"من عاش بالحيلة مات بالفقر"، قد لا تنطبق هذه المقولة على بعض الرجال الذين دفعوا نساءهم إلى اقتحام عالم الأسهم والتداول وسوق المال. ولم يكن دافع الأزواج إلى هذه الخطوة المال ولا حتى فتح آفاق جديدة للزوجات، بل لإخراجهن من عالم"الثرثرة وجلسات شاي الصباح والنميمة"، على حد قول علي السعيد الذي اتخذ هذه الخطوة. وإذا كانت نساء يهوين المغامرة والمنافسة، بدلاً من إضاعة أوقاتهن في جلسات نسائية، تسودها الثرثرة عن أزواجهن، مع أكواب الشاي وتناول"الفصفص"، ويكملنها في البيوت بقائمة مطالب ملحة على الزوج ان يوفرها، فإن هناك سيدات دخلن عالم التجارة، من بوابة سوق الأسهم، واستطعن ان يحققن نجاحات كبيرة. وهذا ما دفع أزواج إلى ابتكار"حيلة"شراء أسهم لزوجاتهم، ووضعها في محفظة خاصة لها، على أن تقوم الزوجة بمتابعة أسهمها من داخل المنزل عبر التلفاز أو الإنترنت، أو تبادل الحديث مع صديقاتها، عن طريق الهاتف، وأحياناً مع موظفات المصارف المتخصصات في الأسهم. وازداد، بدرجة كبيرة في الأيام الأخيرة، عدد المساهمات من الطبقة المتوسطة والضعيفة، بعد ان سمعن عما تجنيه زميلاتهن وصديقاتهن من أرباح،"كفيلة بأن تجعلهن من أصحاب الألوف"، ساهمت في تحسين ظروفهن المعيشية إلى الأفضل. ووصف عبد اللطيف العبود دخول زوجته عالم شراء وبيع الأسهم ب"أنه إيجابي". يقول:"متابعتها السوق أشغلت وقتها بما يفيد، بدلاً من المشكلات اليومية مع الأبناء، والثرثرة مع زميلاتها عن أزواجهن في مجالسهن. كما باتت تغض الطرف عن تأخري ساعات النهار والمساء عن المنزل، حيث أصبح شغلها الشاغل عندما تراني ماذا اشتريت وكم ربحت، ساردة بعد ذلك تفاصيل يومها، مع أرباحها وخسارتها في سوق الأسهم". ويضيف العبود"بعضهن أصبحن أفضل من الرجال في استشعار وضع السوق، وتوقع الارتفاع والانخفاض، وحساب الربح والخسارة". حتى ان العبود يقر أمام أصدقائه أنه بات يستشير زوجته في البيع والشراء"عادة ما تكون توقعاتها صائبة". وبعد شهر كامل من دخول زوجة عبدالله المبارك عالم الأسهم،"طرأت تغيرات كبيرة على شخصيتها"، على حد قوله. ويضيف"استعادت ثقتها في نفسها، بعد رفض قبولها في الجامعة، كما أصبحت تتكلم بثقة، وتملك استقلالية، وأنا أشجعها على ذلك، فأنا أريد امرأة قوية الشخصية". ليس ذلك فحسب، بل ان زوجة المبارك باتت تدرك القيمة الحقيقة للمال،"فعلاً هي الأنسب لتولي مسؤولية ميزانية منزلنا، فبعد ان ساهمت بمبلغ 50 ألف ريال ربحت 130 ألف ريال خلال شهر واحد". الأغرب ان زوجة المبارك نست متابعة آخر صيحات الموضة وبيت الأزياء الفرنسية والأمريكية، لتطغى على حديثها آراء المحللين الاقتصاديين ومواعيد الاكتتاب وتجزئة أسهم الشركات، وحجم الأرباح ربع السنوية للشركات التي اشترت أسهمها. ولم يخف عبدالله الجمعة اندهاشه عندما حدثته زوجته عن سوق الأسهم"وكأنها تعلم في بواطن الأمور، مع أنها لا تقرأ ولا تكتب". ويقول:"الأغرب أنها لا تملك أسهماً في السوق، فقط كانت تسمع من صديقاتها". فاضطر الجمعة إلى شراء أسهم بمبلغ عشرة آلاف ريال. ويضيف"تصور أنها تريد ان تربح يومياً ثلاثة آلاف ريال أسوة بصديقاتها؟!". ولجأت نساء إلى بيع مجوهراتهن أو الاقتراض من أجل دخول عالم الأسهم ما أثقل على بعضهن بعد خسارتهن بسبب الهبوط الحاد قبل أسبوعين فاضطر الأزواج إلى سداد الديون. وترى المساهمة علياء"أن على المرأة ألا تجازف في عالم المال". وفي الوقت نفسه تحذر من"المجازفات غير المأمونة، التي تتسبب في خسائر فادحة، يصعب تعويضها بسهولة". لذا تنصح ب"امتلاك خبرة ودراية في حركة الشركات ومشاريعها واجتماعات الجمعية العمومية والأرباح النصفية والسنوية". وعلى رغم أن تداول الأسهم يبدأ العاشرة صباحاً، إلا أن تكدس النساء في فروع المصارف يبدأ من الساعة التاسعة، في محاولة لبيع أسهمن، ما شكل ضغطاً على الموظفات. وتقوم موظفات في فرع لأحد المصارف بإجراء نحو 60 عملية بيع في الفترة الصباحية. كما كشف إقبال السيدات على تداول الأسهم براعة كبيرة لبعضهن في اختيار أسهم الشركات التي يتوقع لها الارتفاع، وكذلك توقيت البيع، فهناك سيدات يبعن في الوقت المناسب قبل تدني سعر السهم. فلا تنفك عينا ريما عن متابعة شاشة التداول طوال ساعات عمل السوق، منذ ان تعرفت إلى الأسهم قبل نحو عام:"إنه أمر ممتع ومفيد، وأوجد لدي اهتماماً آخر". وإضافة إلى متابعة الشاشة فإن ريما تعتمد على أقاربها وصديقات أخريات تتبادل معهن الخبرات والتوقعات".