لم تنته كأس العالم من دون ان تترك انطباعاً لدى متابعي وعشاق كرة القدم قد يوافقه البعض وقد يخالفه البعض الآخر، ولم تخل أيضاً من الايجابيات والسلبيات التي كان لها تأثير على مجريات المباريات، إلا أن الجميع وبمن فيهم الهرم الأكبر لكرة القدم"ألفيفا"اتفق على سلبية واحدة، وهي الاخفاق التحكيمي، ماجعل"الفيفا"يقر اعتماد الاحتراف التحكيمي في"مونديال"2010 ليواكب الحدث ومستوى المنتخبات المشاركة، وبما ان الحكم السعودي جزء من ذلك، وليتمكن من التطور والاحتراف كان هناك رأي لبعض المختصين في كيفية العملية الاحترافية. في البداية تحدث رئيس لجنة الحكام مثيب الجعيد عن احتراف الحكم السعودي بأن"الآلية لم تتضح، وكيفية يكون الحكم محترفاً، وهل يتبناه الاتحاد الدولي، ومن يصر عليه، ويراعيه وتوجيهه وتطويره، وهل أجره يكون بالراتب الشهري أم بالمباراة أم يفرغ تفرغاً تاماً، ومن يتعاقد معه الاتحادين الدولي والقاري أم الأهلي وفي حال الاستغناء عنه وهو في عمر 45 كما هو محدد من الاتحاد الدولي، ومن يؤمن عليه وحياته واسرته، فهذه لم تتضح بعد، ومن الصعب على الاتحاد السعودي وضع الاحتراف لان هناك 650 حكماً على مستوى الدوري ودوري المناطق". وعن تحديد الحكام المحترفين، ذكر انه إن تم ذلك، فسيكون تخصيص الحكام الدوليين ليس سهلاً. أما في ما يتعلق بالاستفادة من الأخطاء التحكيمية في"مونديال"2006، فبين ان"الاخطاء سيتم شرحها للحكام، لتلافي الوقوع فيها، فحكامنا لديهم الثقافة القانونية واللياقة البدنية وستجرى لهم اختبارات في ذلك، ستتضمن شرحاً للحكم خليل جلال، ومدى استفادته من التجربة". وعن عدم مشاركة خليل جلال في قيادة أية مباراة في"مونديال"المانيا قال الجعيد:"جلال لم يجد الدعم الكافي من ممثل الاتحادين الآسيوي والأفريقي، ايضاً عدم المناقشة والمطالبة من الممثل اصبحت ضعيفة، بعكس الحكم الياباني الموقوف من الاتحاد الآسيوي الذي تم تكليفه بقيادة المباريات في المونديال، والاخطاء التحكيمية في المونديال لو قارنها باخطاء الحكم السعودي لوجدناها قليلة". وفي ما يختص باللائحة وتحديد عمر الحكم، وتجاوزه لعمر اللاعب، قال رئيس لجنة الحكام السعودي:"لا يمكن تغيير الشيء بين يوم وليلة، ففي اللائحة السابقة لا يزيد عمر الحكم على 30 سنة ليلتحق بالتحكيم وتقبل الشهادة المتوسطة، أما الآن ومع توجيهات الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل وهي الاعداد لجيل جديد من الحكام، بحيث لا يزيد عمر الحكم على 25 سنة، ولا يقل المؤهل العلمي عن الثانوية العامة، فأصبح لدينا قاعدة أساسية بعكس السابق الاهتمام بالكم من دون الكيف، فالآن الاهتمام بالكيف مع وجود الكم، وفي هذا العمر تتم تنشئته على طرق علمية سليمة، مع وجود الخبرة التي تدعمه، وهذا وضع في الاعتبار وليس الاحتراف فقط، وانما لتطور اللعبة ولكي يكون لدى الحكم علم وثقافة خاصة إذا ما اراد الوصول للشارة الدولية، كما ان هناك دورات ومحاضرين من الاتحاد الدولي، ينقلون الصورة للاتحاد الدولي مع محاضرين سعوديين، وأيضاً هناك طبيب مختص في علم النفس لإبعاد الرهبة والخوف عن الحكام، خصوصاً عند تحكيم المباريات الحساسة، إضافة إلى عرض اشرطة ودسكات للقطات الحكام وعرضها على المتدربين كما فعل الاتحاد الدولي". اما المحلل التحكيمي محمد فودة، فكان له رأي في ذلك فذكر ان"الاتحاد الدولي اختار أفضل الحكام من القارة الأوروبية، ولو نظرنا للحكام في ألمانيا وإيطاليا وإنكلترا لوجدنا انهم الأكثر وقوعاً في الأخطاء، فنظرية ان الاتحاد الدولي سيختار حكاماً محترفين عام 2010، لا أعتقد انها ستكون ناجحة، ويجب ان نستعد للمرحلة المقبلة من الآن بالنسبة إلى الحكم السعودي إذا أردنا ان يكون لنا ممثل في كأس العالم 2010، فآلية الاحتراف التي اقترحها وهي وجهة نظر شخصية، أتوقع أن تحقق نجاحاً بأن يتم اختيار الحكم الأصغر سناً والأكفاء أداء لتفريقهم جزئياً ومنحهم مشاركات أكثر في الدوري السعودي وتركيز الدورات التطويرية للحكام، مع منحهم الفرصة للمشاركة وتبادل الخبرات مع الدول الأوربية، وسيكون للحكم السعودي خبرات من تلك المشاركات الخارجية، لو طبقنا التبادلين الثقافي والرياضي مع الكثير من الدول". اما في ما يتعلق بتحديد الحكام المحترفين قال:"لا أعتقد انه سيكون شاملاً ويجب ان ينحصر في تحقيق الفائدة للحكم السعودي، وعلى عدد محدد من الحكام الدوليين الأصغر سناً، وعدد أقل من حكام الدرجة الأولى الذين يتوقع لهم مستقبل جيد، في مشاركاتهم المقبلة بعد ترشيحهم للقائمة الدولية، واقترح ان يكون الاحتراف جزئياً وليس شاملاً من أجل ان نجعل الحكم السعودي يمر بهذه التجربة ثم تتم دراسة هذه التجربة ومدى تحقيق الفائدة منها، فان نجحت سيكون هناك تنافس بين الحكام، والأجدر هو الذي يحترف، فالحكم السعودي لا يستطيع كلياً لالتزاماته الأسرية وكما هو معروف عمر الحكم في الميادين 45 سنة". وفي ما يختص بعمر الحكم ومناسبته لعمر اللاعب قال: سبق وأن اقترحت منذ سنوات أن يمنح اللاعبون الذين يمارسون اللعبة دورات تحكيمية في جميع الأندية لتشجيعهم على الانخراط في مجال التحكيم ويمنح لاعب الدرجة الأولى فرصة، ليقود مباريات الناشئين والشباب حتى انه إذا اعتزل وجد نفسه قطع شوطاً في السلك التحكيمي، وبهذه الطريقة نستطيع أن نجد حكاماً سنهم متقاربة مع اللاعبين، وبالتالي يكون أداء اللاعبين المعتزلين جيداً، عندما يصبحون حكاماً، وهم مع ذلك قريبون من الترشيح للقائمة الدولية، ووجودهم كلاعبين مشهورين في الملاعب يساعدهم في أداء المباريات، فيتقبله اللاعب والجمهور والإعلام في شكل أكثر من الحكم الذي لم يمارس اللعبة أو القادم من المجهول، أو قد يكون مارس اللعبة في ناد غير مشهور، وبالتالي فان اللاعب يعرف تاريخ الحكم وبهذا نجد حكاماً صغار في السن ومتقاربين مع اللاعبين". من جانبه، قال المحاضر في الاتحاد السعودي والمختص بتطوير التحكيم فهد القحيز إن قرار"الفيفا"سيفرض على الاتحادات الوطنية في بلدان العالم تطبيق الاحتراف للحكام"، كل اتحاد محلي مثلما يسعى لوصول منتخبه إلى نهائيات كأس العالم، فإنه أيضاً يهدف إلى وصول أحد حكامه، ليكون ممثلاً له في"المونديال"ومن هنا ستسارع الاتحادات الوطنية، خصوصاً في الدول المتقدمة كروياً التي طبقت الاحتراف للاعب، إلى شمول الحكام في الاحتراف، وأتمنى من الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يتفاعل مع هذا القرار ويسارع في تطبيقه ليحترف الحكم أسوة باللاعب المحلي. وأعتقد أن احتراف الحكام سيخدم الكرة المحلية، ويحقق لها مكاسب كبيرة، لا سيما ان ارتفاع مستوى التحكيم سينعكس ايجابياً على تطور مستوى اللعبة وتقدمها، كما انه سيحل مشكلة التحكيم الأزلية لدينا، وكذلك سيضمن وجود ممثل للتحكيم السعودي في"مونديال"2010، وفي البطولات الدولية الأخرى". وعن كيفية تطبيق احتراف الحكم بيّن القحيز، أن ذلك سيتم من خلال"تفريغ عدد من الحكام مبدئياً عددهم 25 حكماً من الحكام المميزين من الدرجتين الدولية والأولى، عشرة حكام ساحة و 15 حكماً مساعداً كمرحلة أولية، وذلك عن طريق تفريغ من هو على رأس العمل، إما بنظام الاعارة أو الإجازة من دون مرتب من عمله، أو عن طريق نقل خدماته وذلك لمن تسمح له ظروفه إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ويتجمع هؤلاء الحكام في مركز رياضي من أربعة إلى خمسة أيام في الأسبوع، يتم خلالها تدريبهم واعدادهم وتهيئتهم بدنياً ونفسياً وفنياً للمباريات، ومعالجة اخطائهم والعمل على تطويرهم طوال الموسم الرياضي، واعتقد انه يمكن تأمين رواتبهم عن طريق الرعاية، كذلك تسويق البرامج التحكيمية التي تحلل الأخطاء التحكيمية عبر وسائل الإعلام"التلفزيون والصحافة". وفي ما يختص بعامل السن بين الحكم واللاعب ذكر ان"ذلك له علاقة بحدوث الأخطاء التحكيمية، فالحكم الذي يتعدى عمره 55 سنة، يصعب عليه مجاراة لاعبين متوسط أعمارهم ما بين 22 و27 سنة لذلك أتمنى ان يتم بناء حكام تكون أعمارهم متقاربة مع أعمار اللاعبين، لأن اللياقة البدنية قد تنخفض لدى الفرد بعد سن ال 30 سنة". وفي إطار الأخطاء التحكيمية التي وقعت في"مونديال"2006، وكيفية الاستفادة منها، بين القحيز أن"تلك الأخطاء يمكن الاستفادة منها في تعليم الحكام وتطويرهم من النواحي القانونية، فهي تعد نماذج خاطئة لتطبيق قوانين اللعب، لذلك يجب تحليليها ومعرفة مسبباتها، والعوامل التي أدت إلى وقوع الأخطاء من الحكام، حتى لا يتم تكرارها والوقوع فيها مرة أخرى". واضاف:"ومن خلال ما تطرق إليه المختصون في تطوير التحكيم يجب البدء والإسراع في عملية تطبيق احتراف الحكام من خلال تفريغ الحكم السعودي، واختيار الحكم الاصغر سناً، ليتواكب مع عمر اللاعب، وتكثيف المشاركات لهم سواء أكانت محلية أم خارجية، إضافة إلى الدورات المكثفة طول الموسم، والتهيئة النفسية وذلك ليكون لدينا حكام مؤهلون للاحتراف وللقائمة الدولية".