يعاني سهيل، وهو شاب في العشرينات من عمره، من"التأتأة"، منذ طفولته. بيد أن المعاناة تختفي في حال قراءة القرآن الكريم أو الغناء، لكنه يعاني منها حين يتحدث في شكل عام، واصفاً شعوره ب"المخجل". وقال:"حين أتحدث مع شخص ما، أو جماعة، تقفز دموعي إلى عيوني، فالمستمع لا يصبر عليّ حتى أنطق كلماتي". وربما كان الإنترنت هو الملجأ الوحيد لانطلاقة حروف سهيل. وأضاف"في مرحلةٍ ما، راجعتُ طبيباً نفسياً، لكنني لم أجد تحسناً لحالتي، وأعتقد أن العلاج بالقرآن يسير في منعطف جيد، وأنا الآن في مرحلة أفضل من ذي قبل". وتصف عفاف أبو حسين، حال ابن جيرانهم، التي عاصرتها:"عانت جارتي من تأتأة طفلها، وراجعت أطباء نفسيين، لكنها لم تصل إلى حل لمشكلته التي بسببها كاد يترك المدرسة". واستدركت"لم يتخلص الطفل من مشكلته، إلا بعد أن عمد أبواه إلى تحفيظه سوراً من القرآن الكريم، من خلف تسجيل لأحد القراء المشهورين، تحسن ابنها بنسبة 80 في المئة، ولا يزال مستمراً حتى الآن". وعبرت سيدة أخرى عن معاناة ابنها"أحياناً يستطيع الكلام بطلاقة، وأحياناً أخرى تعاوده التأتأة". وأضافت انتصار خالد"حينما يتحدث ابني لؤي، يتوقف للحظات، يبحث فيها عن الكلمات، ويكرر بعض الأصوات الغريبة، ذلك ما جعل البعض يتخذون من الحديث معه، جانباً للسخرية". وقالت بأسى:"هو الوحيد من بين أشقائه، الذي يعاني من التأتأة، وعرضه الأمر لفسخ خطبته ثلاث مرات، يُضاف إلى ذلك الحرج الكبير الذي يتعرض له، حين يقف موقف المتحدث، في الجامعة أو بين زملائه، ولهذا لا أجده سعيداً". فيما كشف استشاريون، افتقار المملكة، إلى أية دراسة عن مرض" التأتأة"، الذي يصيب بين 1 إلى 3 في المئة، مشيرين إلى عدم وجود"أرقام محددة أو حتى تقريبية، لأعداد المصابين". وتسبب حالات" التأتأة"التي تستمر،"مضاعفات خطرة"، منها"الإحباط، واليأس، والفشل في الحياة الزوجية". فيما يسهم تشخيص المرض منذ الطفولة، في علاج الكثير من الحالات. وصنف استشاري الطب النفسي مدير الخدمات العلاجية في مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام الدكتور وليد الملحم،" التأتأة"ضمن"اضطرابات الكلام التي تعرف بإعادة أو تطويل أو توقف لا إرادي لصوت، كلمة أو جملة، وتنتج التأتأة من القلق والتوتر، ما يؤثر سلبياً على الشخص، وينتج منه الخوف من بعض الحروف والكلمات، والخوف من ملاحظة الآخرين ذلك، خصوصاً في المواقف الاجتماعية، ما يؤدي إلى دورة مستمرة من القلق، والتوتر، والانطواء بسبب الإحراج، والخشية من الانتقاد والسخرية". وذكر الملحم،" تبدأ التأتأة من سن الطفولة، عندما يبدأ الطفل بتعلم الكلام، وتستمر معه إلى سن الرشد، بنسبة 20 في المئة، حينما تتحسن بنسبة 80 في المئة من الحالات. وتختلف شدة"التأتأة"من موقف إلى آخر. وتقل عند الحديث إلى عدد محدود من الناس، وتزداد في المواقف الرسمية، خصوصاً عند الحديث إلى مجموعة كبيرة من الناس، وهي أكثر في الذكور من الإناث، وأول من يلاحظ"التأتأة"عند الأطفال الوالدان، إذ يبدأ الطفل بتكرار حروف وكلمات معينة، ينتج منه انسحاب وهروب من المواقف". وحول النوع الثاني من"التأتأة"، أوضح أنه"المكتسب بعد سن الطفولة، وتكون ناتجة عن سبب عضوي مرضي، مثل صدمات على الرأس أو أورام المخ، أو الجلطات، أو سوء استخدام المواد المخدرة". وأشار إلى أن أسباب التأتأة عند الأطفال"غير معروفة، وغير محددة، ويلعب العامل الوراثي دوراً في ذلك، أو تكون مصاحبة لأمراض خلقية مثل متلازمة"داون"، أو للتخلف العقلي، أو بسبب خلل في السمع، أو أسباب فسيولوجية مثل النشاط الكهربائي في الدماغ". وقال:"كي تشخص حالة التأتأة"لا بد أن تكون من قبل اختصاصي للنطق، وكذلك اختصاصي نفسي، من خلال تخفيف التوتر". الطويرقي : "التلعثم" يرتبط ب"الرعب الاجتماعي" صنف استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين جمال الطويرقي،"التأتأة"، إلى نوعين، الأول يأتي لدى الأطفال وراثياً، وهذا النوع يستلزم التشخيص المبكر لتكون الاستجابة للعلاج ناجحة، و أحياناً يرتبط بالقلق والخوف لدى الأطفال. وهناك ما يأتي نتيجة عمليات جراحية، أو صدمة عصبية، أما البالغ الذي يُتأتئ في الكبر، غالباً ما يكون نتيجة صدمة عصبية، أو حادثة ما، أو صدمه نفسية، أو حال اعتداء جنسي تعرض له". وأضاف الطويرقي،"تزيد التأتأة بزيادة غرابة الموقف والخوف والهلع، وتختفي حين يشعر بالراحة النفسية"، رابطاً التأتأة في"الرعب الاجتماعي، ونتيجة لذلك يصبح لديه نوع من الخجل ويرفض لقاء الناس. وكثيراً ما يواجه هؤلاء الأشخاص مشكلة أثناء الزواج على سبيل المثال". ورفض اعتبار"التأتأة"،"ظاهرة تذكر". وأضاف:"غالباً ما تتم نتيجة وراثة، وفي الغرب يتعاملون معها مبكراً، ما يسهّل علاجها. وتبلغ نسبة المشكلة عالمياً بين 1 إلى 3 في المئة، إذ لم توجد دراسة للأمر في السعودية، ويزيد من مخاطرها، جهل البعض بأعراضها المستقبلية، ناهيك عما يتعرض له البعض من سخرية الزملاء في المدرسة، وغالبية الصعوبات التي نواجهها تتعلق بعرض الحالات في وقتٍ متأخر، ويُضاف لها إصابة الفرد بالقلق، الذي يتحول إلى اكتئاب، فيصبح الشخص منعزلاً، لا يرغب في مخالطة المجتمع، وكثيراً ما نصادف حالات تشتكي من الخوف والقلق الاجتماعي، فيما أنهم يعانون من التأتأة". وعن الحلول، قال الطويرقي:"معالجة القلق، والاكتئاب، وعلاج النطق للحالات مبكراً، والتعامل معها بالعلاج السلوكي المعرفي، للتحفيز وصولاً لنجاح العلاج، من خلال فريق متكامل في التخاطب، والسلوك النفسي، وينبغي على المشرفين الاجتماعيين في المدارس الانتباه للأمر لتداركه". وأضاف"أجريت دراسة في الولاياتالمتحدة، حول تأثير الأديان على نفسية المريض، ومدى استجابته للعلاج، ووجدوا أنه يشعر براحة نفسية، وترتفع نسبة المضادة والأكسدة لديه، واستجابته للعلاج تفوق استجابة الشخص المنهار نفسياً"، مضيفاً أن"الإسلام بلغ قمة التطور في الطب، فكانوا يستخدمون العلاج بالقرآن، إضافة إلى أشياء أخرى".