تضاربت توقعات خبراء قطاع التأمين السعودي بشأن معدلات نمو القطاع خلال العام المقبل، وفي حين رأى البعض أن القطاع سيحقق معدلات نمو جيدة تتراوح بين 5 و10 في المئة، رأى آخرون أن النمو سيكون محدوداً. كما تبيانت آراء هؤلاء الذين تحدثوا إلى"الحياة"بشأن حدوث عمليات اندماجات أو خروج شركات من السوق، مشيرين إلى أن حالة شركات التأمين يحددها شكل النشاط الاقتصادي في البلاد، ورجحوا أن يقود التأمين الطبي والتأمين على السيارات القطاع في 2009. وأوضح عضو اللجنة الوطنية للتأمين عبدالعزيز أبو السعود أن قطاع التأمين في عام 2009 لن ينعم بالنمو والتطور الجيد الذي تحقق خلال عامي 2007 و2008، مع ثبات أسعار التأمين. ورجّح أبو السعود ل"الحياة"أن تتباطأ وتيرة النمو في حجم الأقساط، مشيراً إلى أنه لولا التأمين الصحي وتأمين السيارات لكان هناك احتمال كبير بأن تتراجع أقساط التأمين خلال 2009، ولكن من المحتمل أن يعوض استمرار النمو في هذين الفرعين التدني المحتمل في حجم الأقساط في فروع التأمين الأخرى، مثل التأمين الهندسي والتأمين البحري. وتابع:"نشاط التأمين يكون انعكاساً للنشاط الاقتصادي، وبما أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى احتمال تراجع على جميع الأصعدة، فلا بد من أن يتأثر قطاع التأمين سلباً بانخفاض حجم السوق المرتقب، وإذا حدث تراجع في المشاريع خصوصاً الجديدة فستنخفض أقساط التأمين الهندسي. وعن أبرز التحديات التي تواجه قطاع التأمين في العام المقبل، قال أبو السعود:"إن أكبر تحد يواجه القطاع سيكون تحقيق معدل النمو الذي تحقق خلال العامين الماضيين، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بما يتراوح بين 5 في المئة و10 في المئة، ولا أتوقع أن تشهد سوق التأمين اندماجات، إذ مازال الوقت مبكراً على حدوث ذلك، خصوصاً أن عدداً من شركات التأمين المرخصة لم تبدأ نشاطها الكامل بعد، كما أنني لا أتوقع انسحاب شركات من سوق التأمين السعودية". وأضاف أنه من غير المتوقع دخول شركات تأمين أجنبية مباشرة، ولكن قد تسعى بعض شركات التأمين الأجنبية إلى تأسيس شركات تأمين سعودية مع مستثمرين سعوديين كما هو حاصل الآن في عدد من الشركات المرخصة. من جهته، أشار خبير التأمين الدكتور فهد حمود العنزي إلى أن"سوق التأمين السعودية هي سوق ناشئة ومازالت في طور النمو، وأعتقد أن عام 2009 سيشهد نمواً تصاعدياً للتأمين، وبخاصة في ظل سياسة الإنفاق التي تضمنتها الموازنة الجديدة، وسيستفيد قطاع التأمين بلا شك من هذه السياسة". وأضاف العنزي ل"الحياة":"إن الحكم على نمو سوق التأمين يتوقف في حقيقة الأمر على الحكم على كل قطاع من قطاعات التأمين على حدة، ومن وجهة نظري فإن التأمين الصحي هو الذي سيقود قطاع التأمين نحو النمو". وبالنسبة إلى قطاعات التأمين الأخرى أعرب عن اعتقاده بأن النمو سيكون بطيئاً ومحدوداً، مبيناً أن نمو القطاع يتوقف على الدور الذي ستقوم به مؤسسة النقد وهي الجهة المنوط بها مراقبة سوق التأمين. وأشار إلى وجود الكثير من التحديات أمام شركات التأمين، أهمها تداعيات الأزمة العالمية على قطاع التأمين المحلي ومدى تحقيق شركات التأمين للأهداف التي تتضمنها البرامج التي وضعتها هذه الشركات لمواجهة الخسائر المترتبة على الأزمة العالمية، ومدى نجاح خططها وبرامجها لمواجهة الخسائر الكبيرة التي قد تمنى بها كثير من الشركات والمترتبة على النفقات التشغيلية التي صرفتها هذه الشركات من دون تحقيق عوائد، بسبب عدم ممارسة هذه الشركات لنشاطاتها التأمينية، كما أن هناك تحديات فنية وبشرية كبيرة تواجهها هذه الشركات أعاقت تنفيذ برامجها التأمينية في السوق. وأضاف أن هناك شركات تأمين تواجه مشكلات مالية قد تدفعها إلى الاندماج مع شركات أخرى، وأي شخص يقوم باستقراء سريع للسوق السعودية للتأمين سيجد أن الشركات التي تعمل في السوق بشكل مهني سليم هي ثلاث أو أربع شركات، بينما الشركات الأخرى تعيش ما يمكن أن نسميه بتآكل اقتصادي بطيء بسبب اعتمادها على رؤوس أموالها من دون أن يكون هناك نشاط حقيقي يعوض هذا التآكل، كما أنها لا تملك أية مقومات فنية أو بشرية أو إدارية فعالة. وأشار إلى احتمال انسحاب شركات تأمين من السوق بسبب العوامل السابقة، وإن كنت لا أفضل انسحاب أية شركة طالما أن هناك إجراءات عملية وعلاجية يمكن القيام بها لتصحيح أوضاع شركات التأمين شبه المتعثرة في السوق، وينبغي أن تكون هذه الحلول سريعة ومرنة كذلك. وأضاف بالنسبة إلى الشركات الأجنبية فمن وجهة نظري فإن السوق لم تصل لدرجة الإغراء لجذب شركات عالمية لطلب الدخول فيها، فعدد شركات التأمين التي رخص لها كبير جداً والفرص قليلة، كما أن وعي الجمهور لم يصل لدرجة ترى فيه هذه الشركات أن الجمهور يدرك دور التأمين ووظائفه. وتوقع أن تكون نسبة نمو السوق متواضعة خلال العام المقبل، نظراً إلى صعوبة الوفاء بالمتطلبات الأساسية للنمو، ولعل أهمها وجود انتعاش اقتصادي كبير وكذلك نقص الإمكانات البشرية والفنية لدى شركات التأمين، وكذلك الجهات الرقابية التي يفترض أنها هي التي تقود السوق لتحقيق الأهداف المأمولة من قطاع التأمين باعتباره أحد القطاعات التي تعول عليها الدولة الشيء الكثير. أما المدير العام لشركة حماية الأخطار لوساطة التأمين فيصل بن عبدالله الزيدان فتوقع أن يعتمد نمو قطاع التأمين بدعم من الارتفاع الملحوظ في التأمين الطبي وتأمين السيارات، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يكون هناك اندماج أو استحواذ، وانسحاب شركات غير ملتزمة بقوانين مؤسسة النقد. وأضاف أنه يتوقع نمو قطاع التأمين في العام المقبل بنسب تتراوح بين 5 إلى 10 في المئة في غالبية منتجات التأمي.