شكراً من الأعماق لوزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود على القرار الذي أعطى للمرأة حق الحصول على نسخة طبق الأصل من وثائقها الرسمية، وشهادات ميلاد أولادها، وهذا حق طبيعي للمرآة حرمت منه سنين طويلة، وعانى بعض المطلقات الأمرّين بسبب هذا الحرمان، إذ أعطى للزوج "الطليق"حقوقاً ليست له على طليقته، وهو ما عرض الأم المطلقة المحتضنة لأولادها منه إلى ضغط نفسي ومالي كبيرين، فهي لا تجرؤ على طلب شهادات ميلاد أولادها منه، أو صورة من بطاقة أحواله لتسجلهم في مدارس حكومية عند بلوغهم سن الدراسة، لأن بعضهم يهدد بسحب أولادها إن طلبت الأم منه ذلك، وهو ما تضطر معه إلى إدخالهم مدارس خاصة وتتحمل دفع رسومها وقد تكون ظروفها المالية صعبة لعدم وجود عمل لديها، أو لضعف راتبها، وقد تكون الظروف المالية لأهلها حرجة فلا يتمكنون من مساعدتها، فتضطر إلى البحث عن عمل إن كانت غير موظفة والبحث عن عمل إضافي إن كانت هي موظفة لتغطية مصاريف أولادها. إن نسبة كبيرة من قضايا العنف الأسري التي ترد إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان يكون الطليق هو المتسبب بسبب حرمانه لمطلقته من أوراقها الثبوتية وأوراق أولادها، أو امتناعه عن النفقة على أولادها منه، أو بسبب حرمانها من رؤيتهم، أو سحب أوراق الأولاد من المدارس... وهناك قضايا حرمان المطلقة من حق العمل، أو الدراسة، أو السفر، لأن طليقها لم يسقط اسمها من بطاقة أحواله، وتظل تحت سطوته، وهي ليست في ذمته، ولا حق له في ذلك، لذا فإن المرأة في حاجة إلى المزيد من القرارات المنصفة التي تعيد إليها حقوقاً سلبت منها، ومن القرارات التي نأمل في صدورها: 1- منح الجنسية السعودية لزوج وأولاد السعودية المتزوجة من غير سعودي أسوة بشقيقها الرجل، فالمتزوجات من غير سعوديين معاناتهن وأولادهن جد كبيرة. 2- إعطاء المرأة حق إصدار بطاقة أحوال خاصة بها من دون اشتراط موافقة ولي الأمر، إن بلغت سن 18، مثلها مثل شقيقها الرجل. 3- إعطاء المرأة المطلقة حق إصدار بطاقة أحوال خاصة بها لإبرازها كصك طلاقها ويكتب في بطاقة أحوالها عند بند الحالة الاجتماعية مطلقة حتى يسقط حق الزوج "الطليق"في منعها من العمل أو الدراسة أو السفر إلا بإذنه وموافقته. 4- إعطاء المرأة البالغة حق السفر من دون إذن أحد، فليس من المعقول أن الأم أو الجدة لا تسافر إلا بإذن ابنها، أو حفيدتها، فهذا امتهان للأمومة، ونحن عند قراءتنا للتاريخ نجد الأم أو العمة تكون وصية على ولدها، أو ولد أخيها الذي يتولى الحكم، فتحكم هي البلاد إلى أن يبلغ سن الرشد، والآن أصبح الولد الذي ربته أمه هو الذي يأذن لها بالسفر! 5- ثم إن التي لا زوج لها ولا أب، وتعيل نفسها لم يعط الحق لأخيها، أو عمها أو خالها أو ابن أخيها أن يأذن لها بالسفر، وهو غير مسؤول عنها، وغير متول شؤونها؟ إن اشتراط سفر المرأة بإذن وليها يعطي مجالات للأولياء الذين نفوسهم مريضة أن يبتزوها، ويمارسوا عنفاً ما معها قبل منحها الإذن بالسفر! 6- أن يعدّل النظام في ما يتعلق باشتراط موافقة ولي الأمر"الأب"في الالتحاق بالمدرسة أو الجامعة، أو العمل بالنسبة للفتاة، فهذا يفسح مجالاً لبعض الآباء -للأسف الشديد - لحرمان أولادهم وبناتهم من التحصيل العلمي، وبناتهم من العمل تنكيلاً بأمهاتهم المطلقات، خصوصاً إن كان الأولاد عند الأم. 7- ولا بد من الرجوع إلى الأم وأخذ موافقتها في حال تقدم الأب بطلب سحب ملف ابنه، أو ابنته من المدرسة، أو الجامعة، أي عدم انفراد الأب بحق سحب ملفات أولاده ذكوراً وإناثاً من مدارسهم أو جامعاتهم، فإن كثيراً من القضايا التي ترد إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تتعلق بحرمان أولاد المطلقة من التعليم بسحب الأب ملفاتهم، وقد تكون الفتاة في سن التخرج من الجامعة، وان أرادت إحدى البنات العمل يرفض الأب الموافقة تنكيلاً بالأم المطلقة، مع أن الابنة في أمسّ الحاجة إلى العمل، لتساعد أمها على نفقات أخواتها. 8- تعديل المادة 33 من نظام الأحوال المدنية بإعطاء المرأة "الأم"حق تسجيل مولودها باسم أبيه في حال غياب الأب لوفاته، أو سفره، أو طلاقها منه، وامتناعه عن تسجيله، فكيف يعطي هذا الحق لأي من الأقارب الذكور البالغ من العمر 17 سنة ممن يقيم مع الوالدة، أو لم يقم، ولعمدة المحلة أو شيخ القبيلة ولا يعطى هذا الحق للأم الوالدة لكونها أنثى؟ إن عبارة الذكور من الأقارب تستثني المرأة، وفي هذا إجحاف لحقها، وتمييز ضدها، هذا وان كان الأب يرفض تسجيل المولود لإنكار نسبته إليه، فالفاصل في هذا الأمر الحمض النووي، لقد كرم الله الأم، وجعل الجنة تحت أقدامها، والرسول صلى الله عليه وسلم جعلها أحق الناس بالصحبة، وقال: "هي راعية لبيتها وأولادها"وهي مسؤولة عنهم فكيف نعطي الحق للذكر القاصر، ولا نعطيه للأنثى البالغة الرشيدة، وهي أحق بتسجيل مواليدها؟ هذا تمييز ضد المرأة لا يقره الإسلام ولا يتفق مع بنود اتفاق إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها المملكة، وأصبح التزام المملكة بها في ما لم تتحفظ عليه ملزمة به في أنظمتها وقوانينها وينبغي تعدل الأنظمة والقوانين طبقاً لذلك. 9- تعديل المادة 53 من نظام الأحوال المدنية في ما يختص بالإبلاغ عن الوفيات، فهذه المادة لا تعطي للمرآة حق التبليغ عن حالات الوفاة، بينما تعطيه للأقرب من الذكور ممن بلغوا سن 17 سنة، كما لا تعطيها المادة 33 حق تسجيل المولود وتقصره على الذكور. إن المادتين 33 و53 من نظام الأحوال المدنية تتعامل مع المرأة اقل من القاصر، فتعطي للقاصر الذكر البالغ سن 17 عاماً ما لم تعطه للمرآة البالغة الرشيدة حتى في أمور تتعلق بها كتسجيل اسم مولودها. إن المرأة كاملة الأهلية مثلها مثل الرجل تماماً، ومجتمعنا يتعامل معها بموجب انظمته وقوانينه كاملة الأهلية في الحدود والقصاص والعقوبات فقط، في حين يتعامل معها ناقصة الأهلية في الأمور الأخرى، حتى ذمتها المالية المستقلة التي منحها إياها الإسلام حرمها المجتمع منها بفرضه عليها الوكيل، فلا تستطيع إدارة اموالها وممتلكاتها بنفسها، بل لا تستطيع التصرف في مالها، إلا بإذن الوكيل، الذي في الغالب يكون ولي الأمر زوجاً، أو اباً، أو اخاً، وحالات كثيرة وكلت فيها المرأة زوجها على اموالها، واستولى الزوج على اموالها وطلقها، وأصبحت في الشارع بلا مأوى ففي مجتمعنا مطلقات بلا مأوى. إن المرأة في مجتمعنا لا تكاد تخطو خطوة إلا بموافقة ولي الأمر، أياً كان عمرها وقدرها وعلمها ومكانتها الاجتماعية، وقد يكون ولي الأمر هذا الابن، أو الحفيد أو الأخ الأصغر لاستاذة جامعية أو طبيبة استشارية أو مفكرة وأديبة، فإلى متى ستظل المرأة تحت الوصاية؟ ومتى سترفع عنها؟ إن المرأة في مجتمعنا في حاجة يا صاحب السمو إلى قرارات منصفة تتعامل معها كإنسان كامل الأهلية في كل الأحوال، وأهل الثقة، فقد عهد إليها رب العباد بحمل أفضل مخلوقاته في احشائها، وارضاعه من لبنها، وتربيته وتهذيبه، فكيف بعد هذا لا نثق فيها، ونحرمها من حقوق منحها إياها خالقها تحت ذريعة الحفاظ عليها، ونحن قصد منا عرَّضناها إلى عنف بكل أشكاله من بدني ونفسي ومالي وجنسي من اقرب الناس إليها بفرضنا وصايته عليها منذ مولدها إلى وفاتها.