انطلاقاً من اقتراحات الرئيس زين العابدين بن علي الاخيرة لتطوير الحياة السياسية، تشكلت ثلاث لجان بدأت اجتماعاتها بهدف إدخال إصلاحات في ثلاثة مجالات حددها رئيس الدولة. 1 - تطوير القانون الانتخابي التونسي لتمكين الاحزاب المعارضة من دخول البرلمان في ظل طريقة اقتراع جديدة تعوض الطريقة التي اعتمدت منذ الاستقلال أي قبل 36 سنة، والتي كانت تستهدف الى حد ما احتكار الحضور في البرلمان للحزب الأقوى أي الحزب الدستوري. وتحاول اللجنة وضع طريقة اقتراع جديدة تعتمد على جرعة من النسبية، بدل طريقة الاقتراع بالأغلبية التي تعطي كل المقاعد في دائرة معينة للحزب الأول الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات. واذا كان الرئيس بن علي ترك للجنة المكلفة بدرس الموضوع وللسلطة التشريعية حرية واسعة في اختيار طريقة الاقتراع، الا أنه عبّر عن حرصه على أمرين اثنين. الاول، ضرورة تمثيل الاحزاب المعارضة في البرلمان وعدم احتكار التجمع الدستوري الحاكم كل المقاعد كما حصل في العام 1989 وترك كثيراً من المرارة لدىه. وكان بن علي حاول ادخال المعارضة الى البرلمان بمناسبة انتخابات جزئية.الثاني، الحرص على أن لا يؤدي هذا الامر الى تعطيل عمل المؤسسات الدستورية. فالنسبية المطلقة تخيف من حيث انها تؤدي غالباً الى اقتسام المقاعد بصورة لا تبرز غالبية واضحة، فتصبح الحكومات رهينة تحالفات وقتية كثيراً ما تعصف بها ادنى الخلافات او حتى المطامح الشخصية، كما هو الحال في النظام الانتخابي الايطالي، ومع أنه لا يمكن مقارنة تونس بايطاليا، الا ان التجمع الدستوري ما زال مهيمناً بحضوره الفعلي وليس معرضاً، على الأقل في الوقت الحاضر، وحتى في مستقبل منظور، لأن يكون ضحية انتخابات غير ملائمة له، الا ان القوانين تبنى للمستقبل وتعتمد وضع كل الاحتمالات. ومن هنا فان المراقبين يتوقعون نظام اقتراع جديد يقطع مع النظام المعمول به في البلاد منذ 36 سنة. ومن شأنه ان يؤدي في الانتخابات المقبلة في العام 1994 الى ادخال عدد من النواب من غير الحزب الدستوري الحاكم الى البرلمان. وهو اذا حصل فانه يكون تجديداً مهماً في الحياة السياسية والبرلمانية التونسية. 2 - اما مجال الاهتمام الثاني الذي تشكلت لجنة للنظر فيه فهو قانون الصحافة التونسي. وعلى رغم ان هذا القانون قد جدد في سنة 1988، فان رئيس الدولة مقتنع بضرورة مزيد من تحرير الصحافة وذلك عن طريق ادخال جرعات كبيرة جديدة الى قانون شهد تقدماً مهماً بمناسبة تعديلات 1988، ولكنه ما زال في حاجة الى دعم كبير في مجال اطلاق الحريات، وان كان هناك اقتناع بأن الكرة تبقى اليوم بين ايدي الصحافيين واصحاب المؤسسات الصحافية للنهوض بقطاع لم يسر بسرعة التغيير نفسها التي شهدتها البلاد على مدى السنوات الاربع الاخيرة. 3 - اما المجال الثالث من مجالات التطوير فيتعلق بالاحوال الشخصية التي تنظم حياة العائلة.