امتلأت حياتنا بالنغمات، فهناك نغمة هاتفك النقال، المقسمة إلى نغمات عدة للاستقبال البشوش لأعضاء الشلة، والانسداحي لرؤسائك أو الأثرياء من حولك، والزئبقي للديانة، وهناك نغمات للرسائل النصية، وأيضاً نغمة مجنونة لرسائل أصدقائك، ونغمة حزينة لرسائل"جب معك"، ونغمة قياسية للرسائل الدعائية. جهاز الكومبيوتر له نغمة عند فتحه، وأخرى عند إغلاقه، وثالثة عند ورود رسالة الكترونية، وسيارتك لها نغمة عندما تتجاوز السرعة، وأخرى عندما تفتحها، وثالثة إذا نسيت إقفال أو إطفاء شيء ما، وكنت احسب الأخيرة حكراً على السيارات"المرتبة"لأجدها حتى في الوانيتات والتريلات! التجار لهم نغمة المواطنة عند الغلاء، والمواطنة عند الكساد، والمواطنة عند التصدير، والمواطنة عند الاستيراد، وعند المنافسة على المناقصات، والفوز بها، وانجازها على الورق، وعند التوظيف، وعند الفصل، وعند المصطلح الأشهر في إعلامنا وخططنا التنموية..."السعودة"! حرمكم المصون لها نغمة عندما تريد منك شيئاً، أو عندما لا تريد، وعندما تغضب أو تغار، أو تتدلع، أو تحش في احد ما، أو تعلق على شيء، وبالمثل للأزواج نغمة عندما يزمعون السفر بمفردهم، وأخرى عندما يتأخرون خارج المنزل، وثالثة عند ادعاء الغضب، والإفلاس، وادعاء المرض هروباً من مشوار ما أو"واجب"ما. أيام طيب الذكر جهاز النداء الآلي"البيجر"كانت الجدات والأمهات الكبيرات منهم يتساءلن"وش ذا اللي يطنطن عندكم؟"ومن عاشت منهن إلى الآن لا بد ان سؤالها تغير إلى"وراكم من دون طنطنة"كونها لن تكمل ساعة من زمن من دون ان تسمع نغمة ما. لاحقنا الطنين ومشتقاته وأخواته في كل شيء وفي كل مناحي حياتنا، حتى مقياس حرارة الجسم صار له نغمة، ومعه جهاز قياس الضغط، وبعد أن كانت النغمات كناية عن السحب على الناعم أو الخشن في الحديث، بغية الاستكشاف والاستشفاف باتت فعلاً نغمات مسموعة ربما تكون هي احد أسباب"شين النفس"الذي نعاني منه في كثير من أمور حياتنا، خصوصاً ان الدراسات والأبحاث التي نرى خبراً عنها ولم يسبق ان رأينا خبرة بها تقول ان الضوضاء احد اشكال التلوث البيئي. وبما أننا امتلأنا بالنغمات"الصدقية"والأخرى المعنوية، فما رأيكم ببعض نغمات"اليومين دول"سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً، شخصياً تلفتني كثيراً نغمات النفط كونها تصدر عن اسطوانة"مشروخة"موضوعة في غلاف سياسي ومخزنة في"دالوب"بيئي مكسر ويعلوها غبار كثيف نقش عليه بإصبع خفية المثل المصري الشهر"خدوهم بالصوت لا يغلبوكم". وأخيراً، ولأن النغمات مصدر"موثوق"للطنطنة، ولأن الطنين كفعل مستمر مزعج أود تنبيهكم إلى أن ما لا تقضي عليه نهائياً، ربما عاد أكثر قوة، والدليل أن رجلاً يريد ان ينام فلم يستطع لوجود ناموسة لها طنين مستمر فوق رأسه وحول أذنيه يسمعه كهذا"اززززززززززززززززز"فحاول قتل الناموسة بيده فأصاب أسنانها فقط وأصبحت"ثرما"أي من دون أسنان، هدأ الوضع قليلاً قبل ان يسمع الطنين مجدداً لكنه هذه المرة صار"اذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذ"! [email protected]