الغلو في الدين ظاهرة أرق لايجاد حل لها العقلاء والمصلحون بل وعانت منها الناس الأمرين والغلو وإن ظهر أفراده بشذوذهم وبمخالفتهم لعموم الأمة وعلمائها إلا أنهم شرذمة قليلون كونهم إفراز لفكر قام بالعبث به من جهلوا كثيراً من علوم الشريعة واتبعوا الهوى وتنكبوا الصراط المستقيم ظنا منهم أنهم على الصراط المستقيم ففسروا النصوص على هواهم دون اعتبار للراسخين من أهل العلم السابقين واللاحقين ممن لهم المرجعية في فهم نوازل القضايا وأسس الأخذ به من الشريعة الغراء وتقدير العواقب وفهم ما عمت به البلوى وإفتاء الناس عبر عشرات من السنين فيأتي بعض صغار السن ممن لا يعي خطر الفتوى بغير علم فيعترض على شيوخ قد افنوا أعمارهم تعلما وتعليما. والطرف الآخر هو التساهل حتى درجة المروق من الدين بحيث بعد حين كما اقر بعضهم إن زمن الشباب له قول متشدد فيكبر سنه ويتسع نظره فيفتي بأمر غيره ويندم على ما كان منه تعجلا دون تبصر وروية والمروق من الدين يحصل في التشدد وفي التهاون والتساهل في الدين لاشك أن النجاة بالتمسك بالهدي الصحيح وفق الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعدم تتبع الرخص أو تتبع مواطن الضيق والتشدد في غير محلة فمدار الأمر على العلم وعلى الذين يفقهون دين الله لا بالهوى والشهوة والانتقاء فما من فقيه إلا وله زلة ولكن لا يقول كل من هب ودب أن تلك زلة فقيه حتى تعرض على من لديهم إرث الأنبياء من العلم والفقه فيقررون الزلة ويردون عليها وخاصة إذا مست نازلة الأمة هي مدار السمع لما يقرر من تلك أنها زلة أم لا وهناك من غره علم تعلمه أو تتلمذ على شيوخ بلغوا شأنا ظانا أنه قد حصل من العلم ما يعصمه من الزلل أو البدعة أو التساهل أو التشدد لمجرد التلمذة ليس إلا وبلا شك أن هذا غير عاصم عن الزلل فكم من زل وقد اشتهر بفضل أو مكانة دنيوية أو دينية ولا يجوز التمسك بخطئه وتقليده فيه بل اجتنابه وستره والتحذير منه إ لم يشتهر عنه خصوصاً وإلا وجب التحذير منها منسوبا إليه وهذا مما قرره أهل العلم في مصنفاتهم قديماً وحديثاً بل حذر النبي صلى الله عليه وسلم ممن يطلب العلم لصرف وجوه الناس إليه والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم التشدد أو التساهل ليس الحكم به لأفراد الناس بل للعلماء ولمن في وزنهم وسلوكهم وهناك قضايا تمس حياة الأمة جميعاً فلا يفتي بها أفراد ولو بلغوا من العلم بل الرد إلى من بيده وإليه الرد من ولاة الأمر والهيئات والمجامع واللجان العلمية التي يطلب ولي الأمر الحكم منها وهذا أمر لا يحق لأفراد الناس وعامتهم الافتيات على حقوق الإمام مهما بلغوا فللسياسة الشرعية التي يرعاها ولاة الأمر موقع ومكان في سياسة الناس وصون الكليات من صيانة الدين وحفظه وحفظ الأعراض والقيام بما يصلحهم دينا ودنيا أما تنصيب الإنسان نفسه بلا مستند شرعي يؤهله فقد كان الخلفاء الراشدون يجمعون أئمة الصحابة للبت في شؤون الأمة وهذا متحقق بحمد الله في بلادنا السعودية وبنظرة سريعة يرى الإنسان المنصف بعيداً عن التعصب وبعيداً عن النظر بطريقة المعوجين يرى بيانا بمكانة العلم الشرعي وأهله في بلادنا وأن محاولة زعزعة الثقة بأهل العلم وبولاة الأمر لهو رمي للشمس بحجر أو محاولة النيل من مقدار البحر بإبرة الخياطة. ما ذكر أمر يؤرق كل من يهمه مصلحة وطنه وأمته ويرى بعين التمهل والتروي والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.. طارق بن عبد الله الفياض مدير المكتب التعاوني بالمبرز