الخوف الذي كان مُسيطراً على الزميلات الثلاث شهد وسجى وسلوى بدّدَهُ النجاح، إذ استطعن تحقيق نتائج مؤثُرة في «أولمبياد الروبوت الوطني 2013» التي نُظّمت في الدوحة أخيراً. وبحسب مشرف على المباراة، فكّرت الفتيات الثلاث لوهلة بالانسحاب، لكن بريق التحدي التمع أمامهن ودفعهن لمواصلة المشوار حتى النهاية. إنّها المرّة الأولى التي تعمل فيها سجى رأفت (10 سنوات) على تصنيع روبوت، تحديداً إنجاز عملية البرمجة وتركيب الرافعة. لكنها استطاعت إنجاز مهمتها على أكمل وجه. «الروبوت يجعلني أخترع وأُبرمج مهمات مُعقّدة طُلِبَت منا خلال المسابقة»، تقول هذه الصغيرة. وتتمنى زميلتها شهد رشاد (10 سنوات) لو أنها تشارك باستمرار في دورات لتعلّم تصنيع الروبوت. ففي أسبوعين، تعلّمت الأسس والمبادئ الأوليّة التي مكّنت فريقها من صنع رجل آلي يستطيع السير وإنزال مُكعّبات بألوان مُحدّدة، بعد أن يجتاز عدداً من الحواجز. وتوّلت سلوى محمد صناعة المنطقة الأساسية في الروبوت، لأن هذا الأمر استهواها على رغم حداثة عهدها بهذه الأمور. ووصل فريق «روبو غيرل» إلى المركز الثالث في نهائيات المسابقة عن فئة المدارس الإبتدائية. «غو روبوت» لم يكن فريق الفتيات سوى واحد بين عشرات من الفِرَق ضمّت قرابة 500 طالِب من مدارس دولة قطر المختلفة التي شاركت في «أولمبياد قطر الوطني للروبوت 2013». ونَظّم هذا الأولمبياد «مركز المَعارِض» في الدوحة، ضمن برنامج «غو روبوت» GO ROBOT بهدف تعزيز اهتمام الطلاب بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة. وواجه طُلاب من مختلف المراحل العُمريّة تحديّات تمثّلت في تصميم روبوت عبر تجميعه وبرمجته من حقيبة «ليغو مايندستورم»LEGO Mindstorms robot وتأهيله لإنجاز مجموعة من المهمات على طاولة اللعب. وسعى هؤلاء الطلاب للفوز بفرصة تمثيل قطر في نهائيات «أولمبياد الروبوت العالمي» في جاكرتا في أندونيسيا. وأعرب طلاب قابلتهم «الحياة» خلال المسابقة، عن رغبتهم في مواصلة التدريب في مجال الروبوت. ويعبّر أحمد علي (13 سنة) عن ذلك بالقول: «لو كانت ساعات التدريب المخصّصة لنا أكثر، لكُنّا أكثر تطوراً في عملنا». ويؤكد أنه «بالتدريب والجهد كان انجاز الروبوت أمراً سهلاً. كانت مهمتي تركيب الجسر وهيكل الروبوت، وأُحِب أن أكمل في هذا المجال». ويوضح زميله عمر أحمد علي (13 سنة) أن فترة التدريب لم تَتَعدَ 3 أسابيع. «استطعنا العمل على موضوع المسابقة، وهو تصميم روبوت يحمل المربعات ويضعها في أماكنها، وِفقَ مهمات مُحدّدة». ويوافقهما أحمد عواد (14 سنة) الرأي، إذ استطاع بفضل التدريب برمجة الروبوت وتركيب الشرائح الإلكترونيّة بطريقة تمكّن هذه الآلة من إنجاز مهمات معيّنة. «لم يسبق لي العمل بالبرمجة من قَبل، ومع ذلك استطعت مع فريقي الوصول إلى نتيجة جيدة، وتأهلنا إلى المراحل النهائية»، معتبراً أن «الحلم بدأ يتحقّق». الإرشاد السياحيّ مؤتمتاً تنافست الفرق في الفئة المفتوحة عبر أشكال متنوّعة من الرجال الآليين تتولى الترويج لأحد المواقع الأثريّة وحمايته. واختارت فِرَق عدّة الترويج لمواقع في قطر وخارجها كأهرامات مصر، وقلعة بعلبك في لبنان، وقلعة الزِبارة في قطر وغيرها. وتولّت سكينة رشيد وكوثر بركات وزميلاتهما إنجاز مشروع روبوت يقوم بدور مُرشِد سياحي في متحفٍ للفن الإسلامي ينهض بمهمة تعريف الزُوّار بمقتنيات المتحف. يتوقّف الروبوت أمام كل قطعة فنيّة، وينطق اسمها باللغتين العربيّة والإنكليزيّة، ويعرّف الزوار بها. وعَبّرَت الزميلات جميعهن عن رغبتِهنّ في مواصلة تدريبِهن لتعلّم تجميع الروبوت. واستغرق العمل في المشروع كما تقول الطالبة جويرية (13 سنة) شهرين، في تجربة أولى لهن استطاعت لفت أنظار زُوّار المُسابَقَة. وصمّم عمر خالد الويل مع فريق من زملائه، مُجسّماً متقن الصنع لقلعة الزبارة التي تعتَبر من المعالم القطرية الأثرية البارزة. «لا تعرف الموقع معظم الجاليات في قطر. لذا قرّرنا أن نعمل روبوتاً يعمل مُرشِداً سياحيّاً لزوار القلعة، فيسير مع الزائر ويعرّفه بالمكان. كما يعطي إنذاراً في حال حدوث الزلازل كي يتوجه الناس للمخارج المُناسِبَة». ويوضح خالد أن العمل على المشروع «استغرق شهرين تقريباً، فأنا أملك خِبرَة سابقة في الروبوت وبرمجته». وفي إحدى زوايا «مركز المعارض»، كانت الموسيقى ترتفع ويتجمع الزوار في المكان لمشاهدة مشروع خالد أمين الزوقري (16 سنة) وزملائه، إذ اختاروا الترويج لرقصة «العرضة» الشهيرة في الخليج. «المشروع يتطلب حماية وترويجاً لقطر، فقررنا الترويج لتراث في دولتنا لا تعرفه الناس. بنينا قلعة الزبارة وربطنا الروبوت بها، وصمّمنا رجلين آليين وبرمجناهما ليقوما برقصة العرضة»! ويوضح زميلة يزيد اليافعي (17 سنة) ان العمل استغرق شهراً ونصف الشهر، بما في ذلك صناعة القلعة. ويشير الى «ان هناك صعوبة في العمل، لكن الضغط يولد الإبداع، وقد عبر الزوار عن اعجابهم بمشروعنا». لا بد من جاكرتا اختيرت عشر فرق لتمثيل قطر في «الأولمبياد العالمي للروبوت» في جاكرتا. وفاز بالمركز الأول عن الفئة المفتوحة «فريق مستقل - فالكونز» عن المرحلة الابتدائية، وفريق: «اي سي أس دوحة انترناشيونال سكول» عن المرحلة الإعدادية، وفريق «مدرسة طارق بن زياد المستقلة الثانوية للبنين» عن المرحلة الثانوية. كما فاز بالمركز الأول عن الفئة العادية «فريق «فانتاستيك بوت انفستورز» عن المرحلة الابتدائية، وفريق «دي بي أس مودرن انديان سكول» عن المرحلة الإعدادية، وفريق «مدسة الدوحة الهندية الحديثة» عن المرحلة الثانوية. وكانت هناك فرق فائزة بالمراكز الثانية والثالثة عن كل فئة. يذكر أن برنامج «غو روبوت» هو مسابقة المدارس للروبوت التي تنظم للعام الثاني. وشارك فيها ما يزيد على 1500 طالب لغاية هذا العام. وفي هذا العام، نالت المسابقة دعماً من شركتي «ميرسك قطر للبترول» و «قطر للبترول»، وكليّة شمال الأطلنطي، مع رعاية من «المجلس الأعلى للتعليم». وتهدف المسابقة إلى توجيه الطلاب للاهتمام بالعلوم وتنمية مهاراتهم في تطبيقات التكنولوجيا والهندسة والرياضيات من طريق انخراطهم في مشاريع هندسية تحفز قدراتهم. وعلى هامش الاولمبياد القطري، ألقى الشيخ فيصل آل ثاني نائب المدير العام في شركة «ميرسك قطر للبترول»، كلمة خلال توزيع الجوائز على الفرق الفائزة في المسابقة. وأعرب عن سروره بالنجاح الذي حقّقه الأولمبياد. وقال: «اجتاز الطلبة خلال هذه التجربة تحديات صعبة استطاعوا من خلالها اكتساب مهارات جديدة». وكذلك أكّد الدكتور ثيودور جايسون عميد تكنولوجيا المعلومات في كلية شمال الأطلنطي/قطر وممثّل «الأولمبياد العالمي للروبوت»، أن المسابقة تعمل على تحفيز القدرات الإبداعية العلمية للطلبة. وأشار إلى اتساع المشاركة على مستوى المعلمين والمدارس والطلاب، مُشدّداً على أن الأولمبياد وبرنامج GO ROBOT أطلقا القدرات الإبداعية للمشاركين، وزادا من تعلقهم بالعلوم والهندسة والتحصيل العلمي.