سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عقيد "أسمر" في الجيش الأميركي ل "الحياة": أريد أن أنظر بفخر في المرآة . أقبلوا على صناديق الاقتراع مبكراً في فرجينيا لإيصال أول مرشح "أفريقي" الى البيت الأبيض
"آمالي كلّها معلّقة بنهار الانتخابات يوم الثلثاء"، هكذا لخص ل"الحياة"مايكل وليامز العقيد في البحرية الأميركية الأفريقي الأصل، شعوره لدى توجهه الى مركز الاقتراع في ولاية فرجينيا من أجل التصويت في الانتخابات المبكرة، مرتدياً قميصاً يحمل صورة أوباما. وأضاف:"لم أكن أحلم بهذا اليوم، ولكن الحلم تحول حقيقة"، حقيقة حاربت من أجلها طويلاً الأقلية الأفريقية - الأميركية التي استعبدت لقرون وتقترب اليوم من كرسي الرئاسة. فرجينيا، مسقط رأس وليامز، هي من الولايات الي يسمح لسكانها بالتصويت المبكر 45 يوماً قبل موعد الانتخابات. وشجعت حملة المرشح الديموقراطي باراك أوباما الأميركيين على الاشتراك في الانتخابات المبكرة لرفع نسبة المنتخبين التي لا تتعدى عادة الخمسين في المئة من الأميركيين، لأسباب عدة من بينها أن الانتخابات تقع في يوم عمل اعتيادي، إضافة الى أن صفوف الناخبين أمام صناديق الاقتراع تضم المئات، مما يخفف عزيمة بعض الراغبين بالانتخاب. وصور أوباما العديد من الإعلانات الترويجية يحض فيها على الانتخاب المبكر، موضحاً أن"هذه انتخابات تاريخية تفرض على جميع الأميركيين المشاركة". تاريخياً، لم تتجاوز مشاركة الأفريقيين الأميركيين نسبة 12 في المئة في الانتخابات الرئاسية، لكن مساعدين في حملة المرشح الديموقراطي أشاروا الى ارتفاع بسيط في هذه النسبة، معتبرين ان الحض المتواصل على المشاركة في الانتخابات المبكرة قد يغير معالم النتائج في أكثر من عشر ولايات حاسمة مثل فرجينيا وميسوري وفلوريدا وبنسلفانيا وكارولينا الشمالية حيث يرتفع عدد الأفريقيين الأميركيين. وتشكل الأقلية 12.3 في المئة من عدد الأميركيين، وهم بمعظمهم من الطبقة الوسطى أو المتدنية الدخل وأكثرهم موال للحزب الديموقراطي. ويعود سبب تراجع نسبة المنتخبين الأفريقيين الأميركيين الى هويتهم الرافضة للبنية السياسة المؤلفة في غالبيتها من نخبة تنتمي الى العرق الأبيض، علماً أن قانون حق التصويت للسود في كل الولايات لم يسر مفعوله حتى أواخر الستينات. لكن نسبة المشاركة الأفريقية -الأميركية في مختلف الدوائر الحكومية ما زالت ضئيلة، إذ لم تستأثر هذه الشريحة سوى بواحد في المئة من مقاعد مجلس الشيوخ الأميركي منذ الستينات الى الآن، والنسبة ذاتها لم تزد على 9 في المئة في مجلس النواب. رفض هيمنة البيض وقال سولون سيمونز المحلل السياسي والمحاضر في مركز تحليل النزاعات في جامعة جورج مايسون ل"الحياة"ان"التراث الأفريقي الأميركي رافض لهيمنة البيض، لذا نرى ارتفاعاً في نسبة الأشخاص المنتمين الى العرق الأفريقي الذين ينحرفون نحو العصابات وأعمال الشغب. لكن هذه الانتخابات تاريخية لأنها قد تشكل في حال فوز أوباما تغييراً جذرياً في معالم هذا التراث وتضع الأفريقيين - الأميركيين على رأس الحكم في قلب البنية السياسية التي لطالما رفضوها". يتحدث العقيد وليامز، عن تداعيات هذه الانتخابات في المجتمع الأفريقي الأميركي ويرى فيها"تجربة نوعية تغير تفكير كل مواطن أسود في الولاياتالمتحدة". ويضيف:"في حال فوز أوباما، لن ينظر الناس الى لون بشرتي ويحسبونني أنني أنتمي الى عصابة معينة عندما أذهب الى السوق أو أتجول في الشارع، بل سينظرون الى بشرتي ويتذكرون رئيس الولاياتالمتحدة". ويبدي وليامز اعتزازاً ممزوجاً بالخوف،"فأنا لا أريد أن تتكرر التجربة الرئاسية التي عانى منها الشعب الأميركي عام 2000 بين جورج بوش وآل غور". ثم يخرج من حقيبته صوراً له مع أولاد عراقيين ويقول:"أنا شاركت في الحرب وأمضيت ستة أشهر في العراق في عام 2003. ذهبت الى العراق لأخدم بلدي. لكنني أعرف الآن أن الوقت حان لإنهاء هذه الحرب. أوباما فقط يمكن أن ينهيها ليس فقط لأنني أؤمن بذلك، بل لأن المجتمع العالمي يؤمن بذلك". الصعود السياسي لأوباما هو مصدر وحي للأقليات في الولاياتالمتحدة، وتجمعاته تضم فئات متفاوتة الأعمار، بعضهم في العقد الخمسين، التقت"الحياة"عدداً منهم على هامش تجمع للمرشح الديموقراطي. وقال أحد الكبار في السن:"ذهبت لمشاهدة خطاب أوباما في المؤتمر السنوي للرابطة الوطنية للنهوض بالملونين في أوهايو. انتظرته لأكثر من أربع ساعات حتى أراه. الجميع كان يسألني إذا كانت قدماي تؤلماني، لكنني كنت أخبرهم بأن جسدي انتظر هذه اللحظة طيلة حياتي ولن أكترث الآن بآلام جسدية". وكان المؤتمر السنوي للرابطة الوطنية للنهوض بالملونين الذي عقد في سينسيناتي أوهايو في تموز يوليو 2008، استقبل كلا المرشحين الديموقراطي والجمهوري لعرض برنامجهم الانتخابي، لكن التأييد الجماهيري كان متفاوتاً في شكل ملحوظ إذ استقطب أوباما ما يناهز الأربعة آلاف مشاهد في مقابل 500 لمنافسه الجمهوري جون ماكين. وشكّل المؤتمر تغييراً نوعياً في نظرة بعض الأفريقيين الأميركيين لأوباما الذين كانوا يعتبرونه بأنه ليس"فعلياً أسود"ذلك ان والدته من العرق الأبيض ووالده كيني، لم ينتم الى الأفارقة الأميركيين الذين عاشوا العبودية وناضلوا من أجل حقوقهم المدنية. يتحفظ العقيد وليامز لدى سؤاله عن موقفه من المرشح الجمهوري خصوصاً أنهما يتشاركان تجربة خدمة وطنهما في أوقات الحرب ذلك أن ماكين كان طياراً في سلاح البحرية الأميركي خلال حرب فيتنام وأسر في هانوي لخمس سنوات. ويقول وليامز:"أنا أحترم السناتور جون ماكين وتجربته العسكرية وخدمته للوطن. لكن هذه الانتخابات هي انتخابات تغييرية وأنا أريد رئيساً يجعلني اشعر بفخر كل صباح عندما أنظر في المرآة".