اختتم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زيارته إلى ليبيا أمس، فيما احتجت طرابلس رسمياً أمس على إصدار الرئيس البلغاري غورغي بارفانوف عفواً عن مواطنيه الستة المتهمين بنقل فيروس الايدز إلى مئات الأطفال الليبيين، بعدما وافقت على ترحيلهم الأسبوع الماضي لاستكمال عقوبة السجن المؤبد في بلادهم، واعتبرته انتهاكاً للاتفاق بين البلدين. لكن صوفيا دافعت عن قرار العفو، مؤكدة أنه"قانوني تماماً". وجاء الاحتجاج الرسمي الليبي بعدما دانت أسر الأطفال المصابين"استهتار"بلغاريا، ودعت طرابلس إلى قطع العلاقات مع صوفيا وترحيل جميع البلغار، كما طالبت الشرطة الدولية بأن تعتقل الطبيب والممرضات مرة أخرى. وقال مسؤول في طرابلس طلب عدم كشف اسمه إن"العفو الذي منحته السلطات البلغارية للممرضات والطبيب هو خرق صريح للاتفاق"الذي وقعه البلدان الاثنين الماضي لترحيل المتهمين. واستدعت ليبيا القائم بالأعمال في السفارة البلغارية في طرابلس واحتجت على عدم احترام صوفيا اتفاق الاسترداد ومنح العفو للممرضات والطبيب. وقالت وزارة الخارجية البلغارية إنها تلقت مذكرة احتجاج رسمي قالت فيها ليبيا إن بلغاريا أخلت باتفاق تبادل السجناء الموقع بين البلدين في العام 1984. وقال رئيس الوزراء سيرجي ستانيشيف إن الخارجية سترد على طرابلس وتوضح أنها لم تخرق الاتفاق. ونقلت وكالة محليه عنه قوله:"يمكن تفهم أن ليبيا تتصرف تحت ضغوط من أسر المصابين... قرار بلغاريا مبرر وعادل". وأشار مصدر ديبلوماسي إلى أن ليبيا كانت ترمي إلى أن يقضي الطبيب والممرضات بقية عقوباتهم بعد ترحيلهم، وأنها ألمحت إلى بند في معاهدة تبادل السجناء بهذا المعنى. لكن كبير المدعين البلغاري بوريس فيلتشيف قال إن العفو قانوني. وأضاف:"يوجد أيضاً بند ينص على معاملة السجناء بموجب قانون الدولة المضيفة بمجرد نقلهم. العفو تم بشكل قانوني. ولا توجد أي مشاكل قانونية". من جهة أخرى، وصل أمس إلى طرابلس الوزير البريطاني المنتدب المكلف الشرق الأوسط كيم هاولز في زيارة تستغرق 24 ساعة. وأعلن هاولز للصحافيين أنه سيجري محادثات مع رئيس الوزراء البغدادي المحمودي ووزير الخارجية عبدالرحمن شلقم. وأضاف أن تسوية قضية البلغار"تفتح المجال لتعاون أفضل بين ليبيا وأوروبا". وأوضح أن زيارته تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية. وتزامنت زيارة هاولز مع انتهاء زيارة الرئيس الفرنسي الذي غادر طرابلس أمس متوجهاً إلى دكار، في ختام زيارة استمرت أقل من 24 ساعة التقى خلالها العقيد معمر القذافي، ووقعا اتفاق شراكة في مجال التصنيع العسكري ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة النووية. وكان ساركوزي وصل إلى طرابلس غداة الافراج عن الممرضات والطبيب البلغار، ووقع مع القذافي اتفاقاً ينص على تزويد ليبيا بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر، إضافة الى"اتفاق إطار لشراكة شاملة"في قطاعات الصحة والتعليم والهجرة ومكافحة الارهاب، واتفاق عسكري. وكان ساركوزي شارك شخصياً مع زوجته سيسيليا في إنهاء هذه القضية التي سممت طوال ثمانية أعوام العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وطرابلس. وجاءت زيارته القصيرة إلى ليبيا"لمساعدتها على العودة"إلى الأسرة الدولية. وأكد البلدان في بيان مشترك"إرادتهما في إعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية وبناء شراكة استراتيجية". وذكرت وكالة الأنباء الليبية أن ساركوزي بحث مع القذافي في مشروعه إقامة وحدة متوسطية، وأكد دعم فرنسا لقيام"الولاياتالمتحدة الأفريقية". وأكد الرئيس الفرنسي أنه"ليست هناك أي علاقة"بين تسليم ليبيا مفاعل نووي والإفراج عن البلغار. ورداً على سؤال في هذا الشأن خلال لقاء غير رسمي مع صحافيين لمناسبة زيارته ليبيا، أجاب ساركوزي:"ليست هناك أي علاقة". وأضاف أن"الصلة الوحيدة هي أنه لو لم يتم الافراج عن الممرضات لما جئت"إلى ليبيا. وأشار إلى أن بلاده ستقوم بأبحاث مع الليبيين"لمعرفة ما إذا كانت هناك ثروات من المواد الأولية لبرنامج نووي عسكري في ليبيا"، خصوصاً أن مجموعة"اريفا"النووية الفرنسية"تحتاج إلى اليورانيوم". وفي باريس، أثار بروتوكول التعاون النووي الذي وقعه ساركوزي احتجاجات جمعيات وأحزاب يسارية وصفته بأنه"غير مسؤول"ويمهد الطريق أمام حيازة ليبيا السلاح النووي. وندد تجمع منظمات"الخروج من النووي"ب"الحيلة"، وقال:"بذريعة مساعدة ليبيا على العودة إلى المجتمع الدولي، وقع الرئيس الفرنسي اتفاقاً يسلم بموجبه مفاعلاً نووياً إلى الديكتاتور الليبي". وأضاف:"لا يمكن الفصل بين الطاقة النووية السلمية وتلك العسكرية"، معتبراً أن"تسليم مفاعل نووي سلمي إلى ليبيا يعني مساعدة هذا البلد على امتلاك السلاح الذري عاجلاً أم آجلاً".