أعلنت السفارة الاميركية في بلغراد، أنه تقرر إجلاء أسر الديبلوماسيين والعاملين فيها اضافة الى الموظفين غير الأساسيين الى خارج صربيا"لعدم توافر الثقة بأن تقدم السلطات الصربية الحماية لموظفيها، بعد هجوم المتظاهرين الذي تعرضت له". وأشارت الى أنها ستعاود العمل اعتباراً من بعد غد. ورفض سفراء دول الاتحاد الأوروبي في ساراييفو أمس قراراً تبناه أخيراً برلمان"الجمهورية الصربية"الذي يطالب باستقلال الكيان الصربي داخل البوسنة إثر اعلان استقلال كوسوفو. وقال السفراء في بيان مشترك"ان رؤساء البعثات الديبلوماسية للاتحاد الأوروبي يرفضون بشدة هذا القرار". وجددوا التأكيد أن الكيانين اللذين يشكلان البوسنة منذ نهاية النزاع العرقي 1992 - 1995، وهما الجمهورية الصربية وفيديرالية المسلمين والكروات"لا تملكان الحق في الانفصال". وبحسب القرار الذي تبناه برلمان صرب البوسنة الخميس الماضي فأنه"في حال اعترف عدد مهم من أعضاء الأممالمتحدة وخصوصاً دول الاتحاد الأوروبي, باستقلال كوسوفو... فإن الجمعية تعتقد بأن ذلك يشكّل سابقة في الاعتراف بحق تقرير المصير يشمل الانفصال". وأكد سفراء دول الاتحاد ان مثل هذا المسعى يساوي اعادة نظر في اتفاق دايتون للسلام الذي أنهى النزاع. وكانت واشنطن نددت بشدة بمبادرة صرب البوسنة. وكان الاتحاد الأوروبي أعلن عزمه على ابقاء علاقاته مع صربيا وعروضه لها، شرط عدم تكرار الصرب الاعتداء على الممثليات الأجنبية في بلغراد، وإلا فإنه سيجمد المفاوضات في شأن اتفاق الشراكة مع الحكومة الصربية. واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد واعتراف الدول الغربية به"سابقة رهيبة"سترتد على الأوروبيين. ودعا الرئيس الصربي بوريس تاديتش الى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي لبلاده، لبحث أسباب الحوادث الاخيرة ضد عدد من السفارات في بلغراد وانتماء القائمين بها ودوافعهم، واتخاذ الاجراءات لوضع حدّ لتصرفات قسم من المواطنين غير المسؤولة. وأوضح في تصريح بثّه تلفزيون بلغراد أمس"ان لصربيا هدفين أساسيين، هما: الدفاع عن اقليم كوسوفو وعدم التخلي عنه، ومواصلة الطريق نحو أوروبا". وأكد تاديتش، ان صربيا"لن تعترف أبداً باستقلال كوسوفو". واصفاً الدول التي اعترفت بإعلان الألبان الاستقلال من جانب واحد، بأن"عددها لا يزال قليلاً... وتوجد دول كثيرة أكدت وقوفها الى جانب حق صربيا، وعدم الاعتراف بمثل هذا الاستقلال الذي ينتهك القوانين الدولية وسيادة الدول على أراضيها". وقالت ناطقة باسم السفارة الاميركية في بلغراد، ان وزارة الخارجية الأميركية، وافقت على طلب من السفير الأميركي السماح بمغادرة افراد العائلات والموظفين غير الأساسيين العاصمة الصربية، الى حين ان يتحسّن الأمن". وأضافت:"سيبقى السفير والموظفون الرئيسون في بلغراد، وستعيد السفارة فتح أبوابها الثلثاء المقبل، بعد إجراء إصلاحات في المبنى الذي أُضرمت النيران في جزء منه". وأفادت المعلومات ان 90 أميركياً، بينهم مسؤولون وعائلاتهم غادروا بلغراد، وأن 50 مسؤولاً آخرين يواصلون العمل في السفارة، وطلب منهم التزام الحذر الشديد أثناء تحرّكاتهم في صربيا. وحمّلت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الحكومة الصربية مسؤولية الهجوم على سفارة بلادها في بلغراد، وقالت في تصريحات صحافية"إن الحكومة الصربية لم تفِ بالتزاماتها تجاه حماية السفارة الأميركية، إضافة الى عدد من السفارات الأخرى، ووجود الشرطة لم يكن كافياً أو لم يستجب بسرعة في ذلك الوقت". وزادت:"إننا نحمّل الحكومة الصربية المسؤولية، لقد أوضحنا ذلك تماماً، ولا نتوقع ان يحدث هذا مرة أخرى". ودعت رايس صربيا"للاعتراف باستقلال كوسوفو والتطلّع الى المستقبل". وأشارت الى ان بلادها"تريد بناء علاقة صداقة مع بلغراد. ولا تحتفظ الا بوجود عسكري مع حوالى 17 ألف جندي من قوات حلف شمال الأطلسي قوات كفور في كوسوفو". وفي تصريح للوزير الصربي لشؤون كوسوفو سلوبودان سامارجيتش، نقله تلفزيون بلغراد أمس، وبدا أنه ردّ على رايس، قال ان حكومة بلاده"لن تتوقف عن التأكيد في كل المجالات، بأن الولاياتالمتحدة هي المذنب والمزور الرئيس للحقائق، لأجل اعلان الألبان الاستقلال، وكل تبعاته". وذكر التلفزيون، ان التحقيق عن هوية صاحب الجثة التي عثر عليها في السفارة الأميركية، أظهر أنها للطالب زوران بوبوفيتش 21 سنة وهو من صرب كوسوفو، حيث انتقل مع عائلته الى مدينة نوفيساد مقاطعة فويفودينا في صربيا منذ وضع الاقليم تحت الاشراف الدولي في حزيران يونيو 1999 بسبب الضغوط الألبانية التي تعرّضت اليها عائلته. ويرى مطلعون في بلغراد، ان الرأي العام الصربي يعتبر ان السفارة الأميركية تتحمل المسؤولية الرئيسة للأحداث التي جابهتها، لأنها لم تطلب الحماية الأمنية اللازمة لها عملاً بالأصول الديبلوماسية، كما أنها تأخرت في السماح لقوات مكافحة الشغب بدخولها والقيام بواجبها في التصدي للمخرّبين وإطفاء الحريق. وطالب الاتحاد الأوروبي بحماية الممثليات الأجنبية الموجودة في صربيا، وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد خافيير سولانا"إن الأوروبيين سيجمّدون المفاوضات في شأن اتفاق الشراكة مع بلغراد، اذا لم تتمكن السلطات الصربية من احتواء اعمال العنف الأخيرة التي لن تفضي الى شيء". وأوضح"ان الاتحاد الأوروبي سيبقي على علاقاته مع صربيا، شرط وضع حد للاعتداءات على الممثليات والمؤسسات الاجنبية". واعتبر رئيس حكومة كوسوفو هاشم تاتشي"ان صربيا تنزلق نحو الماضي"بعد أعمال التخريب في السفارة الأميركية ببلغراد. وقال:"إن الحوادث التي شهدناها، هي صور من الماضي، لم يكن هذا مجرد رد فعل على إعلان استقلال كوسوفو، إنه رد فعل على العالم الديموقراطي بالكامل". ونددت موسكو باعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد، ووصفته"بالسابقة الرهيبة"وقال الرئيس فلاديمير بوتين"إن استقلال كوسوفو، ينسف نظام العلاقات الدولية برمته، القائم ليس منذ عشرات السنين فحسب، بل منذ مئات السنين". وأضاف:"إنهم لا يفكرون بعواقب ما فعلوه في النهاية إنه سيف ذو حدين، ويوماً ما سيرتد هذين الحدين عليهم". وفي شأن الوضع في كوسوفو، أفاد تلفزيون بلغراد، ان آلاف الطلاب تظاهروا في الشطر الشمالي من مدينة ميتروفيتسا شمال غرب احتجاجاً على اعلان استقلال الاقليم، وأن مئات من افراد القوات الدولية كفور والشرطة سكلوا حاجزاً على جسر ايبار الذي يفصل بين شطري المدينة، الشمالي الصربي والجنوبي الألباني، منعاً للمواجهات بين الطرفين. وقد غادر آلاف الطلاب من صربيا للانضمام الى زملائهم في متروفيتسا، والإعراب عن رفضهم لإعلان استقلال كوسوفو. وقال الطالب من جامعة بلغراد دراغان دافيجيتش:"نذهب الى كوسوفو ونشارك اخواننا الطلبة... ونقول معاً اسمعوا أيها الأوروبيون، كوسوفو أهم لنا من كل اغراءاتكم في منحنا تأشيرات شينغن الخداعية، في مقابل سكوتنا على ضياع حقنا". احتجاج يوناني وفي أثينا أ ف ب ، تظاهر أكثر من ألف شخص من أنصار الشيوعيين أمس في العاصمة اليونانية ضد استقلال كوسوفو و"التدخلات الخارجية"في البلقان، وفق ما أعلنه مصدر أمني. وهتف المتظاهرون الذين جابوا وسط أثينا وصولاً الى السفارة الأميركية ومروراً بمكتب الاتحاد الأوروبي اللذين فرضت عليهما حراسة مشددة،"ليخرج الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي من البلقان". ونظم التظاهرة الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية. وأحرق المشاركون فيها علماً أوروبياً أمام ممثلية الاتحاد الأوروبي وأعلاماً أميركية أمام السفارة الأميركية قبل أن يتفرقوا في هدوء. وكانوا تجمعوا في وقت سابق أمام حرم جامعة أثينا حيث نددت الأمينة العامة للحزب الشيوعي أليكا باباريغا بشدة ب"التدخل الأجنبي في البلقان". ووصفت كوسوفو المستقلة بأنها"محمية أميركية يحرسها جيش أوروبي". وطالبت برحيل القوات اليونانية من المنطقة وعارضت بشدة مشاركة اليونان في مهمة الشرطة والقضاء الأوروبيين المكلفين مواكبة استقلال كوسوفو. وكانت اليونان، المترددة في الاعتراف باستقلال كوسوفو، أكدت انها ستعلن موقفها من الأمر"في مرحلة لاحقة"مع الأخذ في الاعتبار"استقرار المنطقة ومصالح البلاد".