ترتفع الموازنة التونسية لسنة 1993، والتي ستنشر ارقامها قريباً ويبحثها مجلس النواب، الى 5 مليارات و339 مليون دينار، اي حوالي 5 مليارات و900 مليون دولار، بزيادة 500 مليون دينار عن العام 1992 حوالي 10 في المئة. وستتأتى المداخيل التي تمول هذه الموازنة من المداخيل الجبائية وغير الجبائية، في حدود 4 مليارات و54 مليون دينار تونسي، وايضاً من الاقتراض الداخلي والخارجي بمقدار مليار و285 مليون دينار. واذا كان الدين الخارجي للدولة سيستقر في حدود 575 مليون دينار قياساً الى عام 1992 حيث بلغ حجما وصل الى 574 مليون دينار، فان قسط الدين الداخلي لموازنة الدولة سيقفز من 593 مليون دينار عام 1992 الى 710 ملايين دينار في 1993. وعلى رغم الاستدانة الجديدة فان لجوء موازنة الدولة للاقتراض يبقى في اطار مقتضيات الخطة وفي تنازل متواصل، اذ انه لن يفوق 4،2 في المئة من الناتج مقابل 8،2 في المئة عام 1992. ويأتي تخفيف الدولة للاقتراض كي يحقق هدفين اثنين: الاول، الشروع الفعلي في تخفيف عجز الموازنة والاعتماد على الذات في تمويل انفاق الدولة وضغطه وترشيده. الثاني، ترك الكفاية من السيولة للقطاع الخاص للاستثمار المجدي في القطاعات المنتجة وبصورة محسومة المردودية. واذا كان الاقتراض الداخلي سيعتمد على اصدار رقاع سندات لخزينة الدولة، وهي عملية مربحة للمقبلين عليها، فان الاقتراض الخارجي، الذي سيبقى في مستوى 1992، سيعتمد على البنك الدولي 140 مليون دينار تونسي واليابان 55 مليون دينار والبنك الافريقي وفرنسا 40 مليون دينار لكل منهما والولايات المتحدة 30 مليون دولار وايطاليا 25 مليون دينار والسوق المالية وغيرها من الاطراف الاخرى، علماً ان سنة 1992 لم تسجل اللجوء الى السوق المالية الدولية باعتبار ان قروضها اعلى فائدة وقصيرة الامد. كما يلاحظ ان دول الخليج العربي ليست ضمن قائمة البلدان المقرضة لتونس لا في عام 1992 ولا في عام 1993، الا اذا حصلت تغيرات. اما نفقات الموازنة الجديدة للدولة فانه يمكن تلخيصها في اربعة ابواب: 1 - نفقات التسيير العادي لمصالح الدولة بمقدار 2 مليار و154 مليون دينار اي 40 في المئة من اجمالي انفاق الموازنة وبزيادة 24،8 في المئة عام 1992. 2 - خدمة الدين العمومي التي ستبلغ ملياراً و364 مليون دينار، وهو اعلى قدر من سداد الدين تدفعه تونس في تاريخها، من حيث قيمته الاسمية، ولكنه وبكل المقاييس يعتبر محتملاً. واذا تطور سداد الدين ب 18 في المئة او اكثر من 1992 الى المنتظر في 1993، فان هذه الزيادة تعزى خصوصاً الى تطور كبير في سداد الدين الداخلي زائد 47 في المئة. اما سداد الدين الخارجي، اصلاً وفائدة، فيسجل بين 1992 و1993 نقصاً طفيفاً 711 مليون دينار عام 1992 الى017 ملايين عام 1993. ويعود استقرار او تراجع سداد الدين الخارجي المتوقع لسنة 1993 الى سببين اساسيين: اولهما هو الانتهاء من سداد ديون التغطية التي استعملت بمناسبة انطلاق برنامج الاصلاح الهيكلي سنة 1986، وثانيهما الى انخفاض قيمة الدولار الذي تدفع به اغلب الديون التونسية. 3 - نفقات الاستثمار الحكومي التي يتوقع ان تصل في سنة 1993 الى 962 مليون دينار 832 مليوناً في 1992 اي بزيادة 5،15 في المئة تقريباً، وذلك لدعم الجهاز الاساسي والطرقات والتعليم العالي والمستشفيات، فيما توقفت الدولة تقريباً عن الاستثمار في المجالات الانتاجية الا في المشاريع الكبرى التي تبقى من احتكار الدولة كالماء والكهرباء وصناعة الاسمنت وبعض القطاعات التي ما زالت تعتبر حتى الآن استراتيجية. 4 - تمويل صناديق دعم السلع الاساسية والتعويض، حيث ان الانفاق عليها على رغم زيادة بعض الاسعار ما زال في تصاعد، اذ يقدر ان يبلغ في العام 1993 ما لا يقل عن 470 مليون دينار مقابل 448 مليوناً متوقعة لعام 1992. كما يدخل في هذا الباب الانفاق على العائلات الفقيرة التي لا سند لها.