الأستاذ فالح الصغير، مشواره طويل مع الصحافة التي يراها كالهم اليومي، نبحر معه ونغوص في سمات الصحافة المحلية وملامحها وآفاقها، حيث يرى أن كثير من المؤسسات الصحافية مليئة بأخطاء يدفع ثمنها"كثيرون"، وأنه هناك خلافات حادة وصراعات شخصية في المجال الصحافي كما يشير إلى قضايا كثيرة أمام هيئة الصحافيين تبحث عن حلول، كما يوضح أبرز التحديات التي تواجه الصحافة والإعلام في المملكة. وتمنى الصغير ألا تكون"صحيفة الزمن الجديد"شعاراً فقط بل فعلاً، وقد ملَّ الشعارات العربية في كثير من شوارع الأمة العربية التي تصبح وتمسي على شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. وأشار إلى ثورة جديدة في صحف إنترنتية ووسائل إعلامية أكثر حركية مثل القنوات الفضائية والجوال وغيرها، حيث لم يعد العالم قرية إنما أصغر من ذلك بكثير ربما يكون العالم إصبع، وحذَّر الصغير الصحف الورقية وبخاصة العربية أنها ستخوض معركة في المضمون والشكل والتعامل مع الآخر هنا حوارنا مع رئيس تحرير صحيفة"الحوار"الأستاذ الكاتب فالح الصغير بداية... هل يمكن التعرف على أبرز المحطات في تجربتك الصحافية وتجربتك في صحيفة"اليوم"كيف تصفها؟ - التجربة في صحيفة"اليوم"ترتبط بالعلاقة برئيس التحرير والمدير العام، مثل الطقس المتقلب، وبحسب المزاجية بعيداً عن الكفاءة والمقدرة. "اليوم"معروف عنها تخليها عن أولادها بسرعة، كثيرون غادروها إلى صحف أخرى ووجدوا فرصتهم أكثر من وجودها في صحيفتهم الأم. أعترف هنا أن مغادرتي"اليوم"جاءت بمضايقة ليست تحريرية في مجملها إنما إدارية، لأنني أرفض أسلوب"الشمشمة"، إذ كان هناك عرض إداري أن"أشمشم"حتى أحصل على مميزات ومناصب، لكنني رفضتها وبشدة، وبعدها بدأت عمليات المضايقة تشتد لمغادرة الجريدة. وفي الجانب الآخر التحريري كان هناك صمت وخوف من المواجهة، لعدم خلق معارك تصاعدية يدفع ثمنها مَنْ يريد البقاء طويلاً، وفي كل الأحوال، فإن التجربة علمتني الصبر، المعاناة، الحب، قضيت فيها سنوات شبابي، رفضت إغراءات وعروضاً من صحف أخرى حباً في"اليوم". كنت أتمنى ما لا أتمناه لنفسي، لكن للأسف هناك مَنْ يلغي كل ذلك، ويرفض ويقف صامداً أمام الدخول مثلاً كأعضاء مساهمين في المؤسسة، على رغم أنها من حصتنا وندفع قيمة الأسهم، كما أنه يرفض تكريم مَنْ خدم الصحيفة لسنوات طويلة لمجرد اختلاف في الرأي، لكنه يكرم الأصدقاء والأقرباء. هناك مَنْ كُرّم لخدمته ثلاثة أشهر، أما صاحب السنوات الطويلة لا يكرم ولو بكوب شاي. وقررت مغادرة"اليوم"، لأني وجدت أن الوقت قد حان للرحيل، ولأن المياه بدأت تتسرب من تحت المبنى. قدمت استقالتي وغادرت، لكنني لم أتقاعد فلا يمكن للصحافي أو الكاتب أن يتقاعد من العمل إلا بالموت أو العجز الكلي، أو فقدانه لذاكرته. الصحافة هَمٌّ يومي لا ينتهي بانتهاء اليوم أو ساعات الدوام الرسمي، ولو أن هناك مَنْ يحاول وضعها في مسار"الدوام"، الدخول والخروج ببطاقة، وهذا في حقيقة لا يفهم العمل الصحافي ولم يمارسه إنما جاء للمؤسسة الصحافية من النافذة أو الواسطة ويعاني صراعاً داخلياً مع نفسه والآخرين. الخروج من المكان ليس خروجاً من العمل الصحافي ذاته، ما زلت أمارس العمل منطلقاً بحرية بعد أن تحول العمل الصحافي بقرار إداري إلى مساحة ضيقة وخناق واختناق. النطيحة والمتردية في صحافتنا مرة قال الشاعر الكبير محمد العلي في أمسية شعرية في نادي الرياضالأدبي إن جريدة"اليوم"، لا يقرأها إلا النطيحة والمتردية... هل تتفق معه؟ - لم أفهم جيداً ماذا يقصد الأستاذ الصديق محمد العلي أن جريدة"اليوم"لا يقرأها إلا النطيحة والمتردية، وهل هذا في الوقت الحالي أم كان في السابق، لا سيما أن الأستاذ العلي علاقته مترابطة منذ زمن طويل، إذ كنا على مقاعد الدراسة مع"اليوم"إضافة إلى مسؤوليته التحريرية لوقت بعد مغادرة الأستاذ محمد الصجيان رئاسة التحرير الذي شكّل وجوده انعطافة كبيرة لليوم، الجريدة عموماً يقرأها الجميع بمن فيهم المتردية والنطيحة، وحتى التلفزيون والمذياع تشاهده وتسمعه المتردية والنطيحة. في رأيك... هل تعتقد أن هناك ما يمكن وصفه بالصحافيين الجدد، أو الصحافة الجديدة؟ وما مواصفاتها أو أبرز ملامحها؟ - نعم، هناك صحافة جديدة وفق تطورات الوقت المتسارعة، الصحافيون الجدد لا يتطورون بما يتناسب والمستجدات الصحافية الجديدة، هناك أسماء صحافية نجحت تساير ما يحدث، البعض"محلّك راوح"يمارس الصحافة تمضية وقت أو جاء بالواسطة لمصالح متبادلة، مسؤول في صحيفة جاء بابن مقاول منزله الجديد ليحوله إلى صحافي بالقوة، حين انتهى المقاول من بناء المنزل وجد الابن نفسه في الشارع، اكتشف بعد انتهاء عملية البناء أن الابن"عالة"على الصحافة، الصحافة الجديدة إذا وظفت جيداً تلغي أمثال أولئك. ما عيوب الصحافة في المملكة؟ وهل تعتقد أن رؤساء التحرير القدامى انتهت صلاحيتهم؟ - لكل صحافةٍ عيوبها سواء في المملكة أم خارجها، هذه العيوب تتفاوت من مكان إلى آخر، هناك صحف بحاجة ماسّة إلى تطور وتجاوُز أزماتها المادية والفنية لتعطي الوجه الحقيقي للصحافة، بعضها ما زال يعمل بمفهوم انتهى زمنه، راضية بوضعها تعاني من خوف التغيير. أما عن الصحافي فلا تنتهي صلاحيته لكن لا بد من حركة تدوير داخل المؤسسة الصحافية تطاول رئيس التحرير والمدير العام والقيادات الصحافية الأخرى. من المنطقي ألا يبقى رئيس التحرير والمدير العام أكثر من ستة أعوام، لأن البقاء طويلاً يعيب المؤسسة بعوالم تؤدي لنتائج سلبية ثم من المفيد دخول"عاملين"في المؤسسة كمساهمين وهو ما تؤيده وزارة الثقافة والإعلام، بعض الصحف ومنها"الرياض"و"عكاظ"بدأت مبكراً في ذلك وهو يمثل خطوة ريادية. من خلال تأملك للمشهد الإعلامي ومن خلال اشتغالك فيه... هل تعتقد بوجود صحافة سعودية لها ملامحها الخاصة، أسوة ببعض البلدان العربية، مثل الصحافة اللبنانية، والصحافية والمصرية ؟ - الصحافة السعودية لها ملامحها الخاصة من حيث المضمون، جيل من الصحافيين السعوديين أثروا في المشهد الصحافي. بعض الصحف محلية في منطقتها وتوزيعها ينحصر في المنطقة الصادرة منها لا وجود لها في مناطق أخرى، لذا تبقى أرقام التوزيع محدودة مهما حاولت رفع الأرقام بهدف جذب المعلن، وهناك صحف أخرى تحركت واتسعت في مساحة المتابعة الصحافية لتصل لمناطق متعددة وتنجح في كسب القارئ، وهي صحف قليلة جداً. المحلية جيدة، لكن ليست"المغرقة"، بعض الصحف أرقام توزيعها لم ترتفع منذ سنوات على رغم الإمكانات التي توافرت للصحيفة ولم تتوافر في أي عهد مضى، وما وصلت إليه من إمكانات كان بجهد وعرق وتعب الجيل السابق أما الجيل الحالي جاء ووجد"الكعكة"جاهزة. نرى في بعض الصحف العلاوة السنوية لا تتعدى الريال الواحد. يجب الاعتراف بأن الأرقام المقدمة لمجلس الإدارة والجمعية العمومية غير صحيحة لصحيفة لا تقرأ خارج منطقتها. معارك من أجل الكرسي كيف يمكن التفريق بين الشخصي والموضوعي في العمل الصحافي؟ - المؤسف أن هناك مَنْ دمج بين الشخصي والموضوعي في العمل الصحافي بل استثمر الصحافة لمصالحه الخاصة حتى في علاقاته الداخلية والخارجية، وأيضاً يرى البعض أن الصحافة وجاهة وجسر للوصول إلى أهداف شخصية، وبعض الصحف لا تناغم بينها وبين الإدارة، حتى لو حاول البعض الظهور بشكل ودي، لكن في الخفاء تدور معارك عنيفة تتوقف فيها الإدارة في ظل وجود رئيس تحرير همه الأول والأخير البقاء في"الكرسي"مهما كانت الأحوال وسوء المعاملة، وصلت الحالة إلى تدخل وفرض نشر أخبار خاصة وعامة تخدم المدير العام ومن معه. إلى أي حد تمثل الصحافة أداة تنوير وتثقيف، وأيضاً تقويم لعمل المؤسسات الرسمية؟ - الصحافة أداة تنوير وتثقيف بلا شك وتقويم لعمل المؤسسات الرسمية، لكن عليها تقويم، وتقويم من داخلها، كثير من المؤسسات الصحافية مليئة بالأخطاء يدفع ثمنها"كثيرون". أيضاً هناك خلافات حادة وصراعات شخصية في المجال الصحافي، بخاصة إذا كان رئيس التحرير"لا يهش ولا ينش". تبدأ السيطرة عليه وفرض أمر لا علاقة له بالعمل الصحافي، وصراع نفوذ سواء من المدير العام أو أي قيادي في الإدارة، كما تفرض عليه أسماء تتحول إلى قيادة صحافية تأمر وتنهي، وهو مجرد مُتفرج، المهم يبقى في الصورة فقط، لينعكس ذلك على العطاء والإنتاجية والحقوق. تجربة الصحف الدولية "الحياة"و"الشرق الأوسط" مع الطبعات المحلية... هل تتابعها؟ وماذا تعني لك؟ وهل يمكن أن تنافس الصحف المحلية؟ - التجربة ناجحة تحتاج إلى تفعيل أقوى، أتابعها، ويمكنها بسهولة منافسة الصحف المحلية بخاصة التي تدور حول نفسها وتمارس دور المطبل والمزمر. هناك من يقول إن نجاح الصحيفة، يأتي بتناغم العلاقة بين الإدارة والتحرير... لكن الملاحظ في بعض الصحف أن الإدارة تتدخل في شؤون التحرير، كيف ترى هذه القضية، وتأثيرها في مستقبل تطور الجريدة وازدهارها؟ - القضية معقدة، وتأثيرها واضح كما ذكرت آنفا،ً صراع حضور ومراكز ووجاهة، المعروف أن رئيس التحرير مسؤول عما ينشر وعن قراءة المادة الصحافية جيداً والحرص على نشرها، مع كل ذلك يتخلى عن تلك المسؤولية، يهرب عنها، أخبار شخصية نشرت وحدث فيها ما حدث لم ترضَ الإدارة عنها، غضبت في وجه رئيس التحرير الذي نفى وبشدة مسؤوليته عن ذلك وأنه"غاب"قبل يوم النشر. لماذا يحمل رؤساء التحرير مسؤولية أي خطأ لمسؤولين أقل منهم؟ - ليس كل رؤساء التحرير يحمّلون مسؤولية أي خطأ لمسؤولين أقل منهم، لكن يتوافر عدد من رؤساء التحرير بشكل مؤلم، ولكن من السهولة جداً التخلي عن المسؤولية ووضعها في أحضان آخرين أقل منهم مسؤولية، بعد تدليل وقتي لهم من خلال عروض بانتدابات وزيادة راتب وعلاوة سنوية. جمعية الصحافيين هل تنتظر شيئاً من جمعية الصحافيين؟ - ما زلت أنتظر من هيئة الصحافيين، ولكن الانتظار طال، ويبدو الانتهاء من مبنى المقر الرئيسي يمثل نقلاً في التعامل مع الصحافيين المنتسبين إليها. لا أتمنى أن يكون دورها الحصول على أسعار مخفضة في الفنادق والطيران، إنما يتعداه إلى معاناة الصحافيين من مؤسساتهم، ومنها جدية رئيس التحرير وقرارات إدارات المؤسسات المفروضة على الرئيس التي أثرت سلباً في الصحافي السعودي. ربما لا تعلم الهيئة أن عدداً من الصحافيين أبعدوا بقرار إداري وتمت مضايقتهم، وجدوا فرصاً أخرى في صحف مختلفة. الأمل في وقوف الهيئة مع ما يتعرض له الكثير من المضايقات، فضّل البعض البقاء في بيته على الذهاب للصحيفة والعمل الصحافي ليعيش العذاب اليومي باغتيال موهبته وحبه للصحافة، قضايا كثيرة أمام هيئة الصحافيين تبحث عن حلول. سعيت إلى إصدار جريدة خاصة بك... هل هو إحباط من المؤسسات الصحافية، أم لمقدرات مهنية ترى أنها لم تستثمر جيداً، ومن الممكن أن تظهر بشكل بارز في الحوار؟ - السعي إلى إصدار صحيفة هو عشق وحب وتجربة سنوات من العمل الصحافي أقدمها بجهود ذاتية وبتشجيع لم أكن أتوقعه، كذلك لأن الصحافي لا يتقاعد، عشق الصحافة ينبض حتى لو دفع دمه وماله وصحته تضحية لها، أتمنى استثمارها صحافياً بما هو مفيد للمهنة، الزمن الآن مختلف عما سبق بتقنياته وتطوراته المتسارعة وعالمه المفتوح، إصدار الصحيفة ليس سهلاً على رغم تجربتي الصحافية، بحكم وسائل الإعلام المتعددة لم تعد الصحيفة الورقية سيدة الموقف، إنما خرجت في صحيفة"لحوار"نحاول الخروج بصحافة مختلفة لزمن جديد، نواجه صعوبة قد ننتصر عليها أو تهزمنا. جريدة"الحوار" غير مألوفة بدا اسم جريدة"الحوار"لافتاً، وكأنه فعلاً يتواكب مع المساعي الحثيثة التي تهدف إلى ترسيخ قيم الحوار بين مختلف فئات المجتمع... هل كنت تفكر في هذا الأمر عندما بدأتم العمل على إنشاء الجريدة؟ - إذا كان الاسم لافتاً فهذا نجاح يسجل للصحيفة، الحوار همنا وهاجسنا، في حياتنا اليومية، في البيت، المدرسة والعمل، الشارع. هناك دراسة صدرت أخيراً تفيد بأن الحوار علاج نفسي، يبقى نوعيته وطريقته. كنتُ أحلم بالحوار المنطقي الواقعي، البعيد عن ممارسة البعض الذي"ينتقم"لمجرد الاختلاف في الرأي حتى لو ابتسم فإنه يخفي مرضاً نفسياً انتقامياً مثل من يضع سم الموت البطيء، أما إذا اتفقت معه ورقصت في حلبته فإن الأبواب تفتح والضمير يذبح والمصالح الشخصية تقف قوية تلغي المحرمات. الحوار نفس صحافي جديد أتمنى تلقي مساحة أكبر من القبول في ظل التطور التقني المذهل. فكرت، أصدرت، تعبت ولا زلت أفكر. هل يمكن الحديث عن"ستايل"الصحيفة، وما يمكن أن تتمايز به عن سواها من المطبوعات؟ -"ستايل"الصحيفة جديد في الصحافة العربية، مفهومه كما ذكرت سابقاً بشكل آخر مجاني، إعلاني، هضمه صعب بحسب العادة التي فرضت عليهم، حجماً كان مقبولاً في زمن مضى، تقييده يعني في رأيي الكثير جداً بأنه هزة في الشخصية وانتقاص منها، الحجم الكبير مؤثر في نفسية المتلقي العربي، صحيفة صغيرة، كتاب صغير مهما كان المضمون يبقى صغيراً لا يخضع لقياس الكيف إنما الكم. من خلال بعض العناوين يلاحظ أن الجريدة تدور في خضم المشكلات نفسها، والقضايا المحلية أو العربية نفسها... كيف يمكن ل"الحوار"أن تقدم معالجة صحافية متميزة؟ - لا بد من أن تدور"الحوار"في خضم المشكلات نفسها والقضايا المحلية والعربية ذاتها، وتبقى طريقة المعالجة وما أترك للقارئ والمتابع تقويمه، الطرح الصحافي يجب الخروج من تقليدية الصحافة العربية. صحف إنترنت ووسائل إعلامية أكثر حركية مثل القنوات الفضائية والجوال وغيرها لم يعد العالم قرية إنما أصغر من ذلك بكثير ربما يكون العالم إصبع، لهذا فإن الصحف الورقية بخاصة العربية تخوض معركة في المضمون والشكل والتعامل مع الآخر. ما زالت كثير من الصحف تدور في زمن مضى تتحرك حول نفسها، الزمن يدور يتحرك وهي واقفة، بل إن غيرها يتقدم خطوة وهي تتراجع خطوات. المتلقي يبحث أيضاً عن عمل صحافي مميز أو كما ذكرت معالجة صحافية مميزة، ولكن متى يحدث ذلك؟ سؤال كبير يفتح نوافذ وأبواب الصحافة العربية على مصراعيها. هناك صحف بدأت بدايات قوية، لكنها ما لبثت أن عصفت بها التحديات والظروف، وكذلك الدعم المالي، الذي هو عصب كل مشروع ناجح... هل وضعتم كل ذلك في الاعتبار؟ - وضعنا كل ذلك في الاعتبار، وتجب الإشارة إلى أننا نملك التجربة الصحافية أكثر من المادية، وهي معادلة ربما تتفوق التجربة مع صعوبتها ثم لا ننسى أننا لا نقبل دعماً مادياً إلا وفق القنوات القانونية والمشروعة بالإعلان والاشتراك وهو المعمول به في صحف تحترم نفسها وقبل هذا وذاك ضميرها ووطنها. الصحف... والسوق السعودية أي حضور تتوقعه ل"الحوار"في السوق السعودية؟ - نتوقع حضورً جيدا،ً المؤشرات تشير إليه على رغم صعوبة المنافسة وحجمها. للتذكير فإن السعودية من اكبر الدول استهلاكاً للصحف، حجم الصحف الموزعة فيها كبير جداً وبشكل يكاد يكون يوميا،ً يسجل هذا لوزارة الثقافة والإعلام التي تعطي مساحة كبيرة للصحف للتوزيع والتحرك في السعودية. هل تراهنون على فئة أو شريحة معينة، أم أنك تخاطبون كل فئات المجتمع؟ - لا نراهن على فئة أو شريحة معينة، بل نخاطب كل فئات المجتمع، نحن نسعى للطباعة في عدد من مراكز الطبع الجديدة مثل دبي، القاهرة، بيروت، اليمن. نخاطب الجميع نفتح صفحات الحوار للنقد والملاحظة، المشاركة، نتمنى أن يحررها القارئ في كل صفحاتها. ما أبرز التحديات التي تواجه الصحافة والإعلام في المملكة؟ - سؤال كبير، تحديات متكررة مثل ما تواجهه الصحافة العربية والعالمية، العالم يتحرك، ومن المهم أن يتماشي مع المتغيرات، ويصبح في الوصول إلى الرأي العام العربي والغربي، القنوات الفضائية تتوالد بكثافة، المتلقي لم يعد كما كان، هناك أساليب ووسائط إعلامية مختلفة، العالم مفتوح، البيوت تلتقط بسهولة ما هو مشفر في السماء والأقمار وغيرها، لم تعد قنوات الوطن الوحيدة التي تبث وتستقبل، فالعالم انفتح، وعلى الصحافة والإعلام المسارعة للتطوير قبل فوات الركب. الأدب والصحافة معروف أنك أديب وكاتب قصة إلى جانب كونك صحافياً صاحب تجربة طويلة... أيهما أثّر في الآخر، الصحافي أم الأديب؟ وماذا عن مشاريعك الأدبية؟ - كلٌّ أثر في الآخر، الصحافي والأديب وإن كان الصحافي أقرب، واستفدت من التجربة الصحافية فشجعني ذلك على القراءة المتواصلة والمتابعة، المؤسف أن هناك من توقف عن القراءة سواء صحافيين أو رؤساء تحرير وهو ما يعد خطأ كبيراً، لأن البعض يرى"وهذا مؤلم"أن الصحافة مهنة من لا مهنة له أو يتخذها وجاهة وجسراً للوصول إلى أهداف ومصالح خاصة. يلاحظ أن البعض لا يجيد طرح السؤال، ولا كتابة الخبر ولا التقرير أو التحقيق أو اللقاء، وهو ما يتطلب أن تقوم كل مؤسسة صحافية بتدريب أفرادها بافتتاح مراكز أو معاهد تدريبية، وألا يبدأ الصحافي عمله إلا بعد النجاح في تلك المراكز أو المعاهد. أما من ناحية مشاريعي الأدبية، أصدرت كتباً ومجموعات قصصية وهي، ديموقراطية الموت، عام الجنون العربي، المرفوض، أسرار علي حامد. وقريباً تصدر رواية"يمرون الظهران"عن مراحل تاريخية وتجارب في مدينة النفط العالمية الظهران. هل يزعجك بصفتك أديباً إلغاء الصفحات الثقافية لمصلحة الإعلان، كما يحدث في غالبية الصحف؟ - مزعج جداً، مسكينة الصفحات الثقافية بخاصة في وجود رئيس تحرير لا يملك قراراً، الثقافة كبش فداء على حساب الإعلان كثير ما ألغيت ورميت في سلة المهملات صفحات ثقافية، لأن الإعلان أهم، يمكن المعالجة بوجود مساحات أخرى، أو زيادة عدد الصفحات، لكن الإدارة ترفض الزيادة، ورئيس التحرير لا يدخل في معارك مع الإدارة ولا يستطيع اتخاذ أي قرار. هناك مَنْ ألغى ملحقاً أدبياً، واكتفي بصفحة تظهر وتختص ثم تُلغى بقرار غيره. العالم العربي لا يستو عب الصحافة الجديدة بسرعة...! التحديات ما أصعب الكلمة في مضمونها وفعلها، التغلب عليها يتطلب معركة في الحوار، نختلف في الحجم، نواجه مشكلة في التعامل مع الكثيرين، لأنهم يرون أن هذا الحجم مجاني إعلاني مهما كان المضمون هو إيجاد وقناعة صعب الإلغاء، مضمون الحوار استطلاع رأي، سؤال، حوار، قضايا، قوافي، رياضة، جدل، صحافة، تسلية، طفولة، تقنية، أسرة. التحدي إقناع المتلقي بجديدك حجماً ومضموناً في زمن مختلف، ما دام التحدي ساري المفعول، أتحدى أن تعلن أي صحيفة أرقام التوزيع الحقيقية، هناك من يكذب ويعلن أن القرّاء وصلوا إلى ثلاثة ملايين. الصحف الغربية أعلنت معاناتها من النقص المتزايد في التوزيع وسعت إلى استراتيجية جديدة خلال الزمن الجديد بتعاملها مع العناصر الصحافية المتعددة، أنت جالس في البيت والسيارة والمطعم وأي مكان آخر يصلك الخبر طازجاً. في الغرب بدأت الصحف التاريخية والجديدة بحجم صغير"تابلويد"لأن متطلبات العصر تفرض ذلك. أما العالم العربي من الصعب استيعاب ذلك سريعاً مثلما يحدث للإنترنت الذي يرونه للشتيمة والجنس مع فائدته الكبيرة إذا تم توظيفه بما هو نافع ومفيد، قارن بين أرقام الدخول في مواقع غربية وعربية، تماماً مثل الكتاب العربي يعاني من قلة القرّاء أو انعدامهم في حين أن الغرب يقرأون في كل مكان، أن زمن الانترنت والفضائيات قلص القراء لكنه ليس مخيفاً كحال القراء العرب، هنا تكمن التحديات. أتمنى ألا تكون"صحيفة الزمن الجديد"شعاراً فقط بل فعلاً، مللنا الشعارات العربية في كثير من شوارع الأمة العربية التي تصبح وتمسي على شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. شعارات قادت إلى الأقبية والسجون والسحل والركض في الشوارع حافياً. مللنا الشعارات التي تكاد تتشابه من دولة وأخرى، حتى أن القارئ قد يكتفي بقراءة صحيفة واحدة، لم يعد الخبر مهماً كما كان سابقاً إلا إذا كان سبقاً صحافياً، وهذا نادر للأسف في الصحافة العربية. أرى أن الصحافة عمل ميداني يرتبط بحياة الناس اليومية وهموم وطريقة طرحه بعيداً عن المتبع الذي أصاب القارئ بالملل والذهاب بتفاصيله وتحليلاته وما يستجد، لا انتظار للصحيفة غداً وهو ما شكل للصحافة عموماً، لكن لا يعني موت الصحافة الورقية، فأنها تبقى إذا تم التعامل مع التطورات بما تتناسب والمراحل المختلفة. تلقى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في المنطقة الشرقية. دراسات في الإعلام من جامعة الملك سعود واللغة الانكليزية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وفي نبراسكا في الولاياتالمتحدة الأميركية. شارك في تغطية مؤتمرات إسلامية وعربية وخليجية ودولية، منها مؤتمرات القمة الخليجية وقمم عربية وإسلامية، وشارك في تغطية حرب تحرير الكويت. عمل في جريدة"اليوم"أكثر من 20 سنة. تدرج في العمل الصحافي حتى وصل إلى منصب مدير التحرير. عمل سكرتيراً لنادي القصة في المنطقة الشرقية لمدة عامين. مراسلاً لوكالة"رويترز 3 سنوات. المؤلفات: - ديموقراطية الموت. - المرفوض"قصص قصيرة". - أسرار علي حامد"قصص قصيرة". - عام الجنون العربي. - شارك في أمسيات أدبية وإعلامية في عدد من الأندية الأدبية، كما ألقى محاضرات في الصحافة والإعلام. - أشرف على العدد الوثائقي بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس السعودية، كما أشرف على الملحق اليومي الذي أصدرته"اليوم"باسم"المئوية". - كتب زاوية يومية في"اليوم"، ومقالة أسبوعية في القبس الكويتية. ونشر في عدد من الصحف العربية. - يكتب حالياً زاوية يومية في صحيفة"الندوة". - يعمل رئيساً لتحرير صحيفة"الحوار".