شهدت محاضرة فكرية للدكتور حمزة المزيني حول المناهج والمقررات الدراسية، أقيمت مساء الثلثاء الماضي في النادي الأدبي في الطائف، حضوراً مثيراً خرج عن السياق، أبطاله بعض الشبان المتشددين. وجاء ذلك عقب تداول هؤلاء الشبان رسالة عبر الجوال، تؤكد ضرورة الحضور بكثرة، مع التركيز على دحض أفكار المحاضر التي ذكرت الرسالة أنها عرفت ب"أنها هدامة للمنهج الدراسي الديني". هذه المحاضرة جاءت ضمن رابع نشاط يقيمه النادي عبر مجلسه الجديد، وقد توقع أعضاء النادي أنها ستكون محاضرة لافتة للنظر ومثيرة، في هذا الوقت الباكر من تسلم مهام نادي الطائف الأدبي. وقبل المحاضرة، سرت أنباء عن إلغاء المحاضرة وتأجيلها، لكن بعد مضي نحو ساعة من الموعد المحدد للمحاضرة، وصل المزيني إلى النادي وبصحبته حشد كبير من أعضاء النادي، ووجهاء الشأن الثقافي والتعليمي في محافظة الطائف. بدأ المزيني محاضرته، التي قدمها عميد كلية المعلمين الدكتور علي الحارثي، بالتطرق إلى الحساسية التي تعترينا عندما نناقش قضية المنهج، ومحاولة التطوير فيه، وقال إن"المنهج ليس كتاباً مقدساً لا يعتريه التغيير والتطوير، بل إن الشعوب عندما تشعر بالخلل فإنها تعود إلى مراجعة مناهجها". وحول ذلك استشهد المزيني بتفوق الروس على الأميركيين في الوصول إلى الفضاء، وأيضاً تخلي الصين عن مظاهر تكريس الشيوعية أخيراً. وأرجع المزيني في محاضرته ضعف المنهج المحلي في المملكة إلى أسباب عدة، منها: مغادرة المعلمين المصريين في الثمانينات الهجرية، والتعويض عنهم بمعلمي المعاهد ما بعد المرحلة الابتدائية، الذين قدموا الفشل للتعليم، وورود أعداد من جماعة الإخوان المسلمين المصرية للمملكة. وأضاف إلى ذلك حادثة دخول الحرم من البغاة من أبناء هذا الوطن، وما تولّد منها من رد فعل عكسي. وقال المزيني:"إن هذه العوامل المتقاربة زمنياً غيّرت مجتمعنا. لذلك حساسيتنا نحو التعليم لا بد من أن نتخلى عنها لنعود إلى سابق عهدنا". وأشار المزيني إلى"أننا لا ننتقد المنهج الديني، الذي يمثل هويتنا وخصوصيتنا في نصه المقدس من آيات وأحاديث، وإنما طريقة طرح الرؤى التي لا تقدم البدائل المرنة للمواطن ليتحرك ويتصرف بصلاح". وختم المزيني محاضرته بضرورة مراعاة التنوع الحضاري والمذهبي"الذي ورثناه في المجتمع السعودي". ثم بدأت المداخلات التي حاول الكثير من الحضور المشاركة فيها، فقال رئيس النادي الدكتور جريدي المنصوري:"إننا لا نفتح الحوار الحر بمنبر النادي طوال الوقت، وهذه الحوارات وليدة متغيرات معينة لا نتفق معها جميعاً، ولا نختلف معها أيضاً، فالتطوير مطلب لكل تحضر، والمناهج عموماً تحتاج إلى تغيير". ورأى الدكتور ظافر القرني تناقضاً في الطرح الذي قدمه المحاضر مع الشواهد، في قضية الأسبقية العلمية عند التسابق للفضاء،"في عدم تركيز المحاضر على المواد العلمية التي تُوَصّلنا إلى الريادة والتفوق". وقد أيّده بعض الحضور بالتهليل والتكبير، ورد المحاضر المزيني في ما بعد بأن المنهج الديني واللغوي الذي يمثل هويتنا الإسلامية، على خلاف مع الهوية الغربية في الشاهد الذي طرح، لمبدأ التطوير والتسابق السوفياتي - الأميركي. وقال الدكتور عبدالله السليماني، إن المحاضر يستهدف المنهج الديني،"كتبعية لتوجه غربي لمناصري النيل من هذا المنهج"، وقاطعه الدكتور المزيني بقوله:"اختر الألفاظ المناسبة في التداخل، لو سمحت"، ولكن السليماني تابع مداخلته وقال:"إذا لم نُعَلّم أبناءنا عبر المنهج مَنْ أعداؤهم؟ وكيف السبيل لنيل الشهادة؟ وضرورة الدفاع عن الوطن، فمتى ومن أين نعلمهم؟". ورد المزيني على المداخلات جميعها بقوله:"أود التنويه إلى أنني قد أكون أقلكم علماً بالخلل الذي تعانيه مناهجنا، ولكننا ندين بدين حنيف، فمهمتنا تحتّم علينا السعي إلى الرقي والتطوير. وللتعبئة والجهاد للدفاع عن الدين والوطن جهات مختصة، كالحرس الوطني والقوات المسلحة، وليس الطالب". وحاول بعض الحضور من المتشددين، في ختام المحاضرة، صعود المنصة، ما استدعى تدخل رجال الأمن، وتفريق الحضور، الذين لم ينصرفوا تماماً، وبقوا في بهو النادي.