كان الضجيج في القاعة الكبيرة التي تجرى فيها منافسات"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية 2012"، ناجماً عن كثرة النقاشات والمحادثات الجانبية بين 95 فريقاً شاركت في هذا الأولمبياد. في المقابل، عملت بصمت أربع فرق تابعة ل"جمعية"أصداء"للارتقاء بالصُمّ وضعاف البصر"المصرية، مكتفية بلغة الإشارة للتواصل وسط نظرات دهشة وإعجاب من الحاضرين. في ظلال الصمت من مقاعد المشاهدين كان المدرب سامي سعيد مؤسس الجمعية يراقب طلابه بفخر وسعادة. وفي تصريح إلى"الحياة"، قال:"أنا سعيد لأنهم بدأوا يتفاعلون ويتواصلون بالإشارة. ولأني أقرأ إشاراتهم، استنتجت أنهم يتناقشون في ما بينهم ليصلوا إلى الحلول لإنجاز المطلوب منهم، ورأيت رد فعل أحدهم عندما قال لرفيقه أنه سيغير برمجة الروبوت لينجز العمل". ولأن من يعمل بصمت ينجز أكثر، توصل أحد فرق الصمّ المشاركة إلى تحقيق المركز الثالث في إحدى فئات المسابقة العادية، ليتأهل للمشاركة في"أولمبياد الروبوت العالمي"World Robot Olympiad واختصاراً"دبليو آر أو"WRO التي تستضيفها كوالالمبورماليزيا في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ويعتبر المدرب سعيد أن هذا الفوز ليس الأول بل يأتي ضمن سلسلة نجاحات حققها أطفال جمعية"أصداء"منذ عام 2008، ورفعوا اسم بلادهم عالياً في المسابقات الدولية الخاصة بالروبوت. وأضاف:"المشكلة التي نصادفها دائماً تتمثّل في التواصل. لا مشكلة في الإدراك والوعي والذكاء، خصوصاً أن الأطفال يتمتعون بذكاء بصري عال يعود إلى لغة الإشارة التي يتواصلون بها. نحن نريد أن نؤكد أن لدى أبنائنا الصُمّ قدرات مهمة. وغيّرنا فعلياً النظرة إلى الصمّ من الشفقة إلى الاحترام لقدرات هؤلاء الناس. فاز أبناؤنا في بطولات عدة في مسابقات"فيرست ليغو ليغ"و"أولمبياد الروبوت للدول العربية وحققوا فوزاً بارزاً في عام 2010 عندما مثلوا مصر في"أولبياد الروبوت العالمي"في أميركا. وحينها، نالوا كأس أفضل تدريب وإشراف، وكأس أحسن مشروع روبوت". وفي مسابقة الفئة المفتوحة، صمّمت الفتيات ريهام 12 سنة وشهد 8 سنوات وميّ 13 سنة، رجلاً آلياً يتواصل مع الناس. وتحدّثوا إلى"الحياة"عن فكرته القائمة على الاحتضان. وقلن:"صمّمنا الروبوت الذي يحضن، انطلاقاً من فكرة الأعضاء الداخلية للإنسان التي تحتضن بعضها بعضاً". وتنافس 278 طالباً من مدارس في قطروالإماراتوالبحرين وسلطنة عمان ولبنان ومصر والجزائر، ضمن"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية 2012"في دورته الثانية، التي استضافتها أكاديمية"آسباير"الرياضية في دولة قطر أخيراً. وتذكيراً، استضافت إمارة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الدورة الأولى لهذه المسابقة العام الماضي. وغابت عن دورة الدوحة، المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية، على رغم أنهما تضمّان فرقاً بارزة في الروبوت. وتولت تنظيم الأولمبياد"كلية شمال الأطلنطي"في قطر وشركة"ميرسك قطر للبترول". وتنافس الطلاب للفوز في هذا الأولمبياد الذي أجري تحت شعار"الروبوتات تجمع الناس". وشارك في"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية لعام 2012"، 99 فريقاً، بينها 56 فريقاً في المسابقة العادية، والباقي في المسابقة المفتوحة. وشارك من قطر قرابة 65 فريقاً، بعد أن اقتصرت مشاركتها في الدورة الأولى من هذا الأولمبياد العام الماضي، على ثلاث فرق. وتنافس الطلاب من مختلف الأعمار في الفئة العادية، على تجميع وبرمجة"روبوت ليغو مايندستورم"LEGO Mindstorm robot، في مجال إيجاد حلول لمجموعة من المسائل التي وُضِعَت على طاولة اللعب. وفي الفئة المفتوحة، جرى التنافس على تركيب أشكال من الرجال الآليين صمّمها الطلاب المشاركون وطوّروها بأنفسهم باستخدام حزمة تقنية حملت اسم"مايندستورم". فازت في"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية 2012"9 فرق عن الفئة المفتوحة، و9 عن الفئة العادية. وحقّقت قطر 10 مراكز فائزة 4 برونزيات، 5 فضيات، وذهبية واحدة، بينما نالت الإمارات ميداليتين ذهبيتين وفضية، وفازت البحرين ومصر بميداليتين أحداهما ذهبية والأخرى برونزية لكل منهما، ونالت سلطنة عمان ذهبية وحيدة. حضور الطفولة كان الطفل المصري أحمد خالد خمس سنوات يتنقل بنشاط وحيوية في المكان، وبثقة لافتة تحدث إلى الإعلام عن المشروع الذي شارك فيه ضمن فريق"النادي العلمي في قطر"عن الفئة المفتوحة من المسابقة، وهو مشروع لمساعدة المكفوفين في التنقّل. وشارك فريق"مدرسة الإبداع"البحرين في المسابقة المفتوحة بمشروع هدفه التعريف بالتراث الخليجي. وأوضح عبد الرحمن نايف 11 سنة أن المشروع يتضمن عادات لأهالي الخليج مثل"القرنقعوه"و"العرضة"وغيرهما. وصمّم الفريق روبوتات، وألبسها ثياباً خليجية. وأضافت زميلته أمينة دعيج 12 سنة التي عملت على البرمجة، بأن المشروع يتكلم عن تراث الخليج ككل، بهدف أن يصل من يستمع إلى هذه الآلات، إلى احترام تقاليد أهالي الخليج وعاداتهم. ولفتت إلى أن تصميم الرجل الآلي وبرمجته"ليست عملية صعبة، لكنها تحتاج إلى تدريب". وصنعت الفتاتان تُقى الشيذاني 13 سنة وأشواق السيابي 14 سنة من سلطنة عُمان، رجلاً آلياً مبتكراً أطلقتا عليه اسم"إسعاف". وشاركتا به في المسابقة المفتوحة أيضاً. وشرحت تقى أن"فكرة الروبوت جاءت بمساعدة جدّتنا المعوّقة التي لا تستطيع الحركة. وصمّمنا هذا الروبوت كي يتحرك بواسطة جهاز للتحكّم عن بُعد، ليخدم الجدة عندما تكون وحدها. وزوّدناه برافعات تحمل كل منها شيئاً ربما تحتاجه الجدة ككوب الماء والدواء". وأكّدت أشواق أن استعمال هذا الرجل الآلي سهل بالنسبة لكبار السن. وفي المسابقة العادية، شارك الفريق اللبناني الذي ضمّ حسين الإبراهيم 12 سنة، وموسى وزنة ومحمد ناصر الدين، عبر صنع روبوت يحمل على ظهره خزاناً مليئاً بالكُرات ثم يوزّعها على حفر مختلفة الألوان. وشرح حسين أن الروبوت ينفذ الأوامر وفق البرمجة التي صنعها له الفريق، بطريقة تتماشى مع شروط المسابقة وقواعدها. بينما اعتبر زميله موسى أن هذا الرجل الآلي يفيد الناس عموماً، خصوصاً العجزة. وعلى غراره، عمل الفريق المصري المكون من أحمد طارق ويوسف محمد جابر، على الفكرة نفسها، وهي صنع روبوت من شأنه أن يساعد الإنسان في تنقّلاته. الاهتمام بالتكنولوجيا في تعليقه على الحدث، أشاد الشيخ فيصل آل ثاني نائب المدير العام لشركة"ميرسك للبترول- قطر"، بانعقاد مباريات هذه المنافسة، لافتاً إلى أن الهدف من استضافة فعاليات"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية"في قطر، هو تشجيع الشباب على الاهتمام بتكنولوجيا المعلوماتية والهندسة الإلكترونية. وجاء تنظيم"أولمبياد الروبوت العالمي للدول العربية"، بعد وقت قصير من"أولمبياد قطر الوطني للروبوت 2012". وشارك في الأولمبياد الوطني طلاب مدارس قطر، الذين تنافسوا وفق الفئات العمرية للمراحل الدراسية من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، في الفئات العادية والمفتوحة. وشارك في أولمبياد قطر 112 فريقاً ضمّت صفوفها 311 طالباً و82 مدرباً. وتأهّلت تسع فرق لتمثيل قطر في منافسات"الأولمبياد العالمي للإنسان الآلي"الذي يحلّ ضيفاً على كوالالمبور قريباً.