لم يتخيل ممدوح وحازم، رافقهما عمر في ما بعد، أن مشروعهم الخاص بإنشاء مركز لغسيل السيارات وتلميعها بواسطة البخار، سيحقق نجاحاً لافتاً، بعد نحو عام وشهرين، خمسة فروع موزعة في نواحي جدة، بعد أن كانت بدايته أقرب إلى المغامرة منها إلى الواقع. قدم الشبان الثلاثة خطابات الاستقالة من وظائف كانت بمثابة حلم، بالنسبة للكثير من السعوديين، وهم من ذوي المؤهلات الجامعية المرغوبة في سوق العمل السعودي، ليمارسوا مشروعهم الجديد بهدف تحقيق ثروة مادية للمستقبل من جهة، وإيجاد حل جديد لأزمة المياه في مدينتهم، بحيث يعتمدون على جهاز بخاري يغذى بكوب ماء واحد فقط يكفي لغسل وتلميع أكثر من 36 سيارة. أول الحالمين كان ممدوح الردادي 35 عاماَ، وهو خريج قسم إدارة الأعمال في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز، استقال من منصبه"الحلم"، كمدير إقليمي لخدمات الفروع الخاصة على صعيد المنطقة الغربية في أحد المصارف المرموقة، ووضع كل ما يملك من أموال جمعها طوال 14 عاماً قضاها في قطاع المصارف في هذا المشروع. يقول ممدوح عن البداية:"نشأت الفكرة من ترويج شركة كورية لجهاز يزود بكوب ماء واحد، ومن ثم يتحول إلى بخار ينظف ويلمع السيارة، وباعتبار أن موضوع المياه يحمل حيزاً كبيراً لدى الجميع في بلادنا، إضافة إلى قابلية تحقيق المشروع، فقد جازفت بالاستقرار والراحة والمال". وعلى درب ممدوح سار شقيقه حازم 28 عاماً في المشروع نفسه إذ لم تعد الهندسة الكيماوية التي درسها أربع سنوات ليحصل على شهادته الجامعية، ويعمل لفترات متقطعة في شركات عدة، تستحق أن يكمل بقية عمره لأجلها. وحازم، كما شقيقه، يشارك في تنظيف سيارات زبائن المركز، إضافة إلى دور آخر"كون التغيير يمثل عاملاً نفسياً جيداً، قررنا تغيير ديكورات المركز بشكل دوري لا تتجاوز مدته أربعة أشهر، ونعتمد على عقولنا في استخراج فكرة جديدة للديكور، ونصممه بأيدينا". وعلى رغم انشغال عمر باحميدان 21 عاماً، وهو الصديق المشارك في رحلة صناعة النجاح، بإنهاء دراسته الجامعية في اختصاص التسويق، بيد أنه لا يفرط في دقيقة واحدة خارج أسوار الجامعة، بعيداً من المركز الذي يرغب مواصلة العمل فيه حتى بعد الحصول على الشهادة. وصحيح أن عمر لم يسهم في المشروع، الذي تكفل مشروع عبداللطيف جميل لخدمة المجتمع بجزء من تمويله المادي، إلا أن ممدوح يعتبره الحالم الثالث معهم في قصة الكفاح. والسبب، وفقاً لممدوح:"هناك عدد ليس بالقليل من الشبان السعوديين الذين عملوا معنا، ولم يستمروا، لعدم قدرتهم على الالتزام بالعمل، بخلاف عمر الذي يتجه بمجرد إنهاء محاضرته للعمل في المركز". ربما يصبح ممدوح وحازم وعمر، في يوم ما، اسماً تجارياً كبيراً في السعودية. وهم يسيرون إلى تحقيق هذا الهدف بتصميم يتضح من خلال ترديدهم عبارة"الاعتماد على الذات"كثيراً في حديثهم، وخلق خدمات من بنات أفكارهم لم يسبقهم إليها أحد، كالسماح للزبون بغسل سيارته وتلميعها بنفسه إذا أراد ذلك. وخلاصة القصة تتمثل في أمرين، أولهما الهم الوطني في ابتكار حلول جديدة تسهم في الحفاظ على الماء الذي تسعى الحكومة السعودية منذ أعوام بطرح خطط لترشيده. والجانب الثاني، في إقدام الشبان الثلاثة على العمل بمهنة يدوية يرى البعض فيها أنها دون المستوى. وهنا يقول ممدوح:"اعتدت عند مصادفة زبون كان زميل عمل سابقاً لي، وأنا أرتدي زي العمل في المركز، سماع عبارتين، الأولى في بداية اللقاء: افا هاذي آخرتها... وعند المغادرة: برافو عليك