية تتمتع بشعبية متزايدة بين الصغار والكبار الذين ينادونها "ماما" أو "العمة هيلين". وقبل ان تكرس نفسها للعمل الانساني اثر وفاة زوجها، كانت أزكيو تعمل على مدى 30 عاماً رئيسة لقسم الامراض النفسية في مستشفى "هينداي" في هايتي. والحياة المريحة مادياً ومعنوياً التي قضتها حين كانت تمارس مهنتها الاساسية لم تعوّدها على الكسل. إذ لم تتردد في الانخراط في ميدان العمل التطوعي بعد تقاعدها على رغم الصعوبات التي ينطوي عليها نشاط من هذا النوع. وكانت ازكيو التحقت اول الامر بمؤسسة تعنى بالمتقاعدين وتساعدهم على استغلال خبراتهم في مجال الاعمال الانسانية، فلم تلبث ان بدأت العمل مع مركز لرعاية الاطفال المعاقين في هايتي. وخلال السنتين اللتين قضتهما في المركز تعرضت ازكيو الى الخطر اذ وجدت نفسها وسط دوامة الاضطرابات السياسية في بورت او برنس. وادى انفجار قنبلة بالقرب من المكان الذي وقفت فيه اثناء واحد من احداث الشغب، التي طالما شهدتها العاصمة، الى تطل احدى اذنيها وتخريبها نهائياً. وبعد انتهاء مهمتها في المركز، قررت ان تضع خبرتها الطويلة في خدمة الاقلية الاثنية "عفار". ووصلت جيبوتي اوائل الثمانينات غير عابئة بتحذيرات الاصدقاء من مغبة العمل مع ابناء تلك الاقلية التي تفتقر علاقتها بالحكومة الى الود المتبادل. وفعلاً لم يطل الوقت حتى حُظّر على ازكيو رسمياً دخول الاراضي الجيبوتية. ومع ان مكوثها في القرى النائية جعلها في مأمن، فهي وقعت في ايدي رجال الشرطة الذين طردوها من البلاد مرتين، كانت ثانيتهما في 1993 حين اصيبت الجدة الآتية من هايتي بنوبة قلبية خفيفة لم تمنعها من العودة ثالثة الى جيبوتي "على رغم كل شيء". ولئن بدأت ازكيو عملها الانساني في سن متقدمة، فالسيدة اوديتي ريبرو اتخذت من رعاية الاطفال المحتاجين شغلها الشاغل وهي بعد في الثلاثينات من عمرها. اما الدافع المباشر الى هذا التحول الجذري في حياة المرأة الفرنسية، التي عملت حتى ذلك الوقت معلمة مدرسة في مارسيليا، فكان عثورها على رضيع لم يتجاوز الثانية تركه اهله في زقاق خلفي في احدى مدن جزيرة مدغشقر ليموت وحيداً هناك. الا ان ريبرو حملته الى بيتها حيث ربته مع ولديها. وهو الآن يتمتع بصحة جيدة، ما يسمح لوالدته بالتبني ان تتفرغ تماماً لمنظمة "اطفال العالم" التي اسستها قبل بضع سنوات في مدغشقر. والمنظمة تسعى الى جمع التبرعات لاعانة الاطفال وعائلاتهم في الجزيرة التي يشكل فقراؤها الذين يعيشون تحت مستوى الفقر حوالي 40 في المئة من عدد السكان، وتزيد نسبة صغارها المصابين بسوء تغذية مزمن على 50 في المئة ممن لم يتجاوزوا سنتهم الخامسة. وتتلقى 900 عائلة المساعدات التي تجمعها ريبرو بدأب وتصميم. وهي تقبل التبرعات المادية والعينية الكبيرة مثل الجرارات الزراعية والصغيرة كالفؤوس ووجبات الطعام المتواضعة. "الاطفال والنور" وتتابع ميشيل هيللر في اعماق آسيا العمل الانساني الذي لم تكن، قبل لقائها بالطفلة سوسي في احد شوارع كاتمندو، تتوقع انها ستنذر نفسها له. فالصغيرة ذات العينين السوداوين اللامعتين كانت تتجول في شوارع المنطقة التي يرتادها السياح عارضة خدماتها عليهم كمرشدة بوسعها ان تُريهم معالم المدينة التاريخية لقاء أجر بخس. وبخلاف الآخرين، قررت هيللر ان لا تخيب امل الطفلة وذهبت برفقتها للتعرف على عاصمة نيبال المتميزة. وشيئاً فشيئاً دخلت سوسي قلب المرأة الفرنسية التي اعجبها ذكاء مرافقتها الصغيرة وسرعة بديهتها. وقبل ان تودعها سألتها عن امنيتها فقالت الطفلة احلم بالذهاب الى المدرسة كي اتعلم القراءة والكتابة. ولم يمض وقت طويل حتى أقامت هيللر مؤسسة تعني بتأمين فرص التعليم لاطفال نيبال وأطلقت عليها "الاطفال والنور". والمؤسسة، التي اتخذت من مدينة بورج الفرنسية حيث تعيش هيللر مقراً لها، تعمل على جمع التبرعات قصد الانفاق على مجموعة من الطلاب الذين تعهدت توفير المال اللازم لهم حتى يُكملوا تحصيلهم الدراسي. ولاقت المؤسسة قسطاً لا بأس به من النجح بفضل اجتهاد رئيستها، التي لم يمنعها سنها الذي تجاوز الستين، من القيام بنشاطات وحملات دعائية قصد جمع مزيد من التبرعات. ولا يزيد عدد الطلاب والطالبات الذين ترعاهم المؤسسة على 14 طفلاً، لان السيدة هيللر تحرص على متابعة دراسة كل منهم والتعرف عليه شخصياً. ولذا تفضل ان يكون العدد صغيراً ما يجعلها قادرة على اقامة صلة متينة معهم فرداً فرداً وتشجعيهم او تزويدهم النصح والمشورة. والمرأة الفرنسية الاخرى التي امتهنت العمل الخيري وبرزت فيه هي دوميتي لاغورغ الاكثر شباباً من مواطنتها السابقة. فالصحافية، التي تدير مع زوجها ادواردو مؤسسة للعناية بالطفل، لم تتجاوز عامها الثلاثين. وكانت دوميتي كرست نفسها للاعمال الانسانية منذ سنوات عدة. إذ حملت المعونات الطبية والغذائية مع فريق من المتطوعين الى افغانستان وهي بعد عروس قضت للتو شهر العسل مع شريك حياتها. لكنها انقطعت عن السفر الى دول أجنبية قصد نقل المساعدات بعدما رُزقت بطفلتها الثانية غريغوريا "عامان" خوفاً من تعرضها لمكروه يحرم غريغوريا وشقيقتها اناستازيا "4 سنوات" من والديهما. ومع انها استطاعت ان تلتزم هذا العهد الذي قطعته على نفسها، وتقاوم الرغبة بالذهاب لمساعدة المتضررين من كوارث تسببت بها الطبيعة أو الانسان، قررت ان تحنث به حين رأت صور اللاجئين الاكراد واطفالهم على شاشات التلفزيون بعد حرب الخليج الثانية. وهكذا هرعت مع زوجها الى المناطق الكردية في شمال العراق حيث امضى الاثنان بضعة اشهر وهما يحاولان مساعدة سكان المنطقة على اعادة بناء ثلاث من القرى التي دمرتها القذائف العراقية.