رأى بيت الاستثمار العالمي جلوبل، في تقريرٍ حديث، أن القيمة السوقية لأسواق المنطقة خسرت نحو 47 في المئة منذ بداية العام الحالي ولغاية 25 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، ما جعل من أدائها الأسوأ على مستوى العالم على رغم النمو الكبير المتوقّع في المنطقة، والانخفاض الكبير في مستويات التعرّض لأخطار القروض ذات التصنيف الائتماني المنخفض. وتُعد نسبة الخسارة مرتفعةً للغاية مقارنة بالولايات المتحدة المسؤولة عن الانهيار العالمي، وللمثال خسرت السوق الأميركية وفقاً لمؤشر"ستاندرد آند بورز"41 في المئة من قيمتها السوقية، في حين خسر مؤشر"فاينانشيال تايمز""فوتسي 350"نسبة 37 في المئة في إطار حركة التصحيح التي شهدتها السوق. وفي حين تعتبر القيمة السوقية إلى الناتج المحلي مقياساً جيداً لتقويم أسواق الأسهم في اقتصاد ما، فإن تحديد مستوى النسبة المئوية التي تشير إلى انخفاض قيمة الأسهم، يبقى مثار جدل ساخن في الآونة الأخيرة. وعلى رغم ذلك، تعتبر المستويات ما دون 100 في المئة دليلاً على جاذبية أسواق الأسهم. ففي 2007 بلغت القيمة السوقية إلى الناتج المحلي للولايات المتّحدة 144 في المئة، وبلغت في المملكة المتحدة 139 في المئة بحسب إحصاءات البنك الدولي، بينما بلغت في الأسواق الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 133 في المئة تقديراً. وحدّد التقرير نسبة القيمة السوقية إلى الناتج المحلي للسوق السعودية ب 133.1 في المئة نهاية 2007، وهي تتماشى تقريباً مع الأسواق العالمية على رغم النمو الكبير المتوقّع في المنطقة. لكن خلال 2008، هبطت السوق بنسبة 59.9 في المئة منذ بداية العام مع وصول المعدل الآن إلى 52.8 في المئة، ما يشير إلى فرصة مذهلة لدخول السوق وتحقيق مكاسب طويلة الأجل. ومن الأسواق التي تأثّرت أيضاً تأثّراً بالغاً سوق -الأوراق المالية المصرية، إذ تراجعت قيمتها السوقية 62.0 في المئة منذ بداية العام مقارنة بنهاية 2007. وتبلغ حالياً نحو 59 في المئة من الناتج المحلي ل 2008. وتعتبر النسبة الحالية للقيمة السوقية في المنطقة إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة للغاية، كما تبلغ بعض النسب في الاقتصادات الكبرى في المنطقة نصف النسب المسجّلة نهاية 2007، ما يعني أنه يجب أن"نضع أموالنا في الأسهم غداً"، بحسب تقرير"جلوبل"، لَكنَّ الأمر يستدعي التفكير. ويفيد التقرير أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط الخام لم يشكل كارثة. وستظل غالبية الموازنات الحكومية وبرامج الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط مستمرّة ما لم تهبط أسعار برميل النفط إلى ما دون 50 دولاراً. ويستبعد تماماً أن تواصل الأسعار انخفاضها إلى أدنى من 50 دولاراً، لأن الطلب العالمي على النفط مستمر في الارتفاع، في حين بقي العرض ثابتاً إلى حد كبير. وقد ادخرت حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا احتياطات مالية ضخمة، يمكن أن توجهها إلى دعم النمو الإقليمي، إذا ساءت التوّقعات المستقبلية. وادّخرت حكومات المنطقة 70 في المئة من فائض إيرادات النفط خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتجاوز حجم صناديق الثروة السيادية التي تمتلكها دول منطقةِ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1.5 تريليون دولار. لذلك، لا يرجح تقرير"جلوبل"أن يتأثر النمو الاقتصادي لدول المنطقة وتمويل المشاريع فيها. وعلى رغم ثبات حقيقة أنّ اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تأثّرت، فيرجّح التقرير أنّ العوامل الأساسية للنمو لم تتغيّر تغيّراً كبيراً، وينبغي أن يساعد ذلك السوق على تجاوز الهبوط الذي شهدته. وفي أعقاب موجة عمليات البيع الأخيرة، يجرى تداول الأسهم في الأسواق الإقليمية عند مستويات جذّابة. ومعروف أنّ العائدات القصوى تتحقق عندما تتم الاستثمارات في الأوقات الصعبة، فقط عندما تكون الأسواق قد أوْشكت على العودة إلى الارتفاع. وتهيّئ الظروف الحالية إحدى هذه الفرص، ويرجح أن يحقق المستثمرون الذين يمتلكون الشجاعة لدخول السوق الآن، أعلى الأرباح.