مجتمع المدينةالمنورة ذو خصوصية شديدة في التعاطي مع كثير من الظواهر التي يمر بها أفراده، فتارة تجده في قمة"الانفتاح"، مستنداً إلى تجربة الاختلاط الثقافي مع الحجاج والزائرين. على هذه الخلفية، ربما تفاجأ البعض بإعلان انسحاب المرشحتين الوحيدتين في انتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة، قبل يوم واحد من إعلان القائمة النهائية، وهما الطبيبتان: وفاء طلبة، ونهاد سنبل. في تجربة"سيدة الأعمال"تحديداً في"طيبة الطيبة"، تنبغي الإشارة إلى أن هذا اللقب لم يكن يوماً من الأيام معروفاً بين أفراده، حتى وإن كانت رياحه المقبلة من المدينة الأقرب إليه وهي جدة، عصفت به. وفي المدينةالمنورة أيضاً، لا يمكن الاعتراف بأن هناك"سيدة أعمال"، فهي أولاً وأخيراً"سيدة المنزل"، وإحصائية الغرفة التجارية تثبت أن هناك 46 سجلاً تجارياً مسجل باسم امرأة، فهل هن سيدات أعمال؟ لكن أحد أبناء المدينةالمنورة، يعطي لما حدث من جدل قائلاً:"طبيعي جداً ما حدث من"ضجيج"و"جدل"حول ترشح سيدات الأعمال، على خلفية معروفة أن شؤون المرأة كان وما زال"الحديث المكهرب"، فما بالنا ودخولها قلعة التجّار والصنّاع عبر بوابة الانتخابات، وهي المحك الرئيس لممارسة الفعل"الديموقراطي". ويضيف:"علينا الاعتراف بأن المرأة السعودية وقفت دائماً وأبداً في شؤونها تنتظر"رد الفعل"في أي"فعل"من جانبها من الشريك الآخر، على اعتبار أن قراره مهم جداً. وأياً كان هذا الطرف أو الشريك رجلاً أم مجتمعاً وحتى صانع قرار، ظل عاملاً حاسماً في أي خطوة تخطوها، ما خلق أخيراً ذلك"الجو المكهرب"بينهما. وأمام ذلك، لم تؤكد الدكتورة وفاء طلبة في حديث إلى"الحياة"، تعرضها مع زميلتها نهاد سنبل للضغوط، ربما أملاً في الحفاظ على"السلام"، لكنها في الوقت نفسه لم تنف ذلك واكتفت بالقول:"لم أقل شخصياً أنني تعرضت لضغوط، وللآخرين الحرية في أن يقولوا ما يشاءون غير أنني أؤكد لكم أن لدي أسباباً شخصية تمنعني من ذلك". وتضيف الدكتورة وفاء هذه المرة:"الوقت لم يحن بعد، وهذا الأمر الذي عُمل بنجاح في مناطق مختلفة من السعودية، وجدة آخرها أخذ بصعوبة على المدينةالمنورة، وأنا غير مستعدة للمجازفة من أجل فكرة لم تنضج بعد أرضيتها". وتتحدث"بحسرة"حول رؤية البعض لفكرة تقدمها للانتخاب، قائلة:"يشهد الله أن القصد لم يكن"برستيجاً"أو قضية علاقات عامة، فنحن في النهاية سواء أنا أم الدكتورة سنبل طبيبتان وسيدتا أعمال، ونملك مشافي، وليست بقالات مع الاحترام للجميع". وعادت لتقول:"أكثر ما يؤلمني هو أن تتصل عليها إحدى الفتيات ممن يمتلكن أفكاراً ورؤى ولا يملكن مالاً ولا نفوذاً لتجد نفسها عاجزة عن خدمتهن أو تقديم المساعدة والعون إليهن". وتأمل وفاء طلبة في أن ما لديها من أفكار وخطوات مشاريع سيأتي دوره بعد حين على يد مجموعة أخرى من سيدات الأعمال، معتبرة نفسها خارج هذا السياق"الأمل معقود بعد أربع سنوات على من هو أفضل منا علماً وعملاً، لتقديم الخدمة لفتيات المدينة، أما بالنسبة إليّ شخصياً فمهمتي انتهت تماماً، ولن أعود للانتخاب مرة ثانية"، مرددة الآية الكريمة: وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، أستطيع أن أؤكد لكم أنني خرجت بملء إرادتي بعد أن عرفت أن التجربة تحتاج إلى نضج وأرضية تتقبل هكذا أفكار". من جانبه، اعتبر رئيس المجموعة الذهبية محمد متروك المنصور، والتي تنتمي إليها السيدتان المنسحبتان أن المجتمع دائماً ما يهاجم الشكل الجديد والفكرة الجديدة، متوقعاً تقبُّل مثل هذه الأفكار خلال الأعوام المقبلة، مؤكداً أنها مسألة وقت، وقال:"نحن لا يرضينا أي هجوم على مجتمعنا بما يخل بثوابته الدينية أو قيمه الأصيلة، فهو في النهاية مجتمعنا ولا بد من أن نحافظ عليه ونرقى به في آن معاً". وأضاف:"إن فكرة وجود السيدتين في قائمة المرشحين كانت ستعود بالفائدة لقطاع كبير من فتيات المدينة كانت تحمل لهما السيدتان الكثير من الأفكار والمشاريع". كما أبدى المنصور استعداده ل"الحياة"بمناظرة أي فريق انتخابي بهدف محاولة جعل الناخب ينتخب الأفضل رؤية لا الأكثر نفوذاً.