أرجأ البرلمان العراقي الى 18 الشهر الجاري انتخاب رئيس له خلفاً للرئيس المستقيل محمود المشهداني، لعدم التوصل الى اتفاق حول المرشحين للمنصب، الأمر الذي يعكس استمرار اجواء التشنج السياسي في البرلمان. وحذر النائب الاول لرئيس البرلمان خالد العطية من ان عدم حسم مسألة انتخاب رئيس للمجلس حتى الآن سيتسبب بتأخير عملية التصويت على الموازنة الاتحادية للعام 2009. وانضمت كتلة"التحالف الكردستاني"الى التهديد الذي أطلقته"جبهة التوافق"بحل البرلمان لإخفاقه في اختيار رئيس منذ اكثر من شهر ونصف الشهر، فيما اعتبر بعض النواب هذه المطالبات"محاولات للضغط والابتزاز السياسي من اجل فرض مرشح معين". وعقد البرلمان جلسته امس وسط استمرار التجاذبات السياسية حول اختيار بديل للمشهداني ومناقشة بنود الموازنة العامة المعطلة. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن النائب الاول لرئيس مجلس النواب خالد العطية في الجلسة"تؤجل جلسات المجلس حتى الاربعاء 18 من الشهر الجاري، ليتم حسم اختيار الرئيس بشكل نهائي". وتقدم للمنصب خمسة مرشحين من"جبهة التوافق"التي طالبت بتأجيل مناقشة الموازنة الى حين انتخاب رئيس البرلمان. وكانت"التوافق"هددت اول من امس بالمطالبة بحل البرلمان، الأمر الذي أيده رئيس كتلة"التحالف الكردستاني"في البرلمان فؤاد معصوم في جلسة الاحد الماضي، التي شهدت مشادات كلامية بين النواب، قائلاً إنه"إذا لم يستطع البرلمان اختيار رئيس له فمن باب اولى ان يحل نفسه". واكد موقف الاكراد امس الناطق باسم"التحالف الكردستاني"فرياد راوندوزي الذي اكد"جدية كتلته في دعوتها لحل البرلمان"، مشيرا الى انه"لا يوجد بديل آخر في حال لم تتوصل الكتل النيابية الى حسم مسألة رئاسة البرلمان". لكن النائب الكردي خالد شواني حاول التقليل من تصريحات معصوم وراوندوزي، قائلاً إن"هذه الدعوة لحل البرلمان تعبير عن الامتعاض على استمرار تعطيل انتخاب رئيس للبرلمان"، موضحاً ان"الاكراد لم يقدموا حتى الآن طلبا رسميا بحل البرلمان". وكانت 5 كتل برلمانية انسحبت من جلسة الاحد الماضي بسبب رفضها مرشح"الحزب الإسلامي"اياد السامرائي، وهي التيار الصدري و"حزب الفضيلة"و"حزب الدعوة/ تنظيم العراق"و"حزب الدعوة"الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، و"الكتلة العربية المستقلة". ورفض نواب المطالبة بحل البرلمان، ووصفوا ذلك بأنه"غير دستوري". وقال رئيس"الاتحاد الاسلامي التركماني"المنضوي في"الائتلاف العراقي الموحد"النائب عباس البياتي ل"الحياة"إن"المطالبة بحل البرلمان دعوات سياسية غير دستورية هدفها الابتزاز السياسي من اجل فرض وتمرير مرشح معيّن". واضاف البياتي:"لا نخاف من حل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة، وسنكون اول المصوتين على هذا الاقتراح لو قدم فعليا، وعلى الذين يطلقون مثل هذه الدعوات مراجعة نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي اظهرت تمتعنا بشعبية واسعة". لكنه اشار الى ان"مطالبة كتلة او كتلتين لا يمكن ان تحل البرلمان بل يجب ان يحل وفق المادة 64 من الدستور". وتنص تلك المادة على انه"يُحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه"، ما يعني الحاجة الى تصويت 138 نائبا لحل البرلمان، وهي النسبة نفسها المطلوبة لاختيار رئيس للبرلمان. وأوضح البياتي ان"البرلمان لو استطاع تحقيق الاغلبية المطلقة لتمكن من تمرير احد المرشحين للرئاسة وانتهى من تلك الاشكاليات". ونقلت وكالة"فرانس برس"عن البياتي ان"جبهة التوافق توصلت الى اتفاق مع الكتل السياسية على التأجيل لغرض البت باختيار المرشح". ويطالب"الحزب الاسلامي"بأن يتولى مرشحه اياد السامرائي المنصب، الأمر الذي ترفضه تيارات سياسية سنية. وادى الخلاف على اختيار رئيس جديد للبرلمان الى تأجيل القراءة الاولى لمسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2009 والتي كان من المفترض ان تجرى أول من أمس الاحد. ونقلت"رويترز"عن العطية، الذي يرأس حاليا جلسات المجلس:"لا يمكن الذهاب الى اقرار الموازنة او قراءة مسودة القانون اذا لم ننته من مسألة اختيار الرئيس". واضاف"اذا لم ننته اليوم الاثنين أو غدا الثاثاء من مسألة اختيار رئيس فإن الموضوع الموازنة سيتأجل حتى الثلثاء المقبل، وبعد الانتهاء من مراسم الزيارة الاربعينية لمرقد الحسين". وتصادف الزيارة الاربعينية، وهي مناسبة دينية عند الشيعة، الاثنين المقبل. وحمّل العطية الكتلة السنية مسؤولية التأخير لأنها لم تحسم امرها لاختيار مرشح وقال:"حسب التوافقات السياسية التي جرت في تشكيل الرئاسات الثلاث في العام 2006 فإن هذا المنصب كان من حصة التوافق العرب السنة ولحد الآن لا جبهة التوافق ولا المكوّن السني اتفقا على مرشح معين مقبول من بقية الاطراف". وأكد ان"هذا هو جوهر المشكلة". وكانت"جبهة التوافق"اتهمت"حزب الدعوة"الذي يرأسه رئيس الحكومة نوري المالكي، بالعمل على تعطيل انتخاب رئيس للمجلس لرفضه مرشح"الجبهة"لهذا المنصب اياد السامرائي. وقال الناطق باسم"التوافق"سليم الجبوري إن عرقلة ترشيح مرشح"الحزب الاسلامي"سببها"وجود ارادات سياسية مبيتة لقوى متعددة تريد ان تخطف ارادة مجلس النواب بسبب اعتراضات غير مبررة". وقال النائب سامي الاتروشي عضو اللجنة المالية للبرلمان إن اللجنة"انتهت مؤخرا من اجراء تعديلات على مسودة قانون الموازنة العامة للعام 2009 وقدمت المشروع الى رئاسة البرلمان لتحديد موعد لقراءة القانون والتصويت عليه". وكانت الحكومة العراقية قدمت مشروع الموازنة الاتحادية لعام 2009 بقيمة 62.8 بليون دولار مستندة على توقعات بأن يكون سعر برميل النفط العالمي 50 دولارا مع معدل تصدير يصل الى مليوني برميل يوميا. وأوضح الاتروشي ان الموازنة القادمة ستشهد عجزا بقيمة تصل الى عشرين بليون دولار، وهو ما يعادل 30 في المئة من النسبة الكلية للموازنة. وقال الاتروشي إن الحكومة ستلجأ الى الاستعانة بالفائض المتحقق لديها من السنة الماضية"والذي يقدر ب16 بليون دولار على امل ان تشهد اسعار النفط ارتفاعا فوق عتبة الخمسين دولاراً لما تبقى من السنة الحالية". من جانب آخر علمت"الحياة"ان البرلمان يقترب من المصادقة على تعيين 60 مرشحاً لشغل منصب سفير للعراق في مختلف دول العالم. وكانت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان قدمت قبل فترة قائمة المرشحين الى هيئة رئاسة البرلمان، تمهيداً للمصادقة عليهم.