لم يكن يجول في خاطر المواطن محمد الودعاني، وهو الذي كان يعيش حياة عادية لا تشوبها أي مشكلات، أن إكماله نصف دينه سيغرقه في بحر الديون، بدل أن يغرقه في بحر الحب. وبدأ الودعاني دخول أول أبواب الدَّين عندما كلَّف نفسه فوق طاقتها واقترض من أحد البنوك مبلغاً مالياً كان يعتقد أنه سيسد جميع حاجاته لتبدأ حياته السعيدة، على أن يسدد أقساط سعادته من راتبه الشهري الذي يبلغ نحو خمسة آلاف ريال. واظب محمد أشهراً عدة على الالتزام في سداد دينه، إلا أن متطلبات الحياة الجديدة أجبرته على اللجوء من جديد إلى الاقتراض، واختار هذه المرة شراء سيارة بالتقسيط ثم بيعها، على أن يسدد بثمنها أقساط الشركة والبنك، ليستفيد من كامل مرتبه ولو لفترة بسيطة، وحينها قرر الدخول إلى عالم الأسهم، إذ خصص جزءاً من قيمة السيارة لشراء بعض الأسهم المحلية، إلا أن سعادته لم تستمر لفترة طويلة، إذ نفد منه المبلغ، وأصبح مرتبه موزعاً بين قرضي البنك والشركة. وبعد بضعة أشهر من المعاناة وشد الأحزمة، استدل الودعاني على مخرج كان له الفضل في رفع ديونه إلى أكثر من نصف مليون ريال، وهي إحدى شركات"الصابون"التي تبيع الراغبين في القروض بضاعة قيمتها عشرة آلاف ريال، على أن تسدد بأقساط شهرية يبلغ القسط الواحد ألف ريال، ولمدة 15 شهراً، ما يعني نسبة فوائد متراكمة تعادل نصف قيمة القرض. الودعاني بعد أكثر من خمسة قروض من شركة الصابون، أصبحت ديونها خانقة وغير مجدية، لجأ مرة أخرى إلى شراء سيارة كانت الأخيرة في مشوار ديونه، التي أصبح الآن يسدد قسطاً ويعجز عن الآخر، وزاد عدد الجهات التي تطالبه على ست جهات، إضافة إلى شركة الاتصالات السعودية التي فصلت خدماتها عنه لعجزه عن سداد فواتيره. ومع دوامة الديون التي غامر الودعاني في دخولها، إلا أنه ما زال يعيش في بيت مستأجر، ولا يحصل من راتبه بعد شق الأنفس على ألف ريال، وأصبح برفقة زوجته وأطفاله يخشون صوت جرس الباب.