ليس في الدنيا مكان أكثر جمالاً وإشراقاً من مكةالمكرمة في هذه الأيام، فقد ارتدت أبهى حللها، حتى أن أعمدة الإنارة تحولت الى عقد من اللآلئ، بانتظار ضيفين على درجة قصوى من الأهمية في قلوب اهلها ومتاجرها وشوارعها... أولهما: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، والثاني: جحافل المعتمرين والزوار الذين اعتادوا على تمضية هذا الشهر الروحاني العظيم في بيت الله الحرام. تجولت بعد أن أديت الصلاة في الحرم. كل الأشياء تكاد أن تقول إنها جاهزة لاستقبال شهر رمضان المبارك، وضيوف الرحمن من المعتمرين والزوار. فرق الصيانة أنهت كل أعمالها في وقت باكر استعداداً لاستقبال شهر الصوم. القائمون على خدمات الحرم جهزوا كل شيء، أماكن الإفطار وأماكن الصلاة. كما أن الخدمات النسائية في الحرم أكملت استعداداتها لتأمين الأماكن المناسبة لإفطار النسوة وصلواتهن. رخام ممرات الحرم أشبه بمرآة. عمال النظافة يتحركون بصمت، ويلتقطون ما يريدون التقاطه بصمت أيضاً، وكأنهم - وهم يمرون بين السجاد الأحمر القاني المخصص للمصلين - يستعدون لاستقبال"ضيف". وكذلك هي الحال في الحرم النبوي الشريف في المدينةالمنورة، حيث زادت الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي عدد العاملين إلى 1685 موظفاً، وأكملت استعداداتها لشهر رمضان المبارك. يوجد في"أم القرى"أكثر من 60 حياً. أشهرها"الباب"و?"العتيبية"و?"المسفلة"، و?"جياد"أو أجياد و?"المعابدة". جميع الأحياء ترتدي حلة من الضوء."المكيون"و?"المدينيون"يستعدون لرمضان بطرق احتفالية توحي بأن الآتي"ضيف مبجل"، فهم يسبقون رمضان ب?"الشعبنة"، وهو طقس احتفائي خاص بالمدينتين المقدستين، وإن بدأ يتسرب لمدن أخرى. مكة تتزنر بجبال صخرية قاتمة، لكن جبالها تحولت أمس إلى كتل من"الكريستال". في أعالي الجبال يقتعد التاريخ كرسياً مجللاً بالأمجاد والبطولات، ومن حوله أصوات رجال صنعوا المجد من الرمل.