بعد انتهاء المناظرة الرئاسية الأخيرة، اتجهت أنظار كل من المرشح الديموقراطي للرئاسة باراك اوباما ومنافسه الجمهوري جون ماكين الى الخريطة الانتخابية للولايات الأميركية والتي يبدو للوهلة الأولى انها تميل الى الديموقراطيين قبل أسبوعين من الانتخابات في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وعكس موقع"ريل كلير بوليتيكس"المعدل العام لاستطلاعات الرأي، مسجلاً تقدم اوباما على ماكين بنسبة 49،5 في المئة في مقابل 43،2 في المئة. وهذا لا يكفي ليضمن اوباما وصوله الى البيت الأبيض، لأن الديموقراطيين يفوزون عادة بالأصوات الشعبية ويخسرون لدى احتساب أصوات الكليات الهيئات الانتخابية، لكن ماكين يجد نفسه هذه المرة مضطراً الى الدفاع عن الولايات الجمهورية التي كسبها الرئيس الحالي جورج بوش عام 2004 حين فاز على منافسه جون كيري ب 286 كلية في مقابل 252. وبحسب"ريل كلير بوليتيكس"يحظى اوباما بتأييد 286 كلية انتخابية في مقابل 155 لماكين في الولايات المضمونة لكل مرشح، ما يعني ان اوباما تجاوز الحد الأدنى المطلوب للفوز وهو 270 كلية. وتبقى بعض الولايات التي تميل ديمقراطياً وهي نيو مكسيكو ومينيسوتا وكولورادو وفرجينيا، فيما تميل جورجيا في الجنوب الى الجمهوريين. اما الولايات غير المحسومة بعد فهي اوهايو 3،2 في المئة لمصلحة اوباما وانديانا 3،8 في المئة لماكين وميسوري 2،5 في المئة لاوباما و"وويست فرجينيا"1،5 في المئة لمكاين وفلورديا 3.2 في المئة لاوباما ونورث كارولينا 1،2 في المئة لاوباما ونيفادا 4.2 في المئة لاوباما ونورث داكوتا 6،7 في المئة لاوباما. وتصدر المرشح الديموقراطي بسهولة الأسبوع الماضي، في واشنطن وويسكونسن بعد منافسة محتدمة مع ماكين في المرحلة السابقة. وقال كبير مستشاري حملة اوباما ديفيد اكسلرود لصحيفة"نيويورك تايمز"أخيراً:"اردنا تحطيم الافتراضات القديمة حول الولايات الحمراء والزرقاء". وأضاف:"كنا عالقين في الصيغة المملة حيث ثلاث ولايات تقرر الانتخابات"اوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا، معرباً عن قلقه من ان ولاية مثل بنسلفانيا قد يتغير اتجاهها في ايام كما حدث في نيو هامبشير في الانتخابات التمهيدية امام هيلاري كلينتون. وكشف موقع"بوليتيكو"ان اوباما يتقدم في اربع مقاطعات ريفية يفوز الجمهوريون تاريخياً فيها هي: باكس في بنسلفانيا وسانت لويس في ميسوري وبرينس وليامز في فرجينيا وفرانكلين في اوهايو. ويرى الموقع ان أصوات الناخب المستقل هي التي حسمت الأمر لاوباما في هذه المقاطعات الحساسة التي تعطي صورة عن اتجاه التصويت في هذه الولايات الحاسمة. وتمكن اوباما بحلول نهاية الأسبوع الماضي من استقطاب 100 الف مناصر في مهرجانه في سانت لويس بحسب الشرطة المحلية، وهو رقم قياسي يتجاوز عدد من حضر حفلة قبول ترشيح حزبه رسمياً في مدينة دنفر في آب أغسطس الماضي. ويصعب التكهن بما قد يجري في الرابع من تشرين الثاني، لان طبيعة ترشيح اوباما كأول افريقي - اميركي غير مسبوقة لبناء تجارب عليها، والسبب الثاني هو قدرة هذا المرشح الديموقراطي على تجنيد نسبة كبيرة من الناخبين الجدد لا سيما بين الشباب والأفارقة الأميركيين، ما يؤدي الى تغيير نوعي في الخريطة التقليدية خصوصاً عما كانت عليه في عامي 2000 و2004. ويتجه اوباما حتى الى تحطيم الرقم القياسي للأصوات الجمهورية الجديدة التي حصل عليها بوش قبل اربع سنوات. وتمكن اوباما من تأمين غالبية أصوات الآليات الاخرى مثل العرب الاميركيين واليهود الاميركيين، والاهم، الأصوات ذات الأصول اللاتينية التي تحسم الولايات الغربية، وهي تصب حالياً لمصلحة اوباما خوفاً من سياسات الهجرة لدى الجمهوريين، بعدما كانت تؤيد بوش قبل اربع سنوات. ولا تشمل معظم استطلاعات الرأي من لديه هواتف نقالة بل تركز فقط على من لديه هواتف ثابتة، ومعظم الشباب الأميركي هذه الأيام ليست لديه هواتف ثابتة. على سبيل المثال، تقول استطلاعات الرأي ان اوباما يتقدم على ماكين بفارق 4 نقاط في ولاية اوهايو، لكن حصيلة الانتخاب المبكر الذي بدأ الأسبوع الماضي، يشير حتى الآن الى تقدم اوباما بفارق 18 نقطة في صناديق الاقتراع. ومن يصوت مبكراً عادة هم الحزبيون وكبار السن، بينما المتردد في صوته سينتظر على الأرجح الى آخر يوم اي 4 تشرين الثاني المقبل. ويعمل ماكين في هذه المرحلة على تحسين صورته في السياسة الاقتصادية ما قد يساعده على تقليص الفارق في الشوط الأخير من السباق الرئاسي، وهو يحاول الآن التمسك بكل الولايات التي فاز بها بوش قبل اربع سنوات، وهي مهمة صعبة في ضوء استطلاعات الرأي لا سيما في فرجينيا، على ان يزيد عليها نيو هامبشير كي يحافظ على حظوظه الرئاسية. لكن حتى هذا الأمر قد لا يكون كافياً في انتخابات يعتقد الكثيرون انها حسمت سلفاً بعد انهيار"وول ستريت".