عطّل إضراب موظفي الدولة في اليونان أمس، حركة النقل الجوي والبري وخدمات مكاتب الضرائب وأقفلت المدارس، وهو إضراب يُعدّ الأول الذي يعم أرجاء البلاد منذ شهور، وذلك احتجاجاً على إجراءات تقشف في تحدٍّ لدعوة الحكومة إلى دعم جهودها الرامية إلى تفادي الإفلاس. وأطلقت الشرطة الغازات المسيلة للدموع على شبان يرشقونها بالحجارة في وسط أثينا، إذ نظّم آلاف من العاملين في الدولة المضربين مسيرة احتجاج. وحطّم عدد صغير من الشبان رخام الأرصفة ورشقوا شرطة مكافحة الشغب بقطع كبيرة من الحجارة، التي ردت بإطلاق غازات مسيلة للدموع. وأكد قادة العمال أن هذا الإضراب «بداية حملة لوقف خطوات التقشف العاجلة»، التي بدأتها الحكومة الشهر الماضي ورفعت بموجبها الضرائب وخفضت الأجور لمدة عامين. وتمثل أزمة الديون تهديداً لقدرة منطقة اليورو، التي تضم 17 دولة على البقاء، وزاد إصلاح الأوضاع المالية في اليونان إلحاحاً هذا الأسبوع، بعد إعلان أثينا، عدم قدرتها على تحقيق خفض العجز المستهدف لهذه السنة. وتجمع آلاف من العاملين في الدولة والطلاب وأصحاب معاشات التقاعد سلمياً، ودقوا الطبول ورفعوا لافتات كتب عليها «امحوا الدين» و «ينبغي أن يدفع الأثرياء». وساروا إلى ميدان خارج البرلمان حيث يناقش أعضاؤه إجراء استفتاء في شأن التعامل مع الأزمة المالية. وأعلنت ناطقة باسم مطار أثينا، إلغاء أكثر من 400 رحلة محلية ودولية من المطار». وقال المهندس سوتيريس بيليكانوس (39 عاماً) وهو أحد المضربين في وسط أثينا، «نريد رحيل هذه الحكومة لقد خدعتنا، إذ وعدت بفرض ضرائب على الأغنياء ومساعدة الفقراء لكنها لم تفعل». وبعيداً من التظاهرات كانت شوارع العاصمة هادئة، ولم يشارك القطاع الخاص في الإضراب، لكنه سينضم إلى إضراب عام أوسع نطاقاً في 19 الشهر الجاري. وأعلن الناطق باسم الاتحاد العام للعمال اليونايين (جي إس إي إي) ستاثيس أنيستيس في تصريح إلى وكالة «رويترز»، أن «الإجراءات الجديدة استمرار للسياسات الظالمة والبربرية التي التهمت حقوق العمال ودخلهم وتدفع الاقتصاد إلى كساد ودين أكبر». وأكد أن الحكومة والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي «سيضطرون نتيجة هذا الإضراب إلى إعادة النظر في سياساتهم الكارثية». ولم يستبعد وزير المال اليوناني إيفانجلوس فنزيلوس، أن «تسوء الأوضاع المالية في اليونان أكثر في حال فشلت البلاد في دعم الإصلاحات وإظهار انسجام وتضامن وطنيين». من ناحية أخرى أعلنت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، خفض تصنيف الدين السيادي الإيطالي من «إيه إيه 2» إلى «إيه 2»، بسبب «الأخطار على التمويل في أسواق الدين البعيد الأجل وجمود الاقتصاد والغموض السياسي». وأرفقت الوكالة الأميركية قرارها بتوقعات سلبية، ما يعني احتمال أن تخفض تصنيف سندات الدولة الإيطالية أكثر في المستقبل. أما بالنسبة إلى إصدار السندات العامة القريبة المدى، فأبقت الوكالة على تصنيفها الممتاز «برايم – 1». وبررت «موديز» خفض التصنيف، ب «ازدياد الأخطار على تمويل الديون العامة المرتفعة في منطقة اليورو (بالنسبة إلى دول) مثل إيطاليا بسبب استمرار تراجع ثقة (المستثمرين)». كما اتخذت قرارها بسبب «الأخطار السلبية المتزايدة على النمو الاقتصادي والمرتبطة بثغرات بنيوية وبتراجع توقعات (النمو) على المستوى العالمي». أما السبب الثالث لخفض تصنيف إيطاليا، فيكمن بحسب الوكالة في «الأخطار والوقت الذي ستحتاج إليه الحكومة لبلوغ أهدافها المتعلقة بخفض العجز وعكس توجه الدين العام (إلى التزايد) بسبب الغموض الاقتصادي والسياسي». وكانت «موديز أعلنت الشهر الماضي، تمديد فترة النظر في تصنيف الدين السيادي الإيطالي التي بدأت في منتصف حزيران (يونيو) الماضي، حتى يتسنّى لها النظر في الإجراءات التي أقرّتها إيطاليا في منتصف الشهر الماضي المتصلة بموازنتها. وكانت وكالة «ستاندارد أند بورز»، خفضت التصنيف الإيطالي من «إيه + « إلى «إيه» في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي، بسبب إمكانات النمو الضعيفة التي ستعقد مسألة خفض العجز وتقليص الديون. وفي فرنسا أكد حاكم البنك المركزي كريستيان نواييه، أن تدخّل فرنسا لمصلحة مصرف «ديكسيا» الفرنسي – البلجيكي، الذي وقع ضحية أزمة منطقة اليورو، «لا يهدد التصنيف المالي لفرنسا «إيه إيه إيه»، وهو الأفضل الذي يُمنح لدولة». وردّ نواييه، في حديث إلى إذاعة «أوروبا 1»، على ما قاله رئيس الوزراء السابق الاشتراكي لوران فابيوس عبر الإذاعة ذاتها، الذي اعتبر أن ملف ديكسيا «مقلق جداً»، محذراً من «عدم تحمّل تصنيفنا في حال أثقلنا كاهلنا بهذا الموضوع». ورأى نواييه، أن هذه التصريحات «مبالغ فيها وغير دقيقة إلى حد كبير، لأن الدولتين لن تؤمنا ضمانات تزيد على ما فعلتا قبل سنوات»، مشيراً إلى أنهما «ستخصصان لهذه العملية أموالاً تقلّ كثيراً عما فعله الإنكليز ل «رويال بنك أوف سكوتلاند» أو «باركليز». وعلى الضفة البلجيكية، أوضح رئيس الوزراء البلجيكي إيف لوتيرم، أن حكومته «أقرّت إنشاء مصرف لتخليص الديون الفاسدة لفصل «أصول الماضي» التي تثقل نشاطات «ديكسيا». وستمنح فرنسا وبلجيكا «عند الحاجة» ضماناتهما إلى الأصول ذات الإشكالية المجمعة في الهيئة الجديدة.