التوتر بين الدول بسبب بعض المشاكل السياسية بينها، قد يلقي بظلاله على بعض أفراد شعوب تلك الدول، فنجد بينهم توتراً نظراً للمناخ السياسي المشحون بين دولهم. وبسبب ذلك التوتر، قد تصدر بعض العبارات غير اللائقة أو التصريحات العنصرية من البعض ضد كامل الشعب الآخر. ولكن من المفترض أن يصدر صوت العقل من المثقفين في كل دولة، لتوضيح أن كامل الشعب لا يؤخذ بجريرة حكومة أو حفنة من السياسيين، الذين اتخذوا قراراً غير صائب، لاسيما عندما يكون ذلك الشعب، شعباً عربياً شقيقاً. في الاجتماع الاستثنائي الذي انعقد مؤخراً لمجلس الدول العربية على المستوى الوزاري، والذي امتنعت فيه لبنان عن التصويت بخصوص التضامن الكامل مع السعودية في إدانة الأعمال العدائية والاستفزازية من قبل إيران، على خلفية الاعتداء الذي وقع على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، انطلقت بعدها بعض الأصوات لدينا في شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام، التي تطالب بطرد اللبنانيين من السعودية ودول الخليج، والمن عليهم بأننا فتحنا لهم ديارنا ليعملوا فيها وأنهم لم يحفظوا الجميل، ناهيك عن التصريحات العنصرية ضد الشعب اللبناني بشكل عام. وإن كان القرار غير صائب وغير متوقع من حكومة دولة لبنان، إلا أن العديد من اللبنانيين غير متفق معها في ذلك القرار ولا يؤيده، وليس من اللائق أن تصدر هذه التصريحات العنصرية من البعض ضد الإخوة اللبنانيين الذين يعيشون ويعملون بيننا، بجريرة قرار أرعن من حكومتهم!. وإن كنا قد لا نستغرب صدور مثل هذه التصريحات من بعض العوام، وإن كانت غير لائقة ومن المفترض عدم صدورها، ولكنه من المعيب أن تصدر ذات التصريحات أيضاً من قبل بعض المثقفين لدينا وكتَّاب الرأي، والذين من المفترض أن يكونوا قدوة للآخرين، وليس الانقياد خلفهم!. علماً، بأن هذه ليست المرة الأولى التي تصدر مثل هذه التصريحات والمطالبات من قبل بعض هؤلاء المثقفين ضد بعض الجنسيات التي تعمل لدينا بسبب موقف سياسي من قبل حكوماتهم ، ولكن حدثت في الماضي أكثر من مرة، وهذا يرسخ الصورة التي تتهمنا بها بعض الدول، بأننا شعب عنصري !. والمحزن أنه عندما تصدر تصريحات عنصرية ضدنا كسعوديين أو مسلمين بشكل عام في الغرب، فإننا أول من يندد بها، ونتهم من أصدرها بأنه متطرف عنصري كاره للإسلام والمسلمين، ولكن عندما تصدر تصريحات عنصرية من البعض منا ضد الجنسيات الأخرى، فإن ذلك لا شيء فيه!. ولنأخذ أقرب مثال، عندما صرح مرشح الرئاسة الجمهوري في الولاياتالمتحدةالأمريكية دونالد ترامب عن منع دخول المسلمين لأمريكا، فقد أقمنا الدنيا عليه، بمن فينا مثقفونا، ووصفناه بأقذع الصفات، أبسطها العنصرية، وبأنه عمَّم الإرهاب على جميع المسلمين وأخذ الصالح بجريرة الطالح منهم، واليوم لا يجد من ندد بتصريحات ترامب أي غضاضة بالمطالبة بطرد جميع الإخوة اللبنانيين من المملكة، وأخذ الصالح منهم بجريرة الطالح!!. الشعب السعودي معروف بأنه شعب كريم ومضياف، والسعودية من أكثر الدول العربية التي تسعى لتوحيد الصف العربي ورأب أي شرخ فيه، ولكن مثل هذه التصريحات والمطالبات الغريبة من البعض تزيد من الشرخ في وحدة الصف العربي، وتشتتهم ولا توحدهم، وهذا بالضبط ما يريده أعداء العرب. [email protected]