إيران دولة مهمة في المنطقة، لكن هذه الأهمية يجب ألا تجعلها تنفرد بمشكلات المنطقة. المتابع لجمهورية إيران ومنذ الإطاحة بنظام الشاه وتسلم الخميني للسلطة هناك، بدأت إيران بمعزوفة تصدير الثورة للبلدان المجاورة، خصوصاً دول الخليج العربي، وعندما أدركت دول الخليج هذا التوجه تم تدارس الوضع وأنشئ مجلس التعاون الخليجي، والهدف منه، كما هو معلوم، تعاون جميع دول الخليج العربي في المجالات المختلفة، لدرء خطر إيران. بعد ذلك نشب خلاف بين العراقوإيران على مياه شط العرب، وبدأت الحرب بين البلدين، وليس سراً القول إن دول الخليج ساعدت العراق على صد الهجوم الإيراني الذي دام ثمانية أعوام، وانتهى بهزيمة إيران، والغلطة التي ارتكبها الرئيس العراقي صدام حسين آنذاك هو احتلاله الكويت، والسيناريوهات التي أعقبت ذلك الاحتلال معروفة. أعقب ذلك فرض حصار دولي على العراق بحجة أن لديه أسلحة دمار شامل، ثم في مرحلة لاحقة تم غزو العراق من قوات التحالف، وبمباركة من العراقيين الذين كانوا يعارضون حكم الرئيس العراقي صدام حسين، ومعظمهم من العراقيين الشيعة، وقد باركت إيران هذا الغزو كما باركت تسهيل دخول القوات الأميركية إلى أفغانستان بعد ذلك. بعد ذلك بدأ نفوذ إيران يقوى في المنطقة العربية، ففي العراق استولى الشيعة على المناصب الرئيسة في البلاد، وأصدروا قانوناً باجتثاث حزب البعث وحل الجيش العراقي، ووصل العراق إلى ما هو فيه الآن من الدمار والقتل. فإذا كان الهدف من غزو العراق والاستيلاء عليه من القوات الأجنبية هو لإحلال الديموقراطية في العراق، فكيف تكون ديموقراطية وهي تحارب حزباً، ربما 75 في المئة من العراقيين ينتمون إليه. واعتقد جازماً انه ما دامت الحكومة العراقية الحالية متمسكة بهذا المبدأ فلن يكون هناك سلام في العراق، ويجب أن يسمح لحزب البعث بممارسة صلاحياته كأي حزب سياسي عراقي آخر، معظمها نشأ في إيران كحزب الدعوة وغيره من الأحزاب التي تدين لإيران بالولاء. فمن المعروف أن حزب الله هو ركيزة لإيران في لبنان، وهناك من يقول إن الحزب يؤسس لدولة إسلامية في لبنان تكون الهيمنة فيها لحزب الله، وفي فلسطين بعض الفصائل من"حماس"لها علاقات متينة مع إيران، كل هذه الأمور جعلت إيران ترى أنها في موقع قوي يجعلها تحاور الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وتصر على أن مفاتيح حل أزمات الشرق الأوسط في يدها، ابتداءً من العراقولبنانوفلسطين. وليس أدل على ذلك من الاجتماعات المقرر عقدها في العراق بين إيرانوالولاياتالمتحدة لإجراء محادثات تهدف إلى مناقشة مشكلات العراق، وربما تخطو الولاياتالمتحدةوإيران إلى خطوات أخرى والذهاب إلى لبنان لحل الأزمة المفتعلة هناك وإلى فلسطين. إيران دولة ترى أن لها السيادة في المنطقة، وتحتل جزءاً من شط العرب وتحتل ثلاث جزر إماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وهي تبني منشآت نووية على الساحل الشرقي للخليج العربي، وهي ليست مُهَدَدة من أحد، بل هي دائماً المُهدِدة لجيرانها. وما زيارة أحمدي نجاد لدولة الإمارات العربية أخيراً إلا دليل على أن نذر الحرب قد تقع على إيران من الولاياتالمتحدة، وربما تكون هذه الحرب في حال وقوعها هي حل لمشكلات المنطقة سواء في العراق أو لبنان، وكذلك فلسطين، مع إمكان إعادة الجزر العربية التابعة لدولة الإمارات إلى أصحابها الشرعيين، وإن غداً لناظره قريب. حمود المشعل - الرياض