أتحدث خلال هذه السطور عن موضوع حساس جداً.. ولابد من مناقشته وعدم الصمت تجاهه لأنه يتصل بتربية الشباب وتكوّن معارف مغلوطة لديهم، هذا الموضوع هو طلاقة الحديث عن الأمور الدينية أو ما يشبه الفتوى الدينية للشباب من صغار السن، وهذه المسألة لها جوانب سلبية تتصل أحياناً ممن نطلق عليهم"الفئة الضالة"أو من يتعاطفون معهم، الأمر إذن له علاقة بالإرهاب وهؤلاء الشباب المتشدد. وأتساءل: هل يترافع في المحاكم غير القانونيين الحاصلين على رخصة ومن خريجي كليات الشريعة والقانون؟ وهل يقوم بإجراءات العمليات الجراحية ومعالجة المرضى غير الأطباء المصرح لهم بذلك؟ وهل باستطاعة أي إنسان لم يحصل على مؤهل تربوي أن يقف في مدرسة أو جامعة ليؤدي دور المعلم؟ لماذا لكل هؤلاء المهنيين لا يقدر الواحد منهم القيام بعمله إلا إذا كان مؤهلاً ويحمل رخصة بذلك، في الوقت الذي نجد شاباً حصل على الشهادة المتوسطة أو الثانوية يقف ليؤدي دور العلماء المنوط بهم الإفتاء، بل نجد من بعض هؤلاء الشباب من يضع نفسه في مكان ليس مكانه في الحديث عن أمور تمس حياتنا الدينية والدنيوية من منطلق الشريعة... ويتصور هؤلاء البعض أنه ما دام قد درس الفقه والتوحيد في المدرسة فإنه أصبح عالماً بأمور الدين والدنيا، وعلى رغم أننا نفخر بأن أبناءنا لديهم حصيلة وافرة في هذا الجانب، إلا أن ذلك لا يسوغ لهم القيام بدور ممن يقومون بالفتوى، بل ونجدهم يرفضون الانصياع لتوجيهات الكبار من معلميهم وأولي الأمر وحتى آبائهم وأمهاتهم.. والأخطر من كل هذا أن لدينا مجموعة كبيرة من خطباء المساجد في القرى والأحياء النائية والهجر ليسوا على المستوى المطلوب، ويتحدثون بصورة تتسم بالتشدد وبأمور قد تجاوزها العصر الذي نعيش فيه، ونجدهم يحظون بمكانة كبيرة وتأثير ضخم في المحيط الذي يعيشون فيه. من هنا نجد أن أجيالاً من الشباب من صغار السن يتمحور تفكيرهم حول التشدد ورفض كل ما هو عصري، وكأنما الدنيا توقفت عند العصور الأولى للإسلام، هذا العصر الذي نصبو اليه جميعاً كنبراس يضيء لنا الطريق، لكن لدينا أساساً شرعياً وهو أن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين كل زمان ومكان، بمعني أنه يصلح لزماننا وعلى الذين يعيشون الزمان الحاضر أن تكون لهم رؤيتهم المتفتحة على عالم متغير، ما دام هذا الفكر وهذه الرؤية لا تمس الأصول والمبادئ الإسلامية المتعارف عليها، لقد آن الأوان لوقفة شجاعة لبحث فكر الشباب المتشدد. والبحث بالتالي عن علاج شرعي له.