ناشد الرئيس الباكستاني آصف زرداري الهند التعاون معه لمحاربة الجماعة الإسلامية المعروفة باسم"عسكر طيبة"وغيرها من الجماعات المتطرفة لأنها قد تشعل حرباً لا تريدها إسلام آباد. وأكد أنه يقاتل هذه الجماعة التي نفذت الهجوم الإرهابي في مومباي، محذراً من أنه قد يضطر إلى نقل قواته من الجبهة مع أفغانستان، حيث تقاتل حركة"طالبان"للتصدي لأي هجوم هندي. "فاينانشال تايمز". الواقع أن تجربة الهند مع المسلمين والإسلام تختلف عن تجربة أي دولة أخرى. عشية استقلالها عن بريطانيا انفصلت النخبة الإسلامية، بقيادة محمد علي جناح، عن النخبة الهندوسية وكان الطرفان يناضلان، بزعامة المهاتما غاندي، من أجل الاستقلال. سعى المسلمون إلى الانفصال وتأسيس دولة على أساس ديني. حصلوا على ما أرادوا بعد معارك راح ضحيتها الآلاف. انقسمت العائلات والقرى والمدن. قتل أحد المتطرفين الهندوس غاندي لأنه"خائن". لكن بقي مسلمو الهند أكثر عدداً من مسلمي باكستان 150 مليون نسمة الآن. الصفاء الديني لم ينقذ باكستان من حروب داخلية ما زالت مستمرة منذ ذلك التاريخ 1947، ولا أنقذها من الديكتاتوريات العسكرية والحزبية المتناحرة باسم الدين، في حين استطاعت الهند المحافظة على ديموقراطيتها وتطويرها، على رغم الفقر الهائل وتعدد الإثنيات والقبائل، وأكثر من ثلاثمئة لغة. لم تكف باكستان عن استخدام الدين ذريعة وحجة في خلافاتها مع الهند. بهذه الذريعة خاضت حربين مدمرتين مع نيودلهي. وبتوهمها أن قوتها تنبع من صفاء هويتها شكلت استخباراتها، بدعم من الاستخبارات الأميركية، شبكة من المجاهدين امتدت إلى الشرق الأوسط لمحاربة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان والتصدي للشيوعية. وتحت شعارات إسلامية أسست مدارس خرّجت حركة"طالبان"التي انقلبت على الحكم الأفغاني، وأتاحت لتنظيم"القاعدة"موقعاً فريداً لتدريب الإرهابيين على السلاح والحقد على كل ما له علاقة بالعصر، سعياً للعودة إلى تاريخ متخيل. تاريخ مضى بأمجاده وانكساراته وتقدمه وتخلفه ولن يعود. قد تكون علاقة باكستان بالجهاديين انكشفت، بعدما أصبحت عبئاً عليها وعلى حلفائها، لكنها لم تصل إلى نهايتها بعد. هم جزء من تركيبتها السياسية. استخدمتهم في حروبها في شبه القارة، وصدرتهم إلى الخارج. وأصبحت سيطرتها عليهم مستحيلة. شنوا خلال العام الماضي هجمات انتحارية في إسلام آباد والمدن الأخرى أكثر من الهجمات التي شهدها العراق. قتلوا مئات الباكستانيين وأكثر من ألف جندي. وقد تثير عملياتهم حرباً كامنة بين الهندوس والمسلمين. الرهان على الديموقراطية الهندية لوقفها. نشر في العدد: 16678 ت.م: 02-12-2008 ص: 15 ط: الرياض