شيع عشرات من أهالي الديوانية أمس جثمان محافظ القادسية خليل جليل حمزة وقائد شرطتها خالد حسين عبد وثلاثة من حراسهما، بعد يوم على اغتيالهم في هجوم بسلسلة عبوات، في حين استنفرت ميليشيا"جيش المهدي"الموالي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر عناصرها، تحسباً لحملة ضدها في حال اتهامها بالوقوف وراء هذه الاغتيالات التي أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بإجراء تحقيق فيها. إلا أن الرئيس العراقي جلال طالباني استبق نتائج هذا التحقيق، وألمح إلى تورط"القاعدة في بلاد الرافدين". وأوضح بيان صادر عن المكتب الاعلامي للمالكي:"تلقينا ببالغ الأسى والحزن نبأ استشهاد محافظ الديوانية خليل جليل حمزة وقائد الشرطة اللواء خالد حسين عبد ومرافقيهما في انفجار عبوة". وأضاف:"أصدرنا الاوامر للجهات المعنية باجراء التحقيقات اللازمة للكشف عن ملابسات الحادث الاجرامي واعتقال منفذي هذه الجريمة البشعة واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل". ودعا البيان"جميع أهالي المدينة الى التزام الحيطة والحذر في التعاطي مع هذه الفتنة التي تهدف الى زعزعة الامن والاستقرار". وطالب المالكي في بيانه قوات الجيش والشرطة"بالتصدي بكل حزم وقوة لكل من يحاول استغلال هذه العملية الارهابية". وكان محافظ القادسية ومدير شرطتها قُتلا مع ثلاثة من حراسهما وأُصيب عشرات آخرون اثر انفجار عبوات استهدفت موكبهما جنوب مدينة الديوانية أول من أمس. كما استنكر الرئيس العراقي جلال طالباني عملية الاغتيال واعتبرها"عملاً ارهابياً جباناً". وجاء في بيان أصدره مكتب طالباني:"ببالغ الأسى والحزن، صُدمنا بالجريمة البشعة التي ارتكبها الارهابيون في مدينة الديوانية، وأدت إلى استشهاد المحافظ خليل جليل حمزة وقائد الشرطة اللواء خالد حسن عبد وعدد من الأبرياء". واعتبر البيان أن الجريمة"تعكس أفكاراً سوداء وعقائد دموية لاصحابها، إذ استهدفوا المناطق الآمنة من بلادنا بعدما حوصروا وطردوا من بغداد والانبار غرب وديالى شمال شرق وسامراء شمال"، في اشارة الى تنظيم"القاعدة في بلاد الرافدين". وأضاف البيان:"نستنكر وبشدة هذا العمل الارهابي الجبان، ونشدّ على أيدي أبناء العراق للوقوف يداً واحدة ضد قوى الشر والارهاب، وعدم الانجرار خلف المخططات الخبيثة التي تغذي الفتنة وتسعى إلى جر العراق الى ما لا يحمد عقباه". وكانت تقارير صحافية وضعت الحادث في إطار الصراع بين ميليشيا"جيش المهدي"الموالي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، و"المجلس الإسلامي الأعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم. وشارك مسؤولون محليون في تشييع القتلى، وتوجهوا تحت حراسة مشددة الى مقبرة وادي السلام في مدينة النجف لدفن الضحايا الذين كانوا يسلكون طريق الديوانية - عفك لحضور مجلس فاتحة أحد شيوخ عشائر عفك عندما وقعت الانفجارات المتزامنة. وقالت مصادر أمنية إن التحقيقات في الحادث لم تسفر عن نتائج ملموسة، وإن كانت أصابع الاتهام توجه الى"جيش المهدي"الذي خاض صراعاً دامياً مع شرطة المدينة والقوات الاميركية خلال الاشهر الماضية، أسفر عن مقتل وجرح عشرات من الجانبين، وحمّل محافظ القادسية مسؤوليته. كما أن محافظ الديوانية أحد أعضاء"المجلس الاعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم، ويتهمه التيار الصدري بتجنيد أعضاء منظمة"بدر"الجناح العسكري ل"المجلس الاعلى"في الشرطة. وأصدر"المجلس الاعلى"بياناً شديد اللهجة دان فيه حادثة الاغتيال ووصف منفذيها ب"العصابة المجرمة"، ودعا الى ملاحقتهم والاقتصاص منهم من دون أن يتهم أي جهة بالتورط في الحادث. وكانت محافظة القادسية وعاصمتها الديوانية تسلمت ملفها الامني باكراً، وشهدت معارك طاحنة خلال الاشهر الماضية وفُرض عليها حظر تجول مرات على خلفية تلك المعارك. كما فرضت الشرطة ليل أول من أمس حظراً جديداً على السيارات ما زال ساري المفعول. "جيش المهدي" وأعلن"جيش المهدي"في مدينتي النجف والديوانية حالة استنفار قصوى بين صفوفه بعد اعتقال أحد قادته القريبين من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في عملية إنزال أميركية فجر أمس. وأوضح الناطق الاعلامي باسم مكتب الصدر في الديوانية الشيخ"أبو زينب"ل"الحياة":"اننا على يقين بأن القوات الأميركية والعراقية ستقوم بحملة مضادة ضد قادة التيار الصدري وعناصر جيش المهدي والصاق التهمة بنا". وأضاف أن"كل حادث من هذا النوع نجد أنفسنا متهمين بتنفيذه، وعمليات النسر الاسود كان الاعلان عنها لغرض اعتقال اعداد من البعثيين والمجرمين، لكنها كانت تستهدف أئمة الجمعة والفضلاء من التيار الصدري". وأشار الى أن مقتل محافظ الديوانية وقائد شرطتها سيكون ذريعة"لاعتقال أبناء الخط الصدري". وكانت قوة أميركية نفذت عملية انزال على منزل الشيخ فؤاد الطرفي الغزي في حي نيسان شمال النجف واعتقلته. وأكدت مصادر في قيادة"جيش المهدي"أن الصدر غادر الى ايران منذ أسبوع، إلا أنه ظل قريباً من قياداته. وقالت هذه المصادر إن الصدر شعر بالخطر المحدق به، وخصوصاً أن هناك خطة لتصفيته وقيادات"جيش المهدي"، مشيرة الى ضغوط مارسها كبار أتباعه عليه لعلمهم بأن الاستخبارات العسكرية الأميركية تتعقبه باتفاق مع أطراف في حكومة المالكي". وأفادت مصادر عسكرية عراقية أن"جيش المهدي"يشكل الآن مصدر خطر على القوات الأميركية، كونه بات مصدر أكثر الهجمات عليه، وليس المتمردين السنة. وقالت هذه المصادر إن أتباع الصدر في بغداد وحدها أكثر من مليونين، وخصوصاً أن مدينة الصدر تشكل"أكبر قلعة لمؤيدي هذا التيار"، لافتة إلى أن حكومة المالكي تخشى كثيراً من انفلات الوضع الأمني في مدينة الصدر، ما يعني انهيار الشرطة التي يشكل الصدريون"عمودها الفقري"، على رغم محاولات التطهير المتواصلة في هذا الجهاز.