أكد رئيس المجلس الوطني للعلاقات الأميركية - العربية جون ديوك أنثوني الذي شغل منصب مستشار وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين على مدار سنوات طويلة، أن التلون الذي اتسمت به الطريقة التي اتبعها الغرب في حربه على الإرهاب أدى إلى زيادة العنف والإرهاب ضد الغرب خصوصاً الولاياتالمتحدة الأميركية. ويقول أنثوني خلال مشاركته في إصدار عالمي بعنوان"السعوديون والإرهاب ... رؤى عالمية":"إن الأضرار التي أصابت الناس من جراء الإرهاب أو مقاومة الإرهاب والتي لم يلتفت إليها المدافعون عن الحرب ضد الإرهاب، تشير إلى أن الأشكال المختلفة من التعالي والغطرسة والغرور الغربي ولا سيما الأميركي هي أحد الأسباب التي تعرقل أي جهود لمكافحة خطر الإرهاب وتجعل من الصعب إقناع العالم بالتعامل مع الجذور السياسية والأسباب المرتبطة بالإرهاب في جوّ من الشفافية". ويشير أنثوني إلى أن فشل الحرب ضد الإرهاب أو فشل محاولات إقناع العالم بمبرراتها وضخامة تكاليفها وما يترتب عليها من تداعيات، دفع بقادة هذه الحرب إلى ممارسة نوع من التضليل لأتباعهم الغربيين، فضلاً عن الأطراف الأخرى، إلا أن هذه المحاولات التضليلية لا يمكن أن تستمر طويلاً، وهو ما شعر به الملايين من المواطنين الأميركيين أيام الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، فلم تفلح خطب الرئيس بوش"الابن"والمسؤولين الأميركيين في إدارته، في أن تقنع ما يقرب من نصف الشعب الأميركي بموجبات الحرب على العراق في ظل عدم وجود أي أدلة تدعم القول إن صدام حسين كان وراء اعتداءات الحادي عشر من أيلول سبتمبر الإرهابية أو إن العراق يرتبط بعلاقة وثيقة بتنظيم القاعدة. وحذر رئيس المجلس الوطني للعلاقات العربية - الأميركية من العواقب الوخيمة للحرب الأميركية ضد الإرهاب إذا ما استمرت تسير في الطريق ذاته الذي بدأته والذي أضرّ ضرراً بالغاً بالعلاقات العربية مع الغرب، وضاعف من تكاليف هذه الحرب على رغم فشلها في تحقيق غاياتها في التقليل من حدة الإرهاب. وأضاف أنثوني في رؤيته في هذا الإصدار الذي يشارك فيه 27 سياسياً ومفكراً وباحثاً من جميع أنحاء العالم أن رصد ضحايا الحرب ضد الإرهاب يؤكد مدى الخسارة التي تسببت فيها هذه الحرب غير الإنسانية بأسرها، مؤكداً أن الضحايا ليسوا فقط أولئك الذين قتلوا أو جُرحوا بنيران الأسلحة والقنابل، بل أيضاً البنية الأساسية للقطاعات الاقتصادية والسياحية والصناعية، وحتى الأنشطة الثقافية والخدمية وخطط الاستثمار المشترك بين الدول والأفراد. ويختتم أنثوني أطروحته بالتأكيد أن هذه المفارقات تؤكد أن القول إن سياسات الغرب لمقاومة الإرهاب كانت مكلفة من ناحية التعاطف والكرامة، والإشارة إلى الحياة من دون اعتبار للجنسية أو الديانة أو العرق أو مكانة الشخص في المجتمع هما تهميش للواقع، ومجافاة للحقيقة. وبغض النظر عن المبررات التي سيقت للدفاع عن تلك السياسات من قبل القادة العسكريين الغربيين في الميدان، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن تلك السياسات منذ البداية لم تجد أدنى قبول من شعوب الدول التي اكتوت بنار الحرب ضد الإرهاب والذين يرونها خالية من الرحمة والشفقة، وينظرون إليها بقليل من الاحترام إذ إنهم وقبل كل شيء مثلهم مثل جميع البشر لا ينشدون أكثر من أن يكونوا أحراراً في أوطانهم، ولا سيما في ظل قناعة شعوب الشرق بسعي الغرب المتواصل ونهمه من أجل تأمين إمكان الوصول الدائم إلى مصادر الطاقة في بلادهم، تؤكد ذلك التقارير الكثيرة التي تفيد بأن وزارة الدفاع الأميركية عازمة على البقاء في العراق لمدة لا تقل عن عشر سنوات، واستخدام القواعد العسكرية التي تقوم بإنشائها هناك مركز انطلاق وطوارئ لأي تدخلات أميركية تستهدف أماكن أخرى.