كان لمشروع"ذوي الإعاقة يقودون التغيير"الذي ينتصر لفئة تكاد تكون مهمشة في فلسطين، وربما في العديد مما يعرف بدول العالم الثالث، وجاء بمبادرة من مركز إبداع المعلم في فلسطين، الأثر الإيجابي الكبير على شخصيات المستفيدين منه. ويهدف المشروع، بحسب ما أكدت هلا سراج، مديرة برنامج التربية المدنية في مركز إبداع المعلم"إلى دمج الأفراد ذوي الإعاقة، وخصوصاً الشباب منهم في المجتمع الفلسطيني، من خلال مجموعة مكثفة من التدريبات التي تهدف إلى تمكينهم في تحقيق هذا الدمج". وتأتي هذه المبادرة خطوة إضافية ضمن المواطنة، وهو جزء من نشاط عام يهدف إلى إعداد جيل من الشباب، ممن لديهم إعاقات ومن الأصحاء، قادر على فهم حاجات ذوي الإعاقة في فلسطين. كذلك يهدف إلى إشراك الشباب في وضع حلول لمشاكل يواجهها ذوو الحاجات الخاصة لا سيما أن العديد من البنود المتعلقة بهم في القوانين، مثل نسبة شغلهم للوظائف في المؤسسات العامة والأهلية والخاصة، وتأهيل المباني لتسهيل حركتهم، وغيرها لم تأخذ حيزها الحقيقي على الأرض. وتقول سراج:"مشروع ذوي الإعاقة يقودون التغيير يهدف، إضافة إلى ما سبق، إلى العمل على تغيير بعض السلوكيات المجتمعية تجاه ذوي الإعاقة والتي تتسبب للعديد منهم بأزمات نفسية قد تكون عميقة في بعض الحالات". ويمتد المشروع على ثلاث سنوات، وهو مدعوم من الاتحاد الأوروبي، ويتم العمل عليه بالشراكة التامة مع الاتحاد العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، ووزارتي التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية الفلسطينية، إضافة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أونروا. وعن البدايات تقول سراج:"كانت نقطة الانطلاق اختيار مجموعة من الشباب ذوي الإعاقة كمدربين ومتدربين للإطلاع بالأساس على القوانين الفلسطينية المتعلقة بهم، تلتها تدريبات تمكينية. عملنا مع مجموعات شبابية من ذوي الإعاقة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تحول المتدربون إلى مدربين، قبل أن نتوج المرحلة الأولى من المشروع بمؤتمر مع شركاء عدة خرج بتوصيات التي هي الآن أمام الوزارات المختصة". وفيما تواجه فئة ذوي الحاجات الخاصة عموماً مشاكل عدة، فإن معاناة الأنثى مضاعفة، خصوصاً ما يتعلق بالنظرة المجتمعية، لكن مع ذلك سجلت قصص نجاح كثيرة من بينها تمكن طالبات من ذوات الإعاقة وغير ذوات الإعاقة، من صناعة مصعد لهن في إحدى مدارس محافظة طولكرم في شمال الضفة الغربية. وتقول الناشطة في مجال رعاية ذوي الإعاقة الشابة ماسة ريشة التي عملت منسقة للمشروع في محافظات شمال الضفة الغربية:"أنا الآن أعمل في تدريس اللغة الإنكليزية، وكان لهذا البرنامج دور كبير في صقل شخصيتي، وتعزيز ثقتي بنفسي، ودفعي للمطالبة بحقوقي، فلا يعني كوني من ذوي الإعاقة، أن أتقوقع على أنفسي، ولا أخدم مجتمعي، أو ألا أحقق ذاتي. عملي منسقة للمشروع كان أول وظيفة مدفوعة الأجر بالنسبة إلى، وكان فاتحة الطريق". وعن تجربتها في المشروع، تتحدث ريشة:"الكثير ممن استهدفهم المشروع كانوا يرفضون حتى الخروج من المنزل، والآن هم يقودون مبادرات فاعلة. عملنا على تدريب عشرين شخصاً ما بين شاب وفتاة من كل محافظة في أكثر من اتجاه، منها مهارات الاتصال والتواصل، والقيادة، وإدارة ورش العمل، لتحولوا مع الوقت إلى مدربين، بمعنى بات ذوو الإعاقة يقدمون تدريبات لذوي الإعاقة". وتقول ريشة:"أهم ما في المشروع أن المشاركين فيه خرجوا من عزلتهم النفسية والجغرافية إلى غير رجعة". واستجابة لهذه الجهود وغيرها كجهود جمعية"نجوم الأمل"، كشف محمد جعفر المستشار القانوني لوزارة النقل والمواصلات الفلسطينية ورئيس اللجنة الداخلية المنبثقة من اللجنة الوطنية لحقوق المعاقين أن الوزارة تعمل جاهدة لمواءمة خدماتها لحاجات ذوي الحاجات الخاصة. وقال جعفر إن الطلب الذي تقدمت به جمعية"نجوم الأمل"بخصوص وضع شواحط معدنية في المركبات العامة قوبل بتجاوب من الوزير نبيل الضميدي"الذي أصدر تعليماته فوراً للجهات المختصة بسرعة دراسة مطلب الجمعية". إلا أن الوزارة و"لأسباب فنية"لم تستطع تلبية هذا الطلب، وتعمل حالياً على إيجاد الحلول البديلة في المركبات العمومية المرخصة لخدمة ذوي الحاجات الخاصة. وأشار إلى توجه الوزارة نحو إطلاق حملات توعوية ومساقات تعليمية لإرشاد المواطنين إلى كيفية التعامل مع ذوي الحاجات الخاصة، إضافة إلى تنفيذ نصوص قانون الخدمة المدنية الفلسطيني المتعلق بحق تعيين 5 في المئة من ذوي الحاجات الخاصة في المؤسسات الحكومية، وحجز هذه النسبة من الاعتماد المالي للتعيينات الجديدة لمصلحتهم، كذلك سعي الوزارة إلى تضمين حقوق ذوي الحاجات الخاصة في قانون المرور الجديد.