أظهر بحث بعنوان "تغيير غرفة الاخبار" The changing Newsroom، نشرته مؤسسة "بي ريسرتش" Pew Research الأميركية أخيراً، وشاركت فيه 250 صحيفة ورقية اميركية، أن حوالي خمسين في المئة من الذين شاركوا في الدراسة لا يستطيعون أن يقرّروا إذا كانت شبكة الانترنت ذات تأثيرات إيجابية أو سلبية بالنسبة الى الصحف الورقية. وتبدو مفهومة هذه"الحيرة"أمام منجز الانترنت، فتأثيرات الشبكة العنكبوتية على الصحافة الورقية ما زالت مستمرة، ومن الصعب تحديد نتائج قاطعة عن هذا التأثير. وتضمن البحث نتائج أخرى كثيرة، بعضها مفاجئ تماماً. فمثلاً، أكد عدد من مسؤولي الصحف الأميركية أن الانترنت ساعدت الصحف الورقية في منافستها لوسائل إعلام عام كبيرة مثل الراديو والتلفزيون. فبفضلها، صارت خدمة التعليقات متوافرة في مواقع معظم الصحف الورقية على الانترنت. ويعطي ذلك نموذجاً صغيراً عن الخدمات الرقمية التفاعلية التي تشبة خدمات الاتصالات التي يجريها المستمعون والمشاهدون مع محطات الراديو والتلفزيون. ساعدت هذه الخدمات"التفاعلية"للصحف الورقية في ربط القراء بصحفهم اكثر، وزادت مبيعات الصحف الورقية. وتضمن تفاعل القرّاء مع مواقع الصحف الورقية على الانترنت أيضاً ملاحظاتهم على تصميم هذه المواقع، وعلى طرق الوصول الى المواضيع المتنوعة فيها. كما يؤكد البحث أن هذه الملاحظات أفادت في تطوير الصحف الورقية من جوانب شتى، بما فيها التصميم والألوان. وبفضل الشبكة العنكبوتية، سهّلت رسائل البريد الالكتروني ايضاً الاتصالات. وحلّت بديلاً لأجهزة الفاكس، وجعلت إرسال الصور والوثائق عملية سهلة تستغرق دقائق، بعدما كانت تحتاج أياماً وأسابيع. وفي المقابل، أظهر البحث أثاراً سلبية للانترنت، مثل مضاعفة مهمات العاملين في الصحف الورقية، وبخاصة الجهد الاضافي لتحرير مواقع الصحف على الشبكة العنكبوتية، والتي يتضمن بعضها خدمات إخبارية على مدار الساعة. ومع وجود كل هذه المعلومات على الانترنت، أصبحت مهمات الصحافي كبيرة جداً في تدقيق المعلومة والبحث عنها. وفي بعض الأحيان، تؤدي وفرة المعلومات الى تخفيض جدية التعامل معها، خصوصاً مع التنافس الشرس بين الصحف ومواقعها على الانترنت، ما لا يترك الكثير من الوقت للصحافيين لتدقيق معلوماتهم بالصورة الكاملة. وللبقاء في دائرة التنافس، أقدمت معظم الصحف على الاستعانة بفرق متخصصة من الصحافيين والمحررين، لمتابعة ما يجري في عالم المعلومات المنقولة من طريق الانترنت. وعوّضت هذه المجموعة الجديدة من الموظفين عن التسريحات الكبيرة التي قررتها الصحف الورقية للكثير من موظفيها بعد انتشار الانترنت. وكخلاصة، لا يحمل البحث الاميركي تطمينات كافية لاصحاب الصحف الورقية، على رغم أن دراسات سابقة بيّنت أن المعلن التجاري ما زال يفضل صفحات المجلات والصحف الورقية على مواقع هذه الصحف على الانترنت. وبفعل تقدم الانترنت، تتطوّر طرق عرض الصحف والمجلات على شاشات الكومبيوتر، الأمر الذي يبقي التحدي مرفوعاً امام مسؤولي الصحف الورقية، لابقاء هذا الشكل من الاعلام فاعلاً وقادراً على التجدّد. إعداد: محمد موسى