هل تعرفون ما الذي يعطي اللون الأحمر للبندورة؟ انه الليكوبين الذي ينتمي الى عائلة ذات حسب ونسب هي أصبغة الكاروتينيدات التي ينضوي تحت لوائها أكثر من 600 مادة صباغية مهمة على الصعيد الصحي. لقد تم عزل صباغ الليكوبين في نهاية القرن التاسع عشر لكن معرفة صفاته وخصائصه لم تنجز إلا في أواسط القرن العشرين، وفي التسعينات من القرن الأخير زادت شهرة الصباغ بعدما لعبت الشركات الكبرى المنتجة لعصائر وصلصات البندورة دوراً في تعريف المستهلكين بخواص الليكوبين العلاجية والشفائية، وتعتبر البندورة المطهوة الأغنى بصباغ الليكوبين الذي لا يتأثر بحرارة الطبخ لا بل أن الحرارة تجعله أكثر امتثالاً وامتصاصاً، خصوصاً اذا طبخت البندورة مع قليل من الزيت. هناك أبحاث كثيرة اشارت الى اهمية صباغ الليكوبين في الوقاية من الامراض السرطانية والقلبية الوعائية والتنفسية. وعلى صعيد السرطان طلبت الشركات المصنعة من وكالة الغذاء والدواء الأميركية وضع مسميات على منتجاتها التي تحتوي على الليكوبين بأنها تقي من السرطان، لكن الوكالة رفضت الطلب لعدم توافر معطيات علمية جازمة حول هذا الأمر، فبعد مراجعة الوكالة لعشرات الدراسات المتعلقة بالبندورة وصباغ الليكوبين لم يتبين انهما يخفضان من خطر التعرض للاصابة بسرطان البروستاتة والرئة والثدي والرحم والقولون والمستقيم. أما بالنسبة الى الامراض القلبية الوعائية فإن التحريات المخبرية أوضحت أن الليكوبين مضاد للاكسدة التي تحول دون أكسدة الكوليستيرول السيئ المسؤول عن الاصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وجاءت نتائج بعض الأبحاث الوبائية لتصب في هذا الاتجاه. ففي دراسة شملت قرابة 40 ألف امرأة واستغرقت سبع سنوات، كشف باحثون من جامعة هارفارد الأميركية ان النساء اللواتي استهلكن يومياً وجبات تحتوي على البندورة كن اقل تعرضاً لخطر الاصابة بالامراض القلبية الوعائية بالنسبة الى غيرهن ممن لم يأخذن البندورة سوى مرة واحدة في الاسبوع. اما الدراسات السريرية فجاءت معطياتها متناقضة. فما هو السر الذي يجعل صباغ الليكوبين يحمي من الأمراض؟ حتى الآن لم يستطع الباحثون أن يحصلوا على اجماع حول هذا الأمر، فهناك تفسيرات شتى من بينها ثلاثة، يقول التفسير الاول ان الليكوبين يملك فعلاً مضاداً للاكسدة ما يجعل منه ندا صالحاً لمواجهة الجذور الكيماوية الحرة التي تحاول العبث بخلايا الجسم لالحاق الأذى والضرر بها مخلفة العديد من الامراض، ولكن لحسن الحظ هناك الليكوبين وأمثاله التي تقف بالمرصاد لتلك الجذور الشريرة التي لا هم لها سوى زرع الدمار. اما التفسير الثاني حول الأثر الواقي لصباغ الليكوبين من الأمراض فيعود الى مقدرته على الحد من تشكل الكوليستيرول السيئ، وهذا ما يقود الى تدني مستواه في الدم الأمر الذي ينعكس ايجاباً على الصحة القلبية الوعائية. يبقى التفسير الثالث الذي يقول ان الليكوبين لا يعمل وحده في ردع الامراض بل بالتضافر مع مكونات اخرى لها تأثيرها على صعيد الوقاية. ختاماً تبقى الملاحظات الآتية: * لا ضرورة للهاث وراء المكملات الغذائية الحاوية على الليكوبين الباهظة الثمن، فقد بين الباحثون ان البندورة الغنية بالصباغ المذكور افضل منها. * البندورة الحمراء اللون هي الأغنى بصباغ الليكوبين مقارنة مع البندورة الصفراء أو البرتقالية التي لا تحتوي الا على النذر اليسير منه. * ان صباغ الليكوبين يوجد في أغذية اخرى غير البندورة مثل البطيخ والجبس والبامبلوموس وغيرها ولكن بنسبة أقل من ذلك الموجود في البندورة. * ان بعض العقاقير الخافضة لكوليستيرول الدم يمكنه خفض مستوى الليكوبين في الدم.