انتهى اليوم الثالث من المفاوضات الوزارية السادسة لمنظمة التجارة العالمية على المزيد من الخلافات والتباين في وجهات النظر، ما جعل بعض المحللين يعتبرون ان الاتفاقات الثنائية"الجانبية"قد تطغى على الاتفاقات الجماعية في نهاية القمة. إذ ارتفع الضغط على الولاياتالمتحدة وسائر الدول المتطورة كي تفتح أسواقها أمام الدول الفقيرة، بعد ان جددت الأخيرة اتهام الولاياتالمتحدة واليابان بالحد من وصول المنتجات الزراعية إلى أسواقها عبر رفضها إلغاء القيود الجمركية على منتجات"حساسة"عدّة كالقطن والرز. واعتبر وزير تجارة زامبيا ديباك باتيل، الذي يتولى التنسيق بين منظمة التجارة العالمية والدول الفقيرة، ان بعد سنوات من وصفها للآخرين"دواء"تحرير التجارة، جاء دور الولاياتالمتحدة واليابان كي"تأخذ جرعة من هذا الدواء". وضم البنك الدولي موقفه إلى موقف الدول الأكثر فقراً أمس قائلاً انه"يوجد كلام كثير عن أهمية التطوير، لكن التطبيق ما زال ضئيلاً جداً". وذكر نائب الرئيس داني لايبزيغر ان"خلال 3 أيام من المباحثات المتعثرة، ضخّت الدول الغنية أكثر من 2 بليون دولار لمزارعيها عبر وسائل الدعم المختلفة، في حين كسب نحو 300 مليون مزارع فقير في أفريقيا، في الفترة نفسها، نحو بليون دولار". الدعم الزراعي في الدول الغنية ومن ناحيته، دعا وزير التجارة الهندي كمال ناث الدول إلى احترام التعهد الذي التزمت به في دورة الدوحة منذ أربع سنوات لپ"إصلاح النظام التجاري العالمي لمصلحة الفقراء". وأتهم الدول الغنية بحرف المحادثات عن محورها الأساس، داعياً الوفود التجارية إلى"تجنب الإسراع في عقد اتفاقات تضر بمصالح الدول النامية". وأضاف ان حصيلة جولة الدوحة ستقوّم على أساس التقدم في المحادثات الزراعية،"لأن الدول النامية تحب ان ترى تنازلات ملموسة أكبر من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان بخصوص الدعم الزراعي"، بحلول 2010 كحد أقصى. وذكر ان"المزارعين في الدول النامية مستعدون للتعامل مع التدفقات التجارية الزراعية، لكنهم غير مستعدين لتحمل تدفق حمم المساعدات الزراعية من الدول الغنية". التعرفات الجمركية وفي ما يختص بتجارة السلع، أوضح ناث ان التعرفات الجمركية ما زالت مرتفعة على النسيج والألبسة والمنتجات الجلدية والتكنولوجية المتوسطة في الدول المتقدمة، سائلاً:"ما النفع من خفض الضرائب الجمركية على الطائرات التي لا تنتجها سوى الدول الغنية وإبقاء الضريبة الجمركية على الحقائب الجلدية 30 في المئة؟". ويصر الاتحاد الأوروبي على رفض إلغاء المساعدات على الصادرات الزراعية كلياً بحلول 2010، داعياً الولاياتالمتحدة إلى توضيح خططتها في ما يختص بإعادة ترتيب برامج"المساعدات الغذائية"التي توزع المنتجات الزراعية الأميركية التي تشتريها من المزارعين الأميركيين بشكل مساعدات مجانية على الدول النامية، ما تعتبره أوروبا دعماً زراعياً"غير مباشر"للمزارعين الأميركيين. وفي مقال له نشر في صحيفة إنترناشونال هيرالد تريبيون الاثنين الماضي، تحت عنوان"الاتحاد الأوروبي تنازل بما فيه الكفاية"، قال المفوض التجاري الأوروبي بيتر ماندلسون ان"الاتحاد في حاجة إلى تطبيق الإصلاحات في سياساته الزراعية، لكن القطاعات الزراعية الأوروبية تستطيع ان تستوعب كمية محدودة من الإصلاحات دفعة واحدة"، داعياً البرازيل والهند إلى"خفض التعرفات الجمركية على وارداتها الصناعية، وفتح المجال أمام قطاع الخدمات الأجنبي". أما الولاياتالمتحدة فعليها بحسب ماندلسون، ان"تخفض الدعم الزراعي المحلي وبرنامج المساعدات الغذائية". وأضاف ماندلسون انه سيكون"مسروراً إذا رأى ان الولاياتالمتحدة خفضت الدعم الزراعي على القطن، وسمحت بدخول المنتجات الزراعية من الدول النامية من دون أي قيود تجارية، أسوة بأوروبا". واختتم مقاله قائلاً انه"إذا اتخذ الشركاء في منظمة التجارة العالمية خطوات رئيسة في هذه المحاور، سيصبح لديها مصداقية حينه بالطلب من أوروبا مراجعة سياساتها الزراعية الداخلية".