تبارت الدول المشاركة في اجتماع منظمة التجارة العالمية في جنيف في يومها الأول في الدفاع عن مصالحها، في ما يوصف بالفرصة الأخيرة قبل دخول ملف تحرير التجارة العالمية إلى الجمود. مواقف الدول تبلورت بين قطبين أساسيين، الأول تمثله الهند والبرازيل ومعهما الدول النامية والمتطورة صناعياً، في مقابل الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ومعهما الدول الأكثر إنتاجاً للمواد الزراعية والمتفوقة صناعياً، وتتأرجح الدول الأكثر فقراً وذات الموارد المحدودة بين الجانبين، في محاولة لتصيد أكبر قدر ممكن من الامتيازات. پوجاء تصريح وزير التجارة والصناعة المصري رشيد رشيد إلى الصحافيين قبل الجلسات، مؤكداً إدراك الدول العربية والمجموعة الأفريقية لأهمية المؤتمر، إذ حذّر الدول الغنية من عدم تحمل مسؤولياتها في عملية تنمية الدول الفقيرة أمام الضغوط التي تتعرض لها من النقابات العمالية في الزراعة. وحمّل رشيد الدول المتقدمة مسؤولية زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود وانعكاسها على الأسواق العالمية وحجم التجارة دولياً، ووصف الوضع الاقتصادي العالمي ب"غير المتوازن"لمصلحة دول الشمال الغنية، على حساب الدول الأكثر فقراً التي تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية مباشرة. وانتقد تكالب الغرب على الوقود الحيوي، في حين أن غالبية البشر تعاني من الجوع وسوء التغذية. في المقابل، رأت الممثلة التجارية للولايات المتحدة سوزان شواب، أن الدول المتقدمة صناعياً وزراعياً"تدرك أنها تتحمل عبءاً في تحرير التجارة العالمية من قيودها". بينما تشبث الاتحاد الأوروبي بمقترحاته، التي تعد بتقديم خفوضات جمركية على وارداته الزراعية بنسب تصل إلى 75 في المئة، على رغم معارضة النقابات الزراعية، لأن هذا الخفض يعني خسارة سنوية تصل إلى 40 بليون يورو، نتيجة تراجع إنتاجها الزراعي المحلي 20 في المئة. وتمسكت الهند بضرورة"تقليص"الولاياتالمتحدة دعمها الى الفلاحين ليكون الحد الأقصى 7 بلايين دولار سنوياً، لضمان توزيع عادل لمنتجات الدول النامية في الشمال. وتقترح واشنطن مبدأ"الاتفاق على المعاملة بالمثل"، إذ تلتزم مجموعة من الدول بأن تتخصص بنسب تتراوح بين 90 و95 في المئة في منتجات قطاعات محددة، على أن يكون التصدير والاستيراد بين الدول في تلك المواد، من دون حواجز جمركية. لكن دول الجنوب تتخوف من الاقتراح، لأنه سيحرمها حق الاكتفاء الذاتي في قطاعات، مثل الأدوية والكيماويات والتقنية الدقيقة التي سيحتكرها الغرب، بسبب تفوقه العلمي فيها. المنظمات غير الحكومية، التي أكدت حضورها خارج أروقة المؤتمر، رأت أن هذه المفاوضات تشكل"الفرصة الأخيرة والمناسبة"لتحقيق مبدأ التجارة العادلة، الذي تصبو إليه الدول النامية والأكثر فقراً، كإحدى وسائل تحسين اقتصاداتها والخروج من دائرة المساعدات التنموية. وانتقدت منظمة"أوكسفام"قانون الزراعة الأميركي الصادر هذه السنة، ورأت أنه"ضيف غير مرغوب فيه"في تلك المفاوضات، إذ يتضمن دعماً مالياً كبيراً الى المزارعين ويتحدى أفكار منظمة التجارة العالمية. وانتقدت توجهات الاتحاد الأوروبي، مما وصفته حرمان الدول النامية في فرص تسويق افضل لمنتجاتها في الأسواق الأوروبية، في حين تتمسك أوروبا بالحصول على تنازلات كبيرة للدخول إلى أسواق خدمات الدول النامية. ويرى تحالف المنظمات غير الحكومية من آسيا وأميركا اللاتينية، أن الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة"تحاول فرض الأمر الواقع على الدول الفقيرة لفتح أسواقها من دون قيد أو شرط، ومن دون أدنى حماية لمنتجاتها المحلية". في حين تتمسّك أوروبا والولاياتالمتحدة بالدعم المالي للمزارعين والفلاحين، ما يشكل بحسب رأيهم، عدم توازن بين الطرفين، إذ ستقضي تلك التوجهات على إمكانات الفلاحين البسيطين في الجنوب، ما سيؤدي إلى انتشار الفقر والتخلف في مجتمعات، يُفترض أن المجتمع الدولي يسعى إلى دعمها للمضي قدماً في مسار التنمية المستدامة. وتقترح المنظمات غير الحكومية"ألا يكون فتح أسواق الجنوب أمام تجارة الخدمات الأوروبية فرضاً، بل بحسب امكانات كل دولة، وألا تكون ذات طابع استهلاكي بل تساهم في التنمية وتأمين فرص عمل جديدة تقضي على البطالة وترفع من مستويات المعيشة. الدول المشاركة تتوزع الدول المشاركة الى اربع مجموعات: مجموعة العشرة: وهي الدول المستوردة للمنتجات الزراعية على أنواعها ومن بينها سويسرا والنروج واليابان. مجموعة العشرين: وهي الدول النامية والمتقدمة صناعياً، وفي الوقت ذاته من مصدري المحاصيل الزراعية مثل الهند والبرازيل والأرجنتين والصين. مجموعة 33: هي الدول التي تتمسك بفرض جمارك عالية على منتجات الدول الصناعية الكبرى ومن بينها كوبا وفنزويلا. مجموعة كايرنز: وتضم الدول المصدرة للمنتجات الزراعية وتدعم تحرير التجارة العالمية من قيودها مثل استراليا ونيوزيلاندا والأرجنتين وأوروغواي.