يستعد عالم فورمولا واحد لحدث فريد تشهده حلباته للمرة الأولى في تاريخ هذه الرياضة الميكانيكية، التي انطلقت بطولتها العالمية رسميا عام 1950. ففي 28 أيلول سبتمبرالجاري، ستكون المرحلة ال15 من بطولة عام 2008 على موعد مع استضافة سنغافورة لأول سباق على أراضيها، الا أن المهم من ذلك يتمثل في كون هذا البلد الآسيوي سينظم أول سباق ليلي على الإطلاق في تاريخ الفئة الأولى. ويهدف القيمون على البطولة، وتحديداً البريطاني بيرني ايكليستون، مالك الحقوق التجارية للسباقات، من خلال إقامة السباق في المساء إلى زيادة معدل المشاهدين في القارة الأوروبية بشكل خاص، لأن توقيت آسيا لا يتناسب عموماً مع مشاهدي"القارة العجوز"الذين يضطرون عادة للنهوض باكراً من أجل متابعة السباقات، واليوم أصبح بإمكانهم مشاهدة أحداث سباق سنغافورة في الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت أوروبا الوسطى ال12 بتوقيت غرينيتش. وتمتد حلبة الشوارع التي ستحتضن جائزة سنغافورة الكبرى على مسافة 5.067 كلم في قلب العاصمة، إذ يتوقع أن تتحول إلى مهرجان حقيقي في توقيت سيسمح للمشاهدين الأوروبيين بمتابعته عبر شاشات التلفزة بشكل يتزامن عادة مع مواقيت السباقات في"القارة العجوز". وسيكون مسار الحلبة، التي صممها الألماني الشهير هرمان تيلكه، بعكس عقارب الساعة على غرار سباقي جائزة تركيا في اسطنبول والبرازيل على حلبة انترلاغوس، علماً أن الجولة الأولى من التجارب الحرة الجمعة ستجرى في فترة النهار، بينما سيكتشف السائقون القيادة في المساء خلال الفترة الثانية من التجارب عينها. ويتكرر السيناريو السبت، إذ تقام التجارب الحرة نهاراً، والرسمية ليلاً. وشهدت عملية بيع بطاقات الدخول لحضور السباق التاريخي إقبالاً كبيراً بحسب ما أشار إليه المنظمون، وتراوحت أسعار البطاقات بين 118 و979 دولاراً، فيما وصل سعر البطاقة الخاصة ب"البادوك"إلى حوإلى 4 آلاف دولار. وقبل إقرار إقامة أول سباق ليلي في تاريخ البطولة، تراوحت آراء السائقين بين مؤيد ومعارض، فقد قال بطل"تشامب كار اتلانتيك"الفرنسي سيباستيان بورديه، سائق فريق تورو روسو الحالي:"لن يكون الأمر مختلفاً في سباق ليلي لأنهم سيضعون إنارة تجعل الأمر وكأنه في وضح النهار". من جانبه، أعلن سائق فريق ريد بل، الاسترالي مارك ويبر، في 31 اذار مارس 2007 أن احتمال إجراء سباقات ليلية في فورمولا واحد يحتاج إلى المزيد من التفكير، وقال:"يجب القيام بابحاث وتطويرات عدة كي نفهم ما سيحصل، خصوصاً على مستوى الإنارة لضمان سلامة السائقين وكذلك الأمر بالنسبة إلى المراقبين"، في إشارة إلى احتمال انزعاج السائقين من الأضواء والأمطار. أما بطل العالم السابق، الإسباني فرناندو الونسو، سائق رينو فقال إنه من المستحيل إقامة سباقات ليلية لأسباب تتعلق بسلامة وأمن السائقين، وأشار إلى أنه"بالنسبة إليّ فالأمر مستحيل، إذ نعمل كثيراً على مبادىء تأمين السلامة على الحلبات المختلفة. خلال السباق الليلي يمكن أن تكون الإنارة كافية، لكن لدي انطباع أنه لم يطرح أحد على نفسه سؤالاً مهماً ألا وهو: ما الذي يمكن أن يحصل في حال انطفأت الأضواء الكاشفة؟"، خاتماً:"إنها ليست مباراة في كرة القدم". ويبدو أن سنغافورة لن تكون الوحيدة مستقبلاً التي تنظم سباقاً ليلياً، فقد قال ايكليستون إن جائزة ماليزيا الكبرى على حلبة سيبانغ ستقام تحت الأضواء الكاشفة في 2009 أيضاً، وكشف أنه توصل إلى اتفاق مع القيمين على السباق بأن يكون موعد انطلاقه في العام المقبل عند الساعة السابعة مساء:"يعرف المنظمون في ماليزيا أن هذا الأمر ضروري، خصوصاً لتأمين حضور تلفزيوني أكبر، وهو أمر سيكون جيداً أيضاً للسباق وللقادمين لمشاهدته، إذ ستبلغ الإثارة أوجها". في المقابل، ذكرت مصادر مطلعة داخل حلبة شنغهايالصينية في 28 مارس الماضي أنه من المرفوض تماماً فكرة إقامة سباق جائزة الصين الكبرى هذا العام ليلاً كما يخطط ايكليستون. وكانت حلبة"لوسيل"القطرية احتضنت أول سباق ليلي في العالم في الجولة الأولى من بطولة العالم للدراجات النارية"موتو جي بي"لعام 2008. ووصلت كلفة إنارة مسار الحلبة البالغ 5.4 كلم إلى حوالى 15 مليون دولار إذ جرى نشر 1200 عمود تحمل 3500 ضوء تحرك بأشعة الليزر، منها العمودي ومنها الأفقي، ما أدى إلى انكسار الأضواء لإبعاد تأثيرها عن الدراجين.