أطلقت مكتبة الإسكندرية بالاشتراك مع مؤسسة"دار الهلال"وشركة"صوت القاهرة"أعداد مجلة"الهلال"التي صدرت عبر 115 عاماً على أسطوانات مدمجة. وتعد مجلة"الهلال"من أقدم المجلات العربية وأوسعها انتشاراً، وعكست على مدى 115عاماً مختلف اتجاهات الحياة الفكرية والثقافية، من خلال ما تضمنته أعدادها من كتابات شعراء ومفكرين ومؤرخين عرب بارزين منهم: أحمد شوقي، حافظ ابراهيم، خليل مطران، مصطفى لطفي المنفلوطي، عبد الرحمن الرافعي، عباس العقاد، محمد حسين هيكل، زكي مبارك، أحمد لطفي السيد، مي زيادة، سليم الخوري، محمود درويش وغيرهم من المفكرين والأدباء في مصر والعالم العربي. وكان مؤسس"الهلال"جرجي زيدان جاء من لبنان إلى القاهرة في المرة الأولى عام 1883، على أمل أن يدرس الطب، إلا أنه انصرف عن هذه الرغبة وعمل محرراً في صحيفة"الزمان"اليومية، التي كان يملكها ويديرها رجل أرمني الأصل يدعى علكسان صرافيان. لم يستقر المقام بجرجي زيدان في القاهرة كثيراً فعاد إلى لبنان وانضم إلى المجمع العلمي الشرقي، ثم زار لندن، وتردد على مكتباتها ومتاحفها، ومجامعها العلمية، وعاد مرة أخرى إلى القاهرة. عندما استقر جرجي زيدان في القاهرة هذه المرة، اشترك عام 1891 مع نجيب متري في إنشاء مطبعة، ولم تستمر الشراكة بينهما سوى عام واحد، احتفظ بعده زيدان بالمطبعة لنفسه، وسماها"مطبعة الهلال"، في حين أنشأ نجيب متري مطبعة مستقلة سماها"مطبعة المعارف". كان زيدان متمكناً من اللغتين الإنكليزية والفرنسية إلى اللغة العربية، وكان اهتمامه الأول ينصب على كل ما يتصل بالتاريخ والأدب العربي، حتى أن معظم مؤلفاته دارت حولهما، مع بعض الميل إلى الدراسات التاريخية. وأصدر في 1889 كتاب"تاريخ مصر الحديثة"في مجلدين، و"تاريخ الماسونية والتاريخ العام"، وهو موجز في تاريخ قارتي آسيا وأفريقيا، ثم توالت كتبه ومنها: تاريخ إنكلترا، تاريخ اليونان والرومان، جغرافية مصر وطبقات الأمم وغيرها. لم يُكتب لمؤلفات زيدان النجاح الكبير ولم تلفت الأنظار إليه، إلى أن أنشأ مجلة"الهلال"التي ارتبطت به كما ارتبط بها ارتباطا وثيقاً. حمل العدد الأول من مجلة"الهلال"افتتاحية بقلم زيدان أوضح فيها خطته، وهدفه من إصدارها، وكرس كل وقته وجهده للمجلة، فكان ينشر فيها كتبه في أجزاء متتابعة. بعد رحيل زيدان عام 1914، تعاقب على رئاسة تحرير مجلة الهلال، مفكرون وأدباء منهم شقيقه إميل زيدان، وأحمد زكي، وعلي الراعي، ورجاء النقاش، وحسين مؤنس، وكامل زهيري، وكمال النجمي، وصالح جودت، وغيرهم، ما جعلها بمثابة الذاكرة للتراث الفكري والثقافي لمصر والعالم العربي. ولأن توثيق التراث عموماً، والفكري والثقافي خصوصاً، من الأهداف التي تسعى مكتبة الإسكندرية إلى تحقيقها، فقد تم الاتفاق بين مركز المخطوطات التابع للمكتبة، ومؤسسة دار الهلال، على تحويل كل أعداد المجلة منذ صدورها إلى الصورة الإلكترونية، وهو الأمر الذي يُعد توثيقاً وإحياءً لحقبة كاملة من تاريخ الثقافة المصرية والعربية. جهد عظيم استغرق عامين استطاع خلاله القائمون على المشروع في مكتبة الإسكندرية نسخ كل أعداد المجلة على أسطوانات مدمجة، تحتوي كل أسطوانة على أعداد عشرة أعوام كاملة، مع إمكان استخدام محركات البحث التي تتيح الوصول إلى مقال محدد بالعنوان أو الموضوع أو اسم الكاتب. نشر في العدد: 16750 ت.م: 12-02-2009 ص: 27 ط: الرياض