لجأ مزارع إلى طريقة بدائية لعلاج تداعيات إصابة نخيله بالسوسة الحمراء، لكنه يؤكد أنها"ناجعة"في تقليل الآثار السلبية لهذه الآفة، التي تسببت في القضاء على مئات الآلاف من النخيل في، فيما ينتظر الوسط الزراعي في البلاد خطة إستراتيجية تدرسها أوساط رسمية لمكافحة الحشرة. وعلى رغم الانخفاض الملحوظ خلال فصل الشتاء في الهجمات التي تشنها"سوسة النخيل الحمراء"، التي سجلت أول ظهور لها في السعودية قبل عقدين، إلا"أن الحرب ما تزال مستمرة". بحسب المزارع سعيد الصليلي، الذي عمد إلى الطين لسد التجويفات التي تحدثها السوسة في جذوع نخيله، كحل للمشكلة. وتمكن من حصد النجاح الذي عمل عليه خلال سنوات عدة، إذ ساهم في إحداث تعافٍ كامل للجذوع التي تجوفت بسبب الحشرة، التي تضع يرقاتها داخل الجذع الذي تتغذى عليه تاركة إياه يعاني من تجويف كبير، ما يؤدي إلى موت الشجرة في نهاية المطاف، وبعد أن تكبر اليرقات تصبح حشرة تكمل دورة حياتها من طريق وضع بويضات أخرى في شجرة نخيل أخرى، ما يتسبب في موت آلاف النخيل، التي يقدر قيمة ناتجها من التمور بنحو 16 في المئة من إجمالي الإنتاج الزراعي. ويشرح الصليلي طريقته التي علمها لعدد من المزارعين"بعد أن نعالج النخلة بالمبيد المضاد ليرقات السوسة، الذي نحصل عليه من وزارة الزراعة، ينتهي التآكل داخل الجذع، بيد أن النخلة تكبر، ومع مرور الزمن، قد تنكسر إن هبت رياح قوية، لأن جذعها مجوف"، مضيفاً"بعد فتح تجويف الجذع نضع فيه الطين، ونتركه يجف، ومع مرور الزمن تتفاعل النخلة معه، فتنتج الجذور في التجويف، بصرف النظر عن حجمه"، مستدركاً"صحيح أن النخلة قبل تعافيها لا تنمو في شكل موازٍ للنخلة السليمة، غير أن الجذع يكون مستقبلاً قوياً بما يكفي لعدم تهاويه مع هبوب رياح قوية". ويرى أن وزارة الزراعة التي ترسل بين الحين والآخر مراقبيها إلى مزارعهم"أسهمت إلى حد كبير في الحد من انتشار السوسة، عبر إيجاد مبيد صنع خصيصاً لمكافحتها". وكانت دراسة ميدانية قام بها قسم وقاية النبات في كلية العلوم الزراعية والأغذية التابعة لجامعة الملك فيصل، أظهرت أن مبيد"البيرمثرين"، وهو أحد أربعة مبيدات، يسبب صدمة عصبية قاتلة للحشرة بصنفيها الذكر والأنثى، ما يؤدي إلى موتها بعد ساعات عدة من تعرضها له، وهو مستحضر فعال جداً في القضاء على الحشرة، التي لم تستطع أن تطور أساليب بقائها. وتطير السوسة على ارتفاع لا يتعدى الأمتار الثلاثة في غالبية الأحيان، وتهاجم جذوع النخيل من الأسفل، ونادراً ما تهاجمها من الأعلى. وعن موعد وضع السوسة لبيضها داخل الجذع يقول الصليلي:"تضعها في وقت الخريف، فهي لا تتكاثر في الجو البارد أو الحر الشديد، وهذا الوقت من العام مثالي بالنسبة لها، لذا يجب تكثيف وضع المبيد من أجل القضاء عليها". ولم تثمر استعداداته في سلامة مزرعته هذا العام من السوسة، التي تمكنت أخيراً من وضع بيضها داخل إحدى النخيل، وتظهر إصابة النخلة في الجزء السفلي، وعن علاجها يقول:"فتحنا التجويف وأخرجنا اليرقات البيضاء، وبعد تنظيف الجذع كلياً وضعت المبيد لها، وننتظر أن يجف الجذع من أجل وضع الطين". منبهاً"إن وضع المبيد للنخلة أثناء الري لا تستفيد منه لأنها غير قادرة على امتصاصه إن وجد الماء". وعلى رغم تفاءل المزارعين بما تقوم به وزارة الزراعة من جهود بهدف الحد من انتشار الحشرة، إلا أن أعضاء في مجلس الشورى يرون أن ما تم إنجازه"ليس بكافٍ"، ما دعا المجلس للموافقة على توصية خاصة بمكافحة سوسة النخيل من شأنها أن تصدر مشروعاً إستراتيجياً لمكافحة الحشرة التي تهدد ثروة النخيل في البلاد، وتمكن أخيراً عضو المجلس الدكتور عبد الجليل السيف من إقناع المجلس بتبني التوصية. يشار إلى أن أول ظهور للحشرة سجل في الأحساء العام 1987، وتمكنت الحشرة من الانتشار في تسع مناطق على مستوى البلاد قبل سبع سنوات، وقدرت أضرارها بنحو خمسة في المئة من مجمل مزارع النخيل، علماً أن البلاد تحوي نحو 23 مليون نخلة، يقدر إنتاجها السنوي بنحو 970 ألف طن من التمور، وتبلغ ثروتها ستة بلايين ريال، ما وضع السعودية في المرتبة الرابعة عالمياً، والثالثة عربياً في إنتاج التمور.