لعل المطلع على الأوضاع الاجتماعية في المجتمع السعودي لا يحتاج إلى مزيد من الجهد لكي يلحظ تناقص الدور الاجتماعي، أو ما يسمى ب"جماعات الضبط"، فمن المعروف لكل من يهتم بالشأن الاجتماعي أن المجتمع يتكون عادة من جماعات غير رسمية تسمى ب"جماعات الضبط"، هذه الجماعات تمارس دوراً إيجابياً في ضبط سلوك الأفراد بمقدار ما يبديه من انضباط يتوافق مع متطلبات المجتمع من جهة أخرى. ولكي يحظى الفرد بالمكانة المقبولة في محيطه ومجتمعه، نجده تلقائياً يتماشى من سياق مجتمعه بحيث لا تصدر منه أية تصرفات يمكن أن تلاقي استهجاناً أو انتقاداً من بقية أفراد المجتمع، بهذا المفهوم لجماعات الضبط، يتضح لنا تناقص الدور الإيجابي لجماعات الضبط، وكذلك التناقص الذي قد يصل لمرحلة الانعدام التام لدور بعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى، فمثلاً كان المسجد والمدرسة يؤديان دوراً تربوياً متكاملاً، يكاد يفوق ما تؤديه الأسرة في الوقت الراهن. ولعل الكثير منا يتذكر ما للعلم من مكانة وقبول يؤهلانه لتولي بعض المهام التربوية والقيام بأدوار مهمة في دعم الأسرة ومساندتها في توجيه أبنائها وتربيتهم، بخلاف ما هو عليه الحال في هذه الأيام. وإذا ما نظرنا إلى الأسرة في هذا الوقت باعتبارها مؤسسة الضبط والتربية الأولى في المجتمع، نجد الخلل الواضح في أداء الأدوار، فرب الأسرة لا يجد متسعاً من الوقت للاستماع لأبنائه وممارسة دوره كأب ومسؤول عن هذه الأسرة، هذا الخلل والنقص في أداء أدوار رب الأسرة عادة ما يتم التعويض عنه من جهات أخرى مثل أصدقاء السوء، أو إعلام منفتح بلا قيود. ومن أفضل الطرق العلاجية لمثل هذه المشكلة هو البدء على مستوى الأسرة، فيجب أن يدرك كل ولي أمر ثقل الأمانة ومسؤوليتها أمام الله عز وجل قبل كل شيء، ثم الوعي الكامل بأن أدوار التربية ستصل إلى الابن سواء عن طريق الأسرة وبشكل إيجابي، أو عن طريق وسائط أخرى ولكن بشكل سلبي... فلنبدأ بأنفسنا وفي محيطنا الصغير، وسنجد بإذن الله أن المجتمع بدأ في الترابط والتعاون من جديد، وعادت مؤسساته غير الرسمية كافة تؤدي دورها الحيوي في بناء المجتمع اعتماداً على البناء التربوي لأفراده. أحمد بن عبدالله السليم الإدارة العامة للشؤون الاجتماعية - القصيم