قد تكون من الذين يشكون باستمرار انتماءهم الى شعب متخلف وقد تكره هويتك وتسعى بغضب الى رميها بلا أسف وحمل بطاقة هوية اخرى تمنحك الاحساس بالانتماء الى دولة متحضرة سواء كنت متحضراً شخصياً أم لا. ولكن هل يبلغ بك الامر حدّ التحول داعية عنصرياً في الاعلام الغربي ضد اسمك وشعبك، الحالي أو السابق، ومهاجمته بمناسبة ومن دون مناسبة لتأكيد براءتك منه وعلو شأنك في مراتب التقدم والتمدن؟ يقع كثيرون من المثقفين وغيرهم في ما يسميه الدكتور ادوارد سعيد "فخ العرقية" فينبذون شعباً بكامله استناداً الى أحكام مطلقة ويستدرّون قبول شعب آخر لهم، لأن هويته تخلّصه من الشعور بالدونيّة وتمنحه امتيازات متنوعة قد تلخصها المركنتيلية في النهاية. وقد يبدأ هؤلاء حملتهم ضد شعوبهم بنية حسنة ويسعون بالنضال الحزبي والأدب والاعلام والعمل الاجتماعي الى التغيير، ثم يصاب قسم منهم بالاحباط لسبب أو آخر فينتقل من حزب او منظمة الى غيرهما ويبحث عن وجهه في حركة وضدها من دون أن يجد في ذلك تناقضاً لييأس ويستسلم ويتبرأ من ماضيه وهو مفروض عليه الى حدّ كبير وقد ينتقل الى الطرف الآخر الذي يستعمله سلاحاً لدعم دعايته وثقافته وغلبته. يحسّ المثقفون، وغيرهم، بالاغتراب وهم في وطنهم، ويحبطون من جراء إصرار مجتمعاتهم على تخلفها والعودة الى وراء. واذا كنا نفهم شكواهم وسعيهم الى التميّز عن محيطهم ما داموا في نطاقه فعلاً او لغة، فاننا لا نستطيع الا ان ندافع عن شعوبنا ونفتش عن وجوهها الحسنة مقابل تلك السيئة لايماننا بوجود الصالح والطالح لدى كل شعب وفرد. ووعينا بأهمية الحرب الاعلامية المستمرة في الغرب ضد العرب وآثارها السلبية على نظرتهم الى أنفسهم ومسار حياتهم اليومية ومستقبل اولادهم. وفي الندوة التي اقيمت في معهد الفن المعاصر اخيراً حول "العالمية والهوية والكاتب في العالم العربي" حلا للبعض التحدث عن جهل الكتّاب العرب أنفسهم وهويتهم وإفلاسهم الاخلاقي. ولكن كم تقرب هذه الشعارات التي تجذب اهتمام الغرب من الحقيقة، وهل الكتّاب الغربيون، بشكل مطلق أفضل معرفة بأنفسهم وأرفع أخلاقاً؟ قد تقول إنك لبناني أو مصري أو سعودي ولكنك عربي في الغرب سواء راقك ذلك أو لا. الدكتور ادوارد سعيد، تحدث في الندوة عن معاملة العرب معاملة عنصرية في الغرب، ويعرف ذلك من يعيش فيه وان لم يعترف الكل به. الاساءة اليهم هناك تقابل بترحيب شديد، قال، واذا رغبت في تحقيق الديموقراطية في العالم العربي عليك ان "تساهم في عملية بنائها لا ان تبتعد عنها" الا يثير هذا الموقف احترام الغرب اكثر من احتقار الذات ونبذ الشعب الذي تنتمي اليه؟