يتساءل نواب المعارضة في مجلس النواب التونسي من سيجدد له في الدورة المقبلة ومن سيخسر مقعده؟ وتنتهي ولاية المجلس الحالي المنتخب في 1994 والذي يعتبر أول مجلس تعددي منذ الاستقلال، في الخريف، على أن تجري الانتخابات العامة في الرابع والعشرين من تشرين الأول اكتوبر المقبل. ويشكل القانون الانتخابي والخلافات بين نواب المعارضة والأحزاب التي رشحتهم الحاجزين الرئيسيين اللذين قد يحولان دون عودتهم الى المجلس في الدورة المقبلة. أربعة أحزاب ويضم المجلس الحالي تسعة عشر نائباً يمثلون أربعة أحزاب هي حركة التجديد الحزب الشيوعي السابق وحركة الديموقراطيين الاشتراكيين والاتحاد الديموقراطي الوحدوي وحزب الوحدة الشعبية، بالاضافة لمئة وواحد وأربعين نائباً يمثلون "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم والذي يسيطر على نحو 84 في المئة من المقاعد. إلا أن وضع ثلاثة نواب أقالتهم أحزابهم أو استقالوا منها في السنوات الأخيرة ما زال غامضاً، لأن عودتهم الى مقاعدهم في المجلس صعبة اذا لم يزكهم حزبهم أو حزب آخر مرخص له. ويشترط القانون الانتخابي أن يتقدم المرشحون في لوائح تزكيها أحزاب لتسهيل فوزهم، أما إذا ما تقدموا على لوائح المستقلين فإن الأصوات التي يحصدونها تبقى في اطار الدائرة فإما أن يفوزوا بجميع مقاعدها أو لا يحصلون على مقاعد بالمرة. ويجيز القانون للأحزاب، بعد التعديلات التي أدخلت عليه العام الماضي، الحصول على سقف لا يتجاوز عشرين في المئة من مقاعد المجلس إذا فشل مرشحوها في الاقتراع مما يعني أن الحزب الأول سيكتفي بثمانين في المئة من المقاعد. وبدأ "الدستوري" حملة انتخابية مبكرة في الأسابيع الأخيرة بحشد تأييد المنظمات الشعبية والجمعيات المهنية والاجتماعية والثقافية للوائحه سعياً للمحافظة على المركز الأول. ورأس الوزير الأول الدكتور حامد القروي أخيراً بوصفه نائب رئيس "الدستوري" اجتماعاً لممثلي الجمعيات والمنظمات الأهلية اعتبره المراقبون نقطة انطلاق حملة التعبئة للانتخابات. ويعتقد أن اختلال التوازن بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة التي لا تستطيع غالبيتها اصدار صحفها لايصال صوتها الى الناخب يجعل فوز "الدستوري" الساحق مؤكداً مما يحد من فرص التجديد لنواب المعارضة الحاليين. موقف غامض ويعتبر الترشيح على لوائح أحزاب بديلة خياراً ممكناً للنواب المستقلين في المجلس الحالي، خصوصاً الحزبين غير الممثلين في البرلمان، وهما التجمع الاشتراكي يسار والحزب الاجتماعي التحرري ليبرالي، وهما حزبان مرخص لهما منذ 1988، لكن مشاركتهما في الانتخابات المقبلة ما زالت غير مؤكدة حتى الآن على رغم قصر المدة التي ما زالت تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي. ويشكل مصير نواب "حركة الديموقراطيين الاشتراكيين وسط مصدر الغموض الرئيسي كونها تسيطر على أعلى نسبة من المقاعد المخصصة للمعارضة في المجلس الحالي تسعة مقاعد إلا أنها منقسمة على نفسها الى جناحين. ولا يسهل هذا الخلاف عودة نوابه الحاليين الى المجلس، خصوصاً بعدما فشلت محاولات رأب الصدع وتوحيد جناحي الحركة. وإذا استمر الانقسام فإن على النواب "الاشتراكيين" الحاليين أن يختاروا بين العودة الى مظلة الحزب ليزكي ترشيحهم أو الترشيح على لوائح مستقلة كون القيادة الحالية تحظى بالاعتراف بأحقيتها القانونية بتقديم اللوائح. ويعتبر خبراء قانونيون ان قانون الانتخابات الحالي يرجح فرص المرشحين الحزبيين على فرص المستقلين كونه يعتمد على نظام اللائحة وليس على نظام المقعد الواحد في الدائرة. وتعتبر كل محافظة دائرة انتخابية باستثناء محافظتي العاصمة تونس وصفاقس المدينة الثانية اللتين تؤلف كل واحدة منهما دائرتين منفصلتين. ويتحدد عدد المقاعد في كل دائرة في ضوء عدد السكان مما يجعل حجم الدوائر أصعب من أن يسيطر عليه المرشحون المستقلون الذين يعجزون عن منافسة جهاز الحزب الحاكم. ويشكل اتساع حجم الدوائر تحدياً حقيقياً ليس فقط للمرشحين المستقلين الذين لا يملكون أجهزة تقف وراءهم، وانما لأحزاب المعارضة أيضاً التي لا يصل صوتها الى الرأي العام. ولم يستطع أي من أحزاب المعارضة تغطية جميع الدوائر 25 دائرة في الانتخابات الأخيرة بسبب ضخامة العدد المطلوب من المرشحين. وفي ظل صمت الأحزاب عن صيغة مشاركتها في الانتخابات الآتية وقساوة القانون الانتخابي على المستقلين سيبقى الغموض يلف مصير غالبية نواب المعارضة الحاليين في الولاية المقبلة لمجلس النواب.