في نهاية العام المقبل، ترتفع القدرة الانتاجية النفطية في دولة الامارات العربية المتحدة الى 3 ملايين برميل يومياً، بزيادة 500 الف برميل عما هي عليه في الوقت الحاضر. الا ان هذه القدرة مرشحة للارتفاع الى 5،3 مليون برميل بعد 3 سنوات، ومع انتهاء اعمال اعادة تأهيل وتطوير القطاع النفطي. ووفقاً لتقديرات رسمية، فان الامارات ستنفق في خلال السنوات الثماني المقبلة، ما مجموعه 10 مليارات دولار لتطوير قطاعها النفطي والغاز المسيل، انتاجاً وتصنيفاً وتسويقاً. وتشتمل الخطط التي وضعتها الحكومة على تطوير كفاءة الحقول النفطية الحالية، الى جانب مباشرة الانتاج في حقول جديدة ومتابعة التوسعات في انتاج الغاز الطبيعي، خصوصاً في حقل "ام الشيف"، واستكمال بناء خط الانابيب لمضاعفة كميات الغاز المسيل الذي تعاقدت شركة "ادغار" على تصديره الى اليابان اعتباراً من العام 1994، ولمدة 25 عاماً، وانجاز اعمال تطوير ميناء جزيرة داس لاستقبال الناقلات العملاقة، التي تصل حمولتها الى نصف مليون طن. وتأتي هذه التوسعات في ظل سعي دولة الامارات لتكريس دورها كاحدى الدول الرئيسية في منظمة "اوبيك" الى جانب السعودية، ونتيجة بروز شكوك واسعة حول مدى توافر الامكانات لبلدين نفطيين آخرين لزيادة قدراتهما الانتاجية، وهما العراق وايران، نتيجة ارتفاع كلفة فاتورة اعادة تأهيل القطاع النفطي في كل منهما من جهة، وعدم توافر الاعتمادات الكافية لتغطية هذه الفاتورة. وتندرج السياسة النفطية لدولة الامارات في اطار سياسة اقتصادية اكثر طموحاً، تتمثل في السعي لتحقيق تنوع اقتصادي يتلافى الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للعائدات الوطنية وزيادة كفاءة البنية الصناعية والمالية، وتجاوز الانعكاسات التي خلفتها ازمة الخليج، وانفجار قضية بنك "الاعتماد والتجارة الدولي" الذي تملك ابو ظبي 4،77 في المئة من اسهمه واقفال فروعه المنتشرة في 60 دولة، وتغطية حد معين من حقوق المودعين فيه. وبالفعل فقد نجحت الامارات في تجاوز الضغوط التي خلفتها حرب الخليج على معظم الدول الخليجية، فحافظت على حرية التحويل، على رغم هروب مليارات الدولارات الى الخارج، لا بل ان البنك المركزي عمد الى مد المصارف الخاصة باحتياجاتها من العملات الصعبة، خصوصاً الدولار، لمواصلة تلبية احتياجات عملائها لمنع حصول بلبلة في الاسواق. وقد ادت هذه السياسة الى عودة الرساميل التي غادرت البلاد فور انتهاء حرب الخليج، وهو ما تظهره الموازنات المجمعة للمصارف التجارية، والتي بلغت 140 مليار درهم، بعدما كانت قبله حوالي 130 ملياراً. كذلك نجحت الامارات في امتصاص انعكاسات ازمة "الاعتماد والتجارة الدولي" علي الصعيد الداخلي، عندما تحول بنك "الاعتماد والتجارة الدولي" - الامارات الى بنك "الاتحاد الوطني"، ونجحت المصارف الوطنية من الافلات من وطأة الخسائر التي تردد انها ناتجة عن وجود ودائع لها في "الاعتماد والتجارة الدولي". وعكست الصفقات التي عقدتها مؤسسات وشركات وطنية في دولة الامارات تفاؤلاً واضحاً بالمرحلة المقبلة، اذ تعاقدت شركة "طيران الامارات" التي تملكها حكومة دبي على شراء 14 طائرة من طراز بوينغ برقم اجماعي وصل الى ملياري دولار، كما عقدت شركة "ادغار" اتفاقاً مع "ميتسوبيتشي" اليابانية لبناء ناقلتين عملاقتين بكلفة 600 مليون دولار. وفي العام 1992، وخلافا لما كان عليه الوضع في خلال السنوات السبع الماضية، عندما كان يجري اصدار الموازنة في نهاية العام الحالي، عمدت حكومة الامارات الى اصدار موازنتها للسنة الحالية في الفصل الاول بعجز بلغت ارقامه 4،1 مليار درهم 389 مليون دولار وبما يزيد بنسبة 7،16 في المئة عن العجز الذي تحقق في العام 1991. والمعروف ان الموازنة في دولة الامارات لا تشتمل على ارقام نفقات التسلح والدفاع او المشاريع النفطية. الا ان تزايد العجز في الموازنة الجديدة مرتبط على ما يبدو بموازنة وزارتين اساسيتين زادت نفقاتهما للعام الجاري، وهما وزارة الكهرباء التي ارتفعت ارقامها من 1 الى 5،1 مليار درهم من 277 الى 6،416 مليون دولار، ووزارة التعليم التي زادت ارقامها من 45،2 مليار درهم 2،671 مليون دولار، الى 6،2 مليار درهم 22،7 مليون دولار، في حين استقرت ارقام وزارة الصحة على 2،1 مليار درهم 3،333 مليون دولار. وطبقاً لتقديرات شبه رسمية، فان عائدات دولة الامارات من النفط ستتراجع الى حوالي 1،12 مليار دولار في نهاية العام الجاري، في مقابل 9،13 مليار دولار في نهاية العام 91 و7،15 مليار دولار في نهاية العام 90، الا ان الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي استطاع متابعة نموه، فعاود الارتفاع من 2 في المئة في العام 1990 الى 9،5 في المئة في 91، بعدما كان 5 في المئة في العام 89. وقد بلغ النمو في بعض القطاعات الانشائية معدلات مرتفعة، فارتفعت نسبتها في اجمالي الناتج المحلي من 7،7 في المئة الى 5،8 في المئة. الخبراء الاقتصاديون في دولة الامارات متفائلون بالمرحلة المقبلة، ولو ان عائدات النفط سجلت تراجعاً، ويميل معظمهم الى الاعتقاد بأن هذا التراجع ظرفي وموقت بسبب التوقعات المتفائلة بعودة الاسعار الى الارتفاع مع تحسين معدلات الطلب العالمي. اما المبرر الثاني لتفاؤلهم فيرتبط بكون دولة الامارات، كما هي حال معظم دول الخليج العربي، استطاعت بنجاح تجاوز انعكاسات أزمة الخليج في ظل اقتصاد منفتح على معظم التغيرات الحاصلة.