الكويت : من معالجة نتائج الغزو الى اعادة تخطيط الاقتصاد لم يكن العام 1993 عاماً سهلاً امام الكويت التي لا تزال تعاني من وطأة الخسائر التي رتبها الغزو العراقي للبلاد في العام 1990، الا ان هذه الدولة التي دمرت قطاعات اقتصادية بكاملها فيها، وفي طليعتها قطاع النفط، استطاعت في العام 1993 ان تحقق خطوات كبيرة الى الامام. فقد اقترب الانتاج النفطي الى مستوياته التي كان عليها قبل الغزو العراقي، وبمعدل قريب جداً من مستوى 5.2 مليون برميل يومياً. كما استعاد معظم المصافي طاقته السابقة، في حين باشرت الحكومة تنفيذ خطط واسعة لزيادة انتاج المياه والكهرباء والاتصالات بشكل يلبي احتياجات السنوات العشر المقبلة، وادت الترتيبات التي اقرت اخيراً الى اقفال الديون المصرفية المتعثرة حوالي 20 مليار دولار. وفي العام 1993 انتقلت الكويت الى مرحلة استيعاب النتائج التي افرزها انفجار ملف الاستثمارات الخارجية، وهو الملف الذي لم تقتصر انعكاساته على النواحي المالية. وانما تجاوزتها الى النواحي المعنوية وصدقية المؤسسات الكويتية في الخارج. ويجمع الكويتيون الذين باشروا اعادة نظر شاملة بأوضاع مؤسساتهم الاستثمارية في الخارج، على ضوء ما حصل في اسبانيا ودول اخرى، على ان الاهم للمرحلة المقبلة هو قطع الطريق على امكانات تكرار ما حصل. وفي الواقع باشر الاقتصاد الكويتي التكيف مع النتائج التي افرزها الغزو، سواء على صعيد تراجع الرقعة السكانية بعد خروج آلاف العمال الوافدين، او على صعيد الالتزامات المالية التي رتبتها عملية اعادة تأهيل القطاعات الاقتصادية واصلاح الاضرار التي اصابت قطاعات الخدمات الاساسية، ثم تنامي الانفاق العسكري لاعادة بناء القدرات الدفاعية للبلاد. ولعل القضية التي اثارت اكبر قدر من النقاش في الكويت في العام الجاري تمثلت في الوسائل التي يمكن اعتمادها لخفض العجز في الموازنة العامة المقدر بحوالي 233.1 مليار دينار كويتي حوالي 4 مليارات دولار. ومن المقدر ان يحقق برنامج التخصيص توسعاً كبيراً في خلال العامين المقبلين، مع دخول "الشركة الكويتية للاتصالات" التي ستحل مكان وزارة المواصلات، مرحلة التشغيل الفعلي اعتباراً من نهاية العام المقبل، اضافة الى بلوغ التخصيص قطاع النفط، اقله في مجال التوزيع وانتاج الزيوت المعدنية التي تخطط الدولة لبيعها الى القطاع الخاص. ومن المتوقع ان تتجه الكويت الى تطبيق نظام مماثل لما تطبقه السعودية في مجال تشغيل قطاعات الخدمات، عن طريق تخصيص ادارة وتشغيل المستشفيات والمرافق العامة الاخرى. وعلى رغم الأهمية الخاصة التي يحظى بها موضوع العجز في الموازنة العامة، الا ان ثمة تفسيراً آخر يعتبر ان العجز في موازنة الدولة هو عجز صوري ودفتري نظراً الى الاستثمارات الكويتية في الخارج التي تبلغ عائداتها السنوية حوالي 3 مليارات دولار. ويجمع خبراء اقتصاديون في الكويت على ان عودة الانتاج النفطي الى مستوياته التي كان عليها قبل الغزو العراقي 5.2 مليون برميل يومياً ثم ارتفاع الصادرات الى مستوى 2 مليون برميل، من شأنه ان يزيد من العائدات التي تحصل عليها الحكومة من دون ان يؤثر فشل الاسعار في الارتفاع الى مستوى 21 دولاراً للبرميل على مستويات العجز، اذ ان الحكومة الكويتية كانت رتبت ارقام موازنتها على اساس 15 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الذي يمثل الحد الادنى المتوقع لاسعار النفط في الاسواق العالمية. ومع ذلك تعترف الحكومة الكويتية التي انجزت برنامج شراء المديونيات المصرفية الصعبة لدعم القطاع المصرفي المحلي ومساعدته على استئناف نشاطه، بضخامة المشاكل الاقتصادية التي اوجدها الغزو. فقد استمرت ازمة الركود في القطاع العقاري، ولو ان الاسعار اصبحت حالياً اكثر واقعية، ونتجت المشكلة في الاساس عن تراجع عدد السكان من 2.2 مليون نسمة في العام 1989 الى حوالي 200.1 مليون نسمة في الوقت الحاضر نتيجة خروج العمالة الاجنبية من البلاد بسبب الغزو، وما لحق المؤسسات الاقتصادية من تدمير، وبدلاً من ان يزداد الطلب على المساكن لم تجد عشرات الاف الشقق اي طلب مهم عليها. الا ان تراجع الحجم السكاني للبلاد، اثر ايضاً على حجم الطلب في السوق، ولم تساهم عودة الاف الاسيويين الى العمل في الكويت في رفع مستويات الطلب بسبب المستويات الانفاقية المتدنية لهذه الجنسيات من العمالة. وثمة اعتقاد متزايد في الكويت حالياً، بأن البلاد التي لا تزال تعاني من ضخامة الخسائر التي رتبها الغزو، ومن حاجتها الى اعادة ترتيب اولوياتها الاقتصادية طبقاً للمعطيات الجديدة، انتهت من مرحلة استيعاب نتائج الحرب تمهيداً للانتقال الى مرحلة اعادة الهيكلية المالية والاقتصادية. وفي هذا الاطار ينظر الى برامج التخصيص التي باشرت الحكومة تطبيقها لتقليص الدعم عنها، والتخفيف من العبء المالي المترتب على الخزينة، ومن المقدر ان يشهد العام المقبل خطوات تنفيذية الى الامام، سواء في قطاع الاتصالات او في قطاعي الكهرباء والمياه وحتى في قطاع النفط. ومن المتوقع ان تعمد الحكومة الكويتية الى تحرير اسعار الخدمات بصورة جزئية، اضافة الى اعادة النظر في الرسوم المفروضة على السلع الاساسية المستوردة. الكويتيون لا يخفون مرارتهم من الاكلاف التي رتبتها عملية الغزو، كما لا يخفون مرارتهم ايضاً من النتائج التي كشف عنها انفجار ملف الاستثمارات في الخارج، الا ان الاكيد هو ان الكويت في نهاية العام 1993، هي افضل بكثير مما كانت عليه في نهاية العام 2199، وأفضل ايضاً مما كانت عليه في العامين 1991 و1990. وهو ما يمكن ان يكون بداية الطريق. قطر : الانتعاش الآتي من حقل الشمال من المقدر ان يحقق النمو الاقتصادي في قطر للعام الجاري، استناداً الى الارقام الرسمية المتوافرة حتى الآن، نسبة 5،4 في المئة، في مقابل 5،3 في المئة للناتج المحلي غير النفطي الذي سجل 2 في المئة في العام الماضي، وتراجع بنسبة 4،3 بالمئة في العام 91. وبحسب الارقام غير النهائية فان الانفاق الحكومي للعام الجاري زاد بما معدله 5 في المئة في مقابل 6 في المئة كانت موازنة العام 1993 قررتها، ليصل اجمالي الانفاق العام الى 3،12 مليار ريال 3،3 مليار دولار بعدما كان بلغ في العام 1992 ما مجموعه 706،11 مليار ريال 2،3 مليار دولار. وعلى غرار ما هو قائم في الدول الخليجية، فان القطاعات غير النفطية في قطر مرشحة لزيادة حصتها في المحافظة على معدلات نمو مرتفعة نسبياً، قياساً الى معدلات النمو القائمة في الدول الاخرى، خصوصاً في أوروبا وأميركا الشمالية التي لا تتجاوز، بحسب الارقام غير النهائية حتى الآن، مستوى 5،1 في المئة. وتعتبر الزيادة في الانفاق الحكومي للعام 1993 من حوافز النمو الذي حققه الاقتصاد القطري الى جانب تزايد حصة القطاع الخاص في دفع مسيرة النمو، وطبقاً لتقديرات متطابقة فان ثمة بوادر مشجعة في قطر للسنوات القليلة المقبلة، مع دخول مشاريع استثمار حقل الشمال حيز التنفيذ، اذ من المقدر ان تنفق الحكومة ما يزيد على 5 مليارات دولار لتطوير مشاريع استغلال الغاز الذي يصل احتياطه المؤكد الى حوالي 260 تريليون قدم مكعب في حقل الشمال وحده، والذي يعتبر اكبر حقل في العالم من حيث كمية الاحتياط. وفي هذا الاطار، انجزت الحكومة القطرية هذا العام تأسيس شركة "رأس لفان للغاز الطبيعي المسال المحدودة" برأسمال مليار دولار تملك المؤسسة العامة القطرية للبترول نسبة 70 في المئة بالتعاون مع شركة "موبيل" الاميركية التي ستملك 30 في المئة من المشروع. وتبلغ الطاقة الانتاجية للشركة التي دخلت مرحلة التأسيس القانوني في حزيران يونيو الماضي 10 ملايين طن سنوياً، الامر الذي من شأنه ان يرفع الطاقة الاجمالية للانتاج من حقل الشمال الى 22 مليون طن. ومن المعروف، ان "قطر غاز"، وهي الشركة القطرية التي تتولى تشغيل وتسويق انتاج حقل الشمال، وقعت في ايار مايو من العام 1992 اتفاقاً مع شركة "تشوبو" اليابانية للطاقة الكهربائية لبيعها كميات من الغاز بواقع 4 ملايين طن سنوياً، ولمدة 25 عاماً، مع خيار زيادة الكميات الى 6 ملايين طن سنوياً. وتتفاوض "قطر غاز" منذ فترة مع "سنام بروجيتي" الايطالية لبيعها هي الاخرى كميات من الغاز الى الاسواق الاوروبية، وحصلت المجموعة الايطالية على تخفيضات في اسعار مرور ناقلات الغاز عبر قناة السويس، في حين من المتوقع ان يُصار قريباً الى الانتقال الى مرحلة جديدة في تنفيذ المشروع واستكمال اطاره القانوني. وفي هذا الاطار، باشرت "قطر غاز" التوقيع على الاتفاقات التنفيذية للمباشرة بعمليات التصدير اعتباراً من اواخر العام 1996، فتم التوقيع من "تكنيغاز" الفرنسية على عقد لاقامة 3 خزانات للغاز الطبيعي المسال، سعة الواحد منها 85 الف متر مربع، سيتم استخدامها في عمليات الشحن الى "تشوبو" اليابانية. وجاء العقد الذي منحته "قطر غاز" للشركة الفرنسية بعد عقد آخر مع "تشيود كميكال انجينييرينغ اند كونستراكشن كومباني" اليابانية بقيمة 400،1 مليار دولار لانشاء مصنع تسييل الغاز في رأس لفان، بطاقة 600 طن في الساعة، ومن المقرر ان يتم تلزيم عقود اخرى تتعلق باستكمال تنفيذ المشروع المفترض ان يكون جاهزاً في اواخر العام 1996. وأظهرت الاتصالات التي اجراها "جي. بي. مورغن" وهو المستشار المالي لپ"قطر غاز" ان ثمة استعداداً واسعاً عند المصارف الدولية للمساهمة في التمويل الذي يقدر ان تصل كلفته الى حوالي 5 مليارات دولار، سيتم تأمين 5،1 مليار دولار منها عن طريق المساهمين، في مقابل 5،3 مليار دولار عن طريق القروض والتسهيلات المصرفية من الاسواق المالية الدولية. وينظر الى اهتمام المصارف العالمية بالمساهمة بالتمويل على انه احد المؤشرات الرئيسية للجدوى المالية للمشروع على صعيد ربحيته وضمان نجاحه. ويجمع معظم الخبراء الاقتصاديين في الدوحة على ان المباشرة بتشغيل "حقل الشمال" سيوفر لقطر انتعاشاً اقتصادياً اضافياً ليس بسبب مردودية صادرات الغاز وحسب، وانما بسبب الصناعات التي ستنشأ الى جانب المشروع. ومن المقدر ان تستفيد النشاطات الاقتصادية، على غرار ما حصل في العامين 1992 و1993 من استمرار توافر التسهيلات والقروض المصرفية بمعدلات فوائد مشجعة بسبب الاسعار المخفضة نسبياً للفوائد على الريال القطري، بعدما تحولت المصارف القطرية عن التعامل بأسعار فائدة ثابتة الى التعامل بآلية متحركة طبقاً لحركة العرض والطلب. الامارات العربية : نفط وسياحة وقطاع خاص قد تكون دولة الامارات العربية المتحدة الاقل تأثراً بمشاكل العجز المالي الحكومي، نظرا الى نجاح الحكومة الاتحادية في تقليص العجز في موازنتها العامة للعام 1993 الى 720،1 مليار درهم 740 مليون دولار والى اصدار موازنة العام 1994 من دون عجز يُذكر، نتيجة التركيز على تقليص الانفاق العام وضبط المصروفات العائدة لبعض المشاريع، الى جانب اعادة النظر في الروزنامة الزمنية المحددة لتنفيذ بعض العقود. وتستفيد الامارات من مجموعة اعتبارات للحد من تنامي العجز في موازنتها. فقد عمدت الى تقليص النفقات وفرض رسوم، ولو محدودة جداً، على بعض الخدمات التي تقدمها لتشكل المورد الثاني للخزينة، الى جانب العائدات النفطية. ونتيجة لمثل هذه السياسة نجحت الامارات في تقليص ارقام موازنتها من 24 مليار درهم في العام 1982 5،6 مليار دولار الى 14 مليار درهم 8،3 مليار دولار في العام 1986، لتعود وترتفع في العام 1993 الى 631،17 مليار درهم 6،4 مليار دولار ومن غير المتوقع ان يحصل تعديل اساسي في موازنة العام 1994، نظراً الى السياسة المالية المتشددة التي ستواصلها الحكومة في مجال الانفاق، وعبّر عنها وزير المال والصناعة الشيخ حمدان بن راشد، خصوصاً لجهة التركيز على ضرورة تحقيق التوازن بين النفقات المتوقعة والايرادات المتاحة للتمويل، اضافة الى ضرورة ضبط النفقات العامة بهدف تقديم الخدمات بكلفة اقتصادية مناسبة وزيادة اقنية الايرادات غير النفطية. وطبقاً لأرقام رسمية فان العائدات النفطية المتوقعة للامارات في نهاية العام الجاري ستتراجع الى 412،13 مليار دولار، في مقابل 7،13 مليار دولار في نهاية العام الماضي و4،14 مليار دولار و7،15 مليار في العامين 1991 و1990 على التوالي. في المقابل فان النمو الذي حققته القطاعات غير النفطية في خلال السنوات الثلاث الماضية، وتواصل في العام 1993، ساهم في التخفيف من انعكاسات تراجع العائدات النفطية بسبب انخفاض الاسعار في الاسواق العالمية. ومن المقدر ان يحقق الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي نمواً بحدود 4 في المئة في مقابل 7.4 في المئة في العام 1992 و2،4 في المئة في العام 1991 و9،7 في المئة في العام 1990. وارتفعت حصة القطاعات غير النفطية من الناتج المحلي الاجمالي في العام 1993، استناداً الى تقديرات غير نهائية، الى حوالي 59 في المئة، في مقابل 41 في المئة للقطاع النفطي، الامر الذي يعكس التوسع الذي حققته قطاعات اخرى، مثل قطاعي الزراعة والصناعة والخدمات. وفي حين ارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي الى 1،8 في المئة في مقابل 8،7 في المئة العام الماضي، فان قطاع البناء سجل هو الآخر زيادة جديدة رفعت مساهمته الى 2،8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، بمعدل نمو بلغ 1،6 في المئة، في مقابل 7،6 في المئة لقطاع التجارة. وباستثناء تراجع اعادة التصدير الى الكويت بسبب عودة موانئها الى العمل، والى ايران نتيجة الاجراءات المتشددة التي باشرت الحكومة الايرانية تطبيقها على الواردات من الخارج، فان قطاع اعادة التصدير في الامارات، وبشكل خاص في امارة دبي، واصل ارتفاعه ليسجل واردات قاربت الواردات التي حققها قطاع النفط 13 مليار دولار. وخططت حكومة الامارات لانفاق ما يصل الى 309 ملايين دولار على مشاريع مختلفة في العام 1993، الا ان ارقام الانفاق في النصف الأول من العام الجاري جاءت اقل مما كان متوقعاً، وتشكل 21 في المئة مما كان متوقعاً، وفُسر هذا الحجم المتدني بالتأخر في استكمال الترتيبات اللازمة للمباشرة بالتنفيذ الذي يمكن تعويضه في النصف الثاني من العام. وكانت الامارات خصصت 5 مليارات دولار لتطوير قطاعها النفطي وزيادة طاقتها الانتاجية من 5،2 الى 5،3 مليون برميل يومياً. ونجحت ابو ظبي في اعادة تشغيل حقول بحرية وبرية مهمة، الامر الذي جعل قدرتها الانتاجية ترتفع الى 4،2 مليون برميل يومياً، اضافة الى حوالي 425 الف برميل ستنتجها امارة دبي في اواخر العام المقبل، فيما تتوقع امارة الشارقة مضاعفة قيمة عائداتها من انتاج الغاز. الى ذلك، من المقدر ان يصل الانفاق على مشاريع الكهرباء وتحلية المياه الى حوالي 5،2 مليار دولار وهي مشاريع بدأ تنفيذها اعتباراً من العام 1992 لتغطية الزيادات المتوقعة في الطلب مع عودة الانتعاش الاقتصادي الى البلاد. وتخطط الامارات للتحول الى مركز اقليمي اول للتجارة الدولية، وحققت امارة دبي توسعاً واسعاً في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية التي تجاوزت رساميلها المليار دولار في المنطقة الحرة في جبل علي، اضافة الى عودة حوالي 685 شركة اجنبية تتخذ من الامارات مقراً اقليمياً لها لزيادة حصصها في المنطقة. وعلى رغم النجاح الذي حققه المصرف المركزي في موضوع انهاء الديون المتعثرة للمصارف العاملة في البلاد، وكان اهمه النجاح الذي تمثل في انجاز تسوية الديون المترتبة على امارة الشارقة لأربعة مصارف محلية، تابعت السلطات النقدية في العام 1993 اتخاذ التدابير التي تكفل قطع الطريق على تجدد ازمة المديونيات الصعبة التي تورط فيها بعض المصارف في اواخر السبعينات والثمانينات. وفي هذا السياق عمد المصرف المركزي الى تحديد نسب التركيزات الائتمانية التي يمكن للمصرف ان يمنحها لعميل واحد، اضافة الى الاجراءات التي اتخذت لمكافحة تنامي ظاهرة الشيكات المرتجعة التي حققت "طفرة" قياسية وساهمت في تقليص الثقة بالتعاملات التجارية في الامارات. اما على صعيد قطاع الخدمات فان الامارات تتجه لكي تصبح دولة سياحية. وبحسب الارقام التي اذاعتها حكومة دبي، من المتوقع ان يتجاوز عدد زوار الامارة في نهاية العام الجاري مستوى المليون سائح، في مقابل حوالي 123 الف سائح في العام 1991 و944 الفاً في العام الماضي. وتركز الامارات على تشجيع سياحة رجال الاعمال. ومن المتوقع ان ينشط الاتجاه في هذا القطاع لاجتذاب فئات جديدة. وتنوي دبي فتح مكاتب لها في السعودية في خطوة اولى قد تتبعها مكاتب في الدول الخليجية الاخرى، اضافة الى التركيز على اجتذاب رجال الاعمال في اوروبا والشرق الاقصى والولايات المتحدة. وتخطط الامارات لتحقيق اكبر مشروع سياحي في الشرق الاوسط هو "جزيرة اللؤلؤ" التي ستساهم في تنفيذها خمس من كبريات الشركات العالمية بكلفة قد لا تقل عن 5 مليارات دولار. ويجمع معظم المراقبين الاقتصاديين في ابو ظبي على ان تراجع العائدات النفطية لن يكون من دون تأثير على الانفاق، الا ان النمو الذي تحققه القطاعات النفطية اضافة الى زيادة حصة القطاع الخاص يغطيان الفجوة، لذلك هناك اجماع على ان النمو الذي يقدر ان يصل الى 5،1 في المئة في العام 1993 سيحافظ على مستوياته المستقرة في العام المقبل.