يصدر يوميا في صحافتنا أكثر من 80 صفحة رياضية، تتشابه جلّ محتوياتها، وأشفق كثيراً على مسؤولي تلك الصفحات في البحث عن التفرد والتميز.. الخبر قد يكون متاحاً للكل، وقد يكون حكراً على مطبوعة من دون مطبوعة.. لذا تحرص كل مطبوعة على أن يكون لها مخبروها واستخباراتها هنا وهناك، بل أحياناً تجعلهم يسبقون الخبر وينبئون به قبل حدوثه.. والصحافة ليست خبراً فقط.. وهنا تبرز مهنية الصفحة في متابعتها لتداعيات الخبر وفي تحليلها لمجرياته.. وتأتي المقالة والحوار كرافدي تميز لكل صفحة، فمن السهل أن تجري حواراً رياضياً لكن من الصعب أن تأتي بالجديد، وكم هي الحوارات المفبركة في صحافتنا، لكن الصحافي الجيد هو الذي يعرف كيف يستنطق ضيفه، ومتى يقدمه للجمهور الرياضي، الصفحات الرياضية في لهاث دائم وتغير، إما بسبب أحداث أو لسطوة إعلان، فيحتار المسؤول يُخْرِجُ ماذا ويترك ماذا؟ وهنا يأتي الحس والمهنية للطاقم.. المباريات وأحداثها خير وجبة دسمة تصل لحد التخمة أحيانا لصفحاتنا ودورينا مثير بأحداثه أكثر من أي شيء آخر.. وتظل المباراة تاريخاً يذكر.. والتصريحات بعد المباراة ستكون فاكهة الأيام المقبلة.. وكأني ببعض المسؤولين ينتظر حدثاً ليعد نفسه بقنابل موقوتة بعد المباراة، فينتقد هذا ويتهجّم على هذا، ويبحث عن أي شيء ليبرر هزيمة فريقه.. ويقدم نفسه وكأنه البطل المنتظر، فتتسابق عليه القنوات الفضائية ورجال الإعلام لتظفر منه بأي شيء.. وتبدأ القنوات في نمنمة من هنا وهناك، لأجل إثارة مفتعلة تخرج عن الإطار التنافسي غالباً.. ويأتي التحكيم ليمنح الصفحات الرياضية الإثارة والندية والبحث عن قيل وقال.. وتظل حكاوى التحكيم في الأذهان لمدة طويلة، فلا أظن أحداً لا يستحضر إبراهيم العمر ومباراة الهلال والنصر كل حين.. ولا أحد ينسى ابوزندة والاتحاد.. وهكذا.. إذاً لابد لصحافتنا أن تدفع رواتب للحكام وللمسؤولين لأنهم خير من يمدونهم بالأخبار ويمنحون كتابهم الفرصة للنقد والتحليل.. ولابد لإدارة الإعلام والنشر أن تشرع في سنّ قوانين وتشريعات تحفظ لكل ذي حق حقه.. فلا تطاول على رموز، ولا مسّ لضمائر ونيات أشخاص، ومنح الاحترام والموضوعية والصدقية الحيز الأكبر للحضور في المشهد الرياضي.. ليت مسؤولي الصفحات الرياضية في بلادنا يجتمعون ليومين أو ثلاثة، من أجل حوار وطني حضاري حول رياضتنا، ويكون نواة لتجمع إعلامي رياضي، يتم الرجوع إليه في الملمات، وتتفرغ فيه صفحاتنا للإبداع والتجلي من دون الخوض في معارك الكل فيها خسران..