تشير توقعات الى أن الاقتصاد الأردني سيشهد معدلات نمو جيدة عام 2007، على رغم الخفض الكبير الذي سجلته سوق الأسهم العام الماضي. ومع توقع استمرار الانتعاش الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، أصبحت الآن توقعات مواطنين كثر أكثر واقعية مع انتهاء فورة الأسعار في القطاعين المالي والعقاري. وسينعكس الهبوط في"ثروة المستهلك"، بسبب خفض أسعار الأسهم بنسبة 35 في المئة خلال 2006، وبوادر الضعف الأولى للسوق العقارية على القرارات الاستهلاكية والاستثمارية للمواطنين. ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 نمواً بالأسعار الثابتة في حدود 5.5 في المئة، مقارنة ب 8.4 في المئة في عام 2004، و7.2 في المئة في عام 2005، ونحو 6.2 في المئة في 2006. وبلغ معدل النمو الاقتصادي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2006 بالأسعار الثابتة 6.3 في المئة، و11.9 في المئة بالأسعار الجارية. وجاء أداء كل القطاعات الاقتصادية جيداً، غير ان قطاع الصناعات التحويلية كان له المساهمة الأكبر في النمو الاقتصادي المتحقق بحدود 33 في المئة، تلاه قطاع النقل والاتصالات بنسبة 15 في المئة، ثم القطاع المصرفي والمالي بنسبة 13 في المئة، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 12.5 في المئة، والقطاع العام بنسبة 7.6 في المئة. ويتوقع أن تحافظ القطاعات الاقتصادية الرئيسية هذه على أدائها الجيد خلال عام 2007. وارتفع إجمالي صادرات المملكة بنسبة 18 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2006، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2005، لتصل إلى 2694 مليون دينار 3798 مليون دولار. وزادت المستوردات خلال هذه الفترة بنسبة 10 في المئة لتصل إلى 6041 مليون دينار 8518 مليون دولار، ليصبح بذلك العجز في الميزان التجاري 3347 مليون دينار 4719 مليون دولار. وحتى ميزان الخدمات الذي كان يحقق فائضاً كبيراً في السنوات السابقة، عانى عجزاً ليضيف بذلك إلى العجز المتنامي في الحساب الجاري. غير أن تدفق رؤوس الأموال للاستثمار في الأردن، خصوصاً في القطاع العقاري، إضافة إلى حصيلة التخصيص والمساعدات الخارجية، ساعدت على تعويض هذا العجز، ما أدى إلى ارتفاع احتياط المملكة من العملات الأجنبية إلى ستة بلايين دولار، مقارنة ب 4.7 بليون دولار في نهاية عام 2005. وهذا الوضع ليس بالضروري مطمئناً، إذ تمول الدولة نفقات متزايدة لاستيراد سلع وخدمات من تدفقات رؤوس أموال، قد لا يكون هناك ضمانة لاستمرارها. وانخفض مؤشر سوق الأسهم الأردنية بنسبة 42 في المئة من أعلى نقطة وصلت إليها في 7 تشرين الثاني نوفمبر 2005، وتراجع بنسبة 35 في المئة في عام 2006. وينظر إلى انفجار الفقاعة في السوق المالية، على انها عملية معقدة وطويلة الأمد. وكما حدث في مناطق أخرى من العالم، فإن الخسائر في أسواق الأسهم، التي تتحقق بعد انفجار الفقاعة فيها غالباً ما تستمر لفترة زمنية، قبل أن يعود الاستقرار التدريجي الى هذه الأسواق. وعلى رغم تضاؤل آمال عدد كبير من صغار المستثمرين في عودة أسعار الأسهم إلى الارتفاع بنسب عالية خلال المستقبل القريب، إلا أننا نعتقد بأن سوق الأسهم الأردنية ليست بعيدة عن نقطة القاع لدورة الهبوط الحالية. ويتوقع خلال الأشهر القليلة المقبلة للأسعار، أن تبقى ضمن نطاق هامش متاجرة محدودة لتؤسس بذلك قاعدة متينة للارتفاع. غير ان من المستبعد أن تشهد سوق الأسهم المحلية فورة ارتفاع أسعار جديدة شبيهة بتلك التي شهدناها خلال 2003 - 2005. وسجل الاقتصاد الأردني ارتفاعاً في معدل التضخم وصل إلى 6.2 في المئة خلال الشهور العشرة الأولى من 2006، ويتوقع لهذا المعدل أن يكون في حدود 6 في المئة للعام ككل، مقارنة ب 3.5 في المئة في عام 2005، و3.4 في المئة في عام 2004، و 1.6 في المئة في عام 2003، و 1.8 في المئة في عام 2002. إن الزيادة في أسعار المحروقات وتأثيرها على كلفة الإنتاج، كانت عاملاً رئيسياً في ارتفاع معدل التضخم السنة الماضية. أضف إلى ذلك الزيادة التي سجلت في أسعار مواد البناء وارتفاع أسعار البضائع المستوردة، نتيجة لتراجع سعر صرف الدولار والدينار المرتبط به، مقابل العملات الأوروبية واليابانية. ولا يتوقع أن تتجاوز معدلات التضخم مستوى 4 في المئة خلال عام 2007، خصوصاً إذا لم تحصل زيادة كبيرة في أسعار المحروقات، في حال بقاء أسعار النفط العالمية أقل من 60 دولاراً للبرميل، وهو السعر الافتراضي في موازنة 2007. قدمت الحكومة الأردنية موازنة توسعية لعام 2007 تظهر ارتفاعاً في إجمالي النفقات بنسبة 10.4 في المئة عما هو متحقق لعام 2006، لتصل إلى 4.3 بليون دينار 6.06 بليون دولار، كما زيدت النفقات الجارية بنسبة 5.9 في المئة عن عام 2006، لتصل إلى 3.3 بليون دينار 4.6 بليون دولار، تماشياً مع معدلات التضخم لهذه السنة. ويتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية إلى 1.014 بليون دينار 1.43 بليون دولار، بزيادة كبيرة وصلت إلى 29.3 في المئة على تلك المقدرة لعام 2006. ويتوقع أن ترتفع الإيرادات بنسبة 14.5 في المئة عن مثيلتها لعام 2006، لتصل إلى 3.954 بليون دينار 5.57 بليون دولار، مدعومة بارتفاع المساعدات الخارجية المقدرة ب 574 مليون دينار 809 بلايين دولار، بما في ذلك 397.8 مليون دينار 562 مليون دولار من السعودية. ووصل العجز في الموازنة قبل المساعدات الخارجية إلى 8.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة ب 7.6 في المئة في عام 2006. وبعد إضافة المساعدات، يتوقع أن ينخفض العجز في موازنة عام 2007 إلى 3.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة ب 4.5 في المئة لعام 2006. ويتوقع أن تقوم الدولة باقتراض نحو 780 مليون دينار 1.010 مليون دولار في عام 2007 لتغطية العجز في الموازنة، البالغ 380 مليون دينار 536 مليون دولار، وسداد الفوائد وأقساط الدين الداخلي والخارجي المستحقة، إذ يقدر هذا الدين ب 5.2 بليون دينار 7.3 بليون دولار. ومن الصعب تفسير السبب المنطقي لاتباع هذه الموازنة التوسعية، عندما لا يزال الاقتصاد ينمو بنسبة 6 في المئة. وهناك عجز في الحساب الجاري يصل إلى 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يشير إلى وجود فائض في الطلب على السلع والخدمات المستوردة، يفوق بكثير ما يصدر إلى الخارج. أضف إلى ذلك أن السياسة النقدية المتشددة التي اتبعت خلال السنتين الماضيتين ستتحول إلى سياسة توسعية هي الأخرى، إذ يتوقع لأسعار الفائدة المحلية أن تنخفض في النصف الثاني من عام 2007، تماشياً مع ما هو متوقع لأسعار الفائدة على الدولار. وسيؤدي قيام الحكومة بالاقتراض إلى زيادة إجمالي دين الأردن الداخلي والخارجي، وبالتالي ارتفاع فاتورة خدمة الدين التي ستظهر في موازنات السنوات المقبلة. فقد كان ممكناً استخدام الزيادة المتوقعة في حجم المساعدات الخارجية في أوجه إنفاق له عائد مباشر على الخزينة، مثل سداد الديون، بدلاً من إنفاقها على مشاريع كبرى للقطاع العام، قد يكون العائد عليها متدنياً، علماً أن جزءاً من هذه المشاريع له نفقات جارية سيصعب تقليصها مستقبلاً. وإذا لم يتراجع عن التوجه العام في زيادة النفقات الجارية والتي تشكل 77 في المئة من إجمالي النفقات، وتتضمن في شكل أساسي سداد الفوائد المستحقة، ورواتب العاملين وأجورهم في القطاع العام، سيزداد العجز في الموازنة في شكل مضطرد، ما سيهدد الاستقرار المالي للمملكة، ويشكل نكسة كبيرة لبرنامج التصحيح الاقتصادي الذي امتد على مدى 15 سنة. المطلوب إذاً، هو وضع قانون للانضباط المالي، يدعو الحكومة إلى تجميد النفقات الجارية تمهيداً لتقليصها تدريجاً في السنوات اللاحقة، ومنع الخزينة من الاقتراض الداخلي والخارجي، أكثر مما تحتاجه لدفع الأقساط المستحقة. أما الدعوة إلى زيادة الضرائب، سواء المباشرة أو غير المباشرة، فهي لن تفي بالغرض، لأن معدلات الضريبية في الأردن أصبحت مرتفعة، وأي زيادة إضافية فيها قد تؤدي إلى تراجع في مستويات الاستثمار، والإنفاق للقطاع الخاص، وبالتالي إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي. الرئيس التنفيذي ل "أموال إنفست"