من انطباع الوسط الرياضي لدينا ومع اختتام موسمنا المحلي تستطيع الحكم على عقلية العرب وكيفية تعاطيهم للرياضة، وكيف ينظرون إلى الرياضة بكل أفراحها وأتراحها. خلاصة الفكر العربي «كلهم زعلانين»، فهم لا يقبلون بالرياضة بوجهي عملتها «الفوز والخسارة»، وإنما يقبلون بها من بوابة الفوز ولا شيء غيره، يعني نحن من كوكب آخر لا نعترف بالهزيمة حتى وان أثبت التاريخ خسارتنا لكل موجهاتنا في القرن العشرين في زمن الضياع والحيطان المائلة. مسؤولو وأنصار الهلال بلغ بهم الغيظ والحنق مداه، ولم يعجبهم الموسم المحلي برمته، فهم يريدون كل شيء ولا يتركون للآخرين حتى فتات الموائد، وهذا يعتبر طموحاً قوياً من ناحية، وأنانية مفرطة من ناحية أخرى، ويكفي فوز الفريق بكأس ولي العهد والتأهل لدور 16 في دوري محترفي آسيا في نسخته الأولى، متصدراً مجموعته. في الاتحاد تهميش لجهد موسم كامل وتشويه لعطاء اللاعبين وسخط على الجهاز الفني بقيادة السيد كالديرون، لأن الفريق خسر نهائي كأس الأبطال، ولم يشفع للجهازين الإداري والفني واللاعبين تحقيق بطولة الدوري، وهي البطولة الأهم، وفي الأهلي حالة طوارئ قصوى وتسريح للجهاز الفني واللاعبين الأجانب، وترقيع الثقوب بهدوء يشوبه الانفلات أحياناً، ولم يقبل جمهور الأهلي ببطولة الخليج، بل يطالبون بكل البطولات المحلية وبخاصة بطولة الدوري التي غاب عنها الفريق «29 عام»، كلها ضاعت وسط زحام الرحلات المكوكية للاعبين أجانب نصف كم. في النصر، لا يعترفون بالأيام التي لك وعليك، ويرفضون قاعدة «تلك الأيام نداولها بين الناس»، ويريدون الرجوع للمنصات من أقصر الطرق بينما فرق عالمية شهيرة غابت عن الانجازات 50 عاماً، بل وسقط بعضها للدرجة الأدنى، ولم ينصب مناحة كما يفعل النصراويون على رغم معرفتهم أن غيابهم الموقت فرصة للفرق الأخرى لتسديد الديون، ولا تزل بعض الفرق مدينة للنصر أيام مجموعته الذهبية بقيادة اللاعب الفذ ماجد عبدالله. في الشباب تأرجح بين المدح والقدح، فعندما خسر الفريق برباعية من الرائد ظهرت نغمة الطابور الخامس، واتسعت دائرة الشك بين كل الأطراف، لأن الرئيس يريد أن يكون بطلاً للمسرحية لوحده وبعد الفوز ببطولتين تحولت النغمة إلى إشادة وتراقص وأيام سعيدة. أحوال الأندية لدينا تتحكم فيها العواطف، فعند الفوز تكون النغمة جميلة والمشاعر جياشة، وعند الخسارة تنفلت الأعصاب، وتهوي العلاقة بين أطراف العمل داخل النادي وخارجه إلى الحضيض. الوسط الرياضي العربي وبخاصة الخليجي، يعاني من التقويم وفق القطعة، وينسى بسرعة الوجه الجميل، ويركز على الجوانب السلبية، ولا زلنا ننتظر النادي القدوة الذي يجدد عقد المدرب والجهاز المعاون له حتى وإن لم يحقق الفريق أية بطولة، وهذه الظاهرة الصحية قد لا تحدث عند العرب، لأنهم يريدون بطولة المسرحيات لوحدهم، ولأن شماعة المدرب هي أقصر طريق نحو التبرير لفشل العمل الجماعي. [email protected]