أطلق المدير العام لصندوق النقد ورئيس البنك الدوليين رودريغو دي راتو وبول وولفوفيتز تحذيراً غير مسبوق من فشل مفاوضات تحرير التجارة العالمية، ما لم تبادر"الدول الكبرى"الى إحداث خفوضات شاملة وحادة على التعرفات الجمركية، والدعم الحكومي المشوه للتجارة. وشددا على أن فشل المفاوضات، سيعني ضياع فرصة متاحة لإنقاذ الملايين من الفقر في الدول النامية، وحفز النمو في الدول الفقيرة والغنية على حد سواء. وقال رئيسا المنظمتين الدوليتين في بيان مشترك، ان"حكومات الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية لديهم فرصة للعمل معاً من أجل أسواق أكثر انفتاحاً، لاخراج الملايين في الدول النامية من الفقر، ودعم النمو في الدول الغنية والفقيرة. إلا أن هذه الفرصة قد تضيع في الأيام المقبلة، ما لم تبادر الحكومات الرئيسة إلى مواجهة مجموعات المصالح الضغط، التي تطمح إلى تكريس وضع الحواجز الجمركية المرتفعة، التي تخدم مصالح الأقلية على حساب الكثيرين". وأبرزا أهمية و"صوابية"الدور المحوري الذي تلعبه الزراعة في المفاوضات،"إذ إن هذا القطاع لا يزال يعاني من تشوهات التجارة التي تعاقب المستهلكين في كل مكان، وكثيراً من فقراء الدول النامية، الذين يكسبون عيشهم منها. المبادرة الأميركية وقال ممثلو الولاياتالمتحدة إنها أحدثت منعطفاً دراماتيكياً في مسار المفاوضات، عندما أعلنت ما وصفته ب"مبادرة جريئة"في شأن إلغاء الدعم الزراعي وفتح الأسواق، مشيرة إلى أن مبادرتها التي طرحتها في 10 تشرين الأول أكتوبر استجابت لرغبة"كثيرين من أعضاء منظمة التجارة، الذين طلبوا من أميركا أن تحدد، بعبارات جلية وبالأرقام، طموحاتها إزاء المفاوضات الزراعية، لا سيما في ما يتعلق باصلاح إلغاء الدعم المحلي، وفتح الأسواق". واقترحت المبادرة الأميركية إحداث خفوضات جوهرية في الدعم الزراعي المشوه للتجارة والتعرفات الجمركية، إلى جانب إلغاء دعم الصادرات، أي القروض الميسرة التي تمنح لمساعدة المزارعين على تصدير منتجاتهم، على أن تتم هذه الخفوضات تدريجاً في مرحلة أولى من خمسة أعوام، يتبعها، بعد فترة انتقالية لم تحدد مدتها، مرحلة ثانية من خمسة أعوام أيضاً، لإلغاء البقية الباقية من إجراءات الدعم والتعرفات الجمركية. وبالأرقام، اقترحت المبادرة الأميركية للمرحلة الأولى خفض التعرفات الجمركية المطبقة في الدول الصناعية بمقدار يراوح بين 55 و90 في المئة، على أن تطبق النسبة الأولى على التعرفات الخفيضة، والثانية على التعرفات المرتفعة. كذلك اقترحت اعتماد سقف يضمن ألا تتعدى أي تعرفة مستوى 75 في المئة، إلى جانب تحديد حصة المنتجات الزراعية التنافسية، ما يعرف بپ"المنتجات الحساسة"، القابلة للإعفاء من إجراءات الخفض، بما لا يزيد على واحد في المئة من كل المنتجات الخاضعة للرسوم الجمركية. وإضافة إلى مسألة فتح الأسواق، اقترحت المبادرة الأميركية إلغاء كل أشكال دعم الصادرات الزراعية تدريجاً بحلول 2010. وفي مجال الدعم الزراعي الذي يتركز في الدول الصناعية الكبرى، ويقدر البنك الدولي حجم مخصصاته السنوية بأكثر من 300 بليون دولار، اقترحت أميركا خفض إنفاقها بنحو 53 في المئة، لكنها حددت نسبة الخفض المطلوبة من الاتحاد الأوروبي ب 75 في المئة، مشيرة إلى أن حجم الدعم الزراعي في الاتحاد يعادل ثلاثة أضعاف مثيله في الولاياتالمتحدة. الاتحاد الأوروبي وفجر الاتحاد الأوروبي مفاجأة عندما أعلن يوم الجمعة الماضي مقترحات جديدة، تعد بإلغاء 70 في المئة من إنفاق دوله الأعضاء على الدعم الزراعي، وتخفض تعرفاته الزراعية بنسب تراوح بين 35 و60 في المئة، وتغفل في الوقت نفسه مسألة المنتجات الحساسة التي كان حددها سابقاً بنحو 8 في المئة. ونالت المقترحات الأوروبية، ولأسباب مختلفة، ترحيب الهند واليابان بينما بادرت الولاياتالمتحدة الى التعبير عن خيبة أملها. إلا أنها وعلى رغم تحفظها ووصفها المقترحات الأوروبية الجديدة بأنها لم ترق إلى مستوى مقترحات مجموعة العشرين، اعترفت بأهمية هذه المقترحات، وأبدت استعدادها للتفاوض من أجل التوصل إلى حل وسط يضمن النجاح لمؤتمر هونغ كونغ المقرر عقده من 13 إلى 18 كانون الأول ديسمبر المقبل. الدول النامية ويؤكد البنك الدولي، في كم هائل من الدراسات التي أجراها منذ ظهرت أهمية المفاوضات الزراعية في عام ألفين، بأن إلغاء دعم الصادرات الزراعية والدعم الزراعي، من شأنه أن يعزز من تنافسية مصدري المنتجات الزراعية في الدول الصناعية والنامية على حد سواء، لكنه سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة أعباء الدول الأخرى، وخصوصاً الدول العربية التي سجلت في العقدين الماضيين أكبر ارتفاع في نسبة اعتمادها على استيراد المنتجات الزراعية لتلبية احتياجات أسواقها المحلية. ووضعت الدول النامية، وتحديداً"مجموعة العشرين"، التي تضم مصر والصين والبرازيل والهند، وتمثل 70 في المئة من مزارعي العالم، و22 في المئة من انتاجه الزراعي، معظم أوراقها في إجراءات فتح الأسواق. وشملت أحدث اقتراحاتها التي حظيت بتأييد الولاياتالمتحدة، تحديد حصة المنتجات الحساسة بواحد في المئة في الدول الصناعية، و1.5 في المئة في البلدان النامية، وكذلك خفض الدول الصناعية تعرفاتها الزراعية بنسب تراوح بين 45 في المئة كحد أدنى، و75 في المئة كحد أقصى.